البرلمان.. أمام امتحان
ميزانية العام 2018 المطروحة أمام البرلمان هذه الأيام، ميزانية معطوبة ومعيوبة، ويتوجب على المجلس الوطني إسقاط الكثير من بنودها، دون أدنى انتباه لتصريحات النائب السابق لرئيس الجمهورية عضو المجلس “الحاج آدم يوسف” الذي قال: (لن نعدلها.. وهذا مبلغ استطاعتنا) !!
وإذا كان هذا مبلغ استطاعتك ولن تعدلها، فما قيمة مجلسك هذا يا دكتور؟ ولِمَ جاءت الميزانية أصلاً من مجلس الوزراء؟! ألم يكن أجدى وأنفع لكم، لا للشعب طبعاً، وكسباً للوقت أن يكتفي البرلمان بإجازة مجلس الحكومة.. أم أنها أعمال ديكورية فحسب ؟!
كيف تملك وزير المالية الجنرال الدكتور “الركابي” كل هذه الجرأة ليقرر فجأة رفع سعر صرف الدولار الرسمي من (8) جنيهات إلى (18) جنيهاً.. دفعة واحدة ؟! في أي بلد يحدث هذا ؟!
حتى في السوق السوداء في أي بلد في العالم، لا يرتفع سعر الدولار (10) جنيهات في ساعة واحدة بقرار واحد !!
يضم البرلمان في عضويته العشرات من دكاترة الاقتصاد وأساتذة علوم الحساب، ولا شك أنهم دهشوا حد الدهشة، وفزعوا حد الفزع، أن قرأوا أن وزير المالية وأركان حربه بحثوا.. ودرسوا.. ونقبوا.. وشاوروا.. فلم يجدوا خياراً غير رفع سعر صرف الدولار إلى (18) جنيهاً، ليرتفع تبعاً له الدولار الجمركي، وتعلمون أن غالبية السلع التي تملأ أسواقنا مستوردة من معجون الأسنان وفرشاتها.. إلى الملابس و(الملايات).. وكبابي الشاي والموية والملاعق.. إلى صنابير المياه وأحواض الغسيل.. إلى اللمبات ومفاتيحها وجميع أدوات الكهرباء، ولن نذكر طبعاً السيارات والأثاثات وقائمة الكماليات الطويلة !
كان يمكن توحيد سعر الصرف بين الرسمي والموازي إذا كان الفارق بينهما جنيهين أو ثلاثة جنيهات، كما فعلت الحكومة المصرية العام الماضي ونجحت في خطتها بدأب خبراتها وجهد طاقمها الاقتصادي الفطن، فتراجع سعر صرف الدولار في “مصر” من (20) جنيهاً في يناير من هذا العام 2017، إلى (17.5) هذا الشهر !!
أما أن تظل وزارة ماليتنا متفرجة على دولارنا يتصاعد ويقفز بالزانة في السوق الموازية خلال أيام معدودات من (20) إلى (26) جنيهاً، بينما يبقى السعر الرسمي في (6.5) جنيهات، ثم فجأة تقرر الحكومة تقريب الشقة الهائلة بقرار واحد يختصر مسيرة عامين من التدهور المستمر، فهذا لعب بالنار وقفزة في الظلام.
البرلمان اليوم أمام مسؤولية تأريخية.. إما أن يكون مجلساً للرقابة والتعديل والتصويب، مجلساً للمسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية، وهنا لابد أن نحيي نائب رئيس البرلمان السيدة “عائشة محمد صالح” من الحزب (الاتحادي الأصل) التي قالت لـ(المجهر) أمس: (إنها ميزانية لا تحتمل)، نقول إما أن يكون مجلساً حقيقياً أو يكون مجلساً ديكورياً و(تمومة جرتق) لمؤسسات الجهاز التنفيذي.
هي ميزانية كارثية.. بكل الحسابات.