أخبار

الانسحاب المخزي

لم يقدم المؤتمر الشعبي، حيثيات مقنعة للرأي العام ولا للشعبي نفسه تجعله يخرج من حلبة التنافس في انتخابات المحامين المزمع إجرائها، وانسحب الشعبي من السباق قبل صافرة الانطلاق.. وكذلك فعل حزب المؤتمر السوداني الذي يعتبر أكثر أحزاب المعارضة فاعلية ونشاطاً في الساحة، لكنه آثر الخروج من السباق نحو قيادة أهم نقابة أو قل النقابة الوحيدة بعد أن اختارت القطاعات المهنية الأخرى تسمية واجهاتها النقابية باسم (الاتحادات).
وكان حرياً بحزب المؤتمر الشعبي الذي ساهم في نجاح الحوار الوطني وخاض تجربة مشاركة في السُلطة لم يحن بعد موعد تقييمها يكشف حساب الربح والخسارة للحزب والوطن معاً.. ولكن اختار في أول مران ديمقراطي في منتصف الفترة الانتقالية الحالية وقبل أقل من عامين للسباق الانتخابي والرئاسي أن يعود الشعبي لسلبية المقاطعة التي اتخذتها أحزابنا للهروب من مواجهة حقيقة أن هذه الأحزاب لا نصيب لها في بنك الناخبين يؤهلها لبلوغ مقاصدها وأهدافها، فالشعبي لم يجد غير دمغ المهندس “إبراهيم محمود” نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني بالشمولية والتنصل عن استحقاقات الحوار الوطني وهي عبارات مفخخة من غير تحديد دقيق عن ماذا تتمثل شمولية “إبراهيم محمود” الذي أعلن حزبه قائمته لخوض الانتخابات، ولم يعلن “إبراهيم محمود” عن تعيين نقابة المحامين، لأن ذلك ليس من اختصاصات ولا سُلطاته.. فماذا جنى “إبراهيم محمود” حتى يدمغ بالشمولية وما هي نصوص مؤتمر الحوار التي لم يلتزم بها من جهة الانتخابات النقابية؟ وهل كان المؤتمر الشعبي ينتظر أن يسمى الوطني “بارود صندل” أو “أبو بكر عبد الرازق” مرشحاً لمنصب نقيب المحامين، حتى يصبح المؤتمر الوطني و”إبراهيم محمود” ديمقراطياً.. وصادقاً في تنفيذ مقررات الحوار الوطني؟
إذا كان الشعبي الذي يعتبر من الأحزاب ذات الوزن في الساحة يؤثر الهروب من السباق قبل أن يبدأ ولـ”الفاضل الجبوري” نجم الواتساب هذه الأيام تسجيلاً ناقداً لحملة ترشيح الرئيس الشعبية ومطالباً المؤتمر الوطني بالجلوس مع نفسه واختيار مرشحه للرئاسة لوحده.. وربما استفاد الوطني من تسجيلات “الجبوري” وأعلن مرشحه من داره.. والذي تسنده في ذات الوقت أحزاب حكومة الوفاق باستثناء الشعبي.. وفي الجبهة المناوئة للوطني لا يزال الموقف غامضاً لبعض القوى باستثناء حزب الأمة الذي قدم مرشحه الأستاذ “علي قيلوب”.. لمنصب النقيب وهو مرشح خسر قبل بدء السباق أصوات المحامين في حزب المؤتمر السوداني.. وخسر أصوات الاتحادي الديمقراطي الذي تحالف مع المؤتمر الوطني، ولم يبقَ إلا الحزب الشيوعي وحزب البعث وكلاهما يتوجسان من الأستاذ “علي قيلوب” الأنصاري لأن نقابة المحامين في نظر الشيوعي والبعث هي حاضنة دافئة لهما على مر التاريخ قبل أن يتمدد الإسلاميون ويزيحونهما منها منذ ثمانية وعشرين عاماً مضت.
إن انتخابات المحامين ينتظرها الرأي العام باعتبارها مؤشراً لقوة الفائز بمنصب النقيب لما تكون عليه انتخابات 2020م، ولكن القوى التي آثرت الانسحاب خسرت تمريناً هي في أشد الحاجة إليه.. لإعداد نفسها لانتخابات قادمة لا محالة.. ولكن من يقنع المقاطعين بأن يثقوا في أنفسهم.. وهل بالضرورة أن تخوض الانتخابات من أجل تحقيق الانتصار فقط؟ أليس الديمقراطية وقواعدها تتطلب التمرين وإرغام المنافس على اللعب النظيف.. واختيار الحكام المحايدين.. وكيف يتحقق ذلك إذا كانت الأحزاب تواري خيباتها.. وفشلها بالانسحاب من المعركة قبل خوضها؟..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية