تقارير

الدورة المدرسية القومية (27) بكسلا.. نجاح فني وإخفاق إداري

أهداف تربوية ووطنية واجتماعية تحققت وتفاعل أهالي كسلا يبقى العلامة الفارقة
تحويل النشاط إلى (وكالة) أكبر المكاسب ورعاية المبدعين يجب أن تكون من أولويات المسؤولين
رئيس اللجنة العليا يعد بالاستفادة من السلبيات ويشيد برئاسة الجمهورية وحكومة كسلا
تقرير ـ عبد الله أبو وائل
اختتمت الدورة المدرسية القومية رقم (27) بولاية كسلا مساء (الأربعاء) الموافق التاسع والعشرين من نوفمبر الماضي وسط تظاهرة كبيرة وحشود ضاقت بها مدرجات استاد كسلا عصراً، ومقاعد مسرح (تاجوج) مساءً بتشريف فخامة رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” الذي سلّم علم الدورة القادمة لوالي ولاية جنوب دارفور، وقد حفلت الدورة المدرسية الأخيرة بكثير من الإيجابيات وبعض السلبيات التي نحاول الإشارة إليها من خلال التقرير التالي..
{ تحقيق الأهداف الاجتماعية
انطلاقة الدورة المدرسية القومية (27) بولاية كسلا في الثامن عشر من نوفمبر بتشريف النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” كانت إيذاناً بمتابعة المنافسات بين ولايات السودان المختلفة التي حرصت على الوجود بأرض الجمال تحقيقاً لأهداف كثيرة نرى أنها تحققت بنسبة كبيرة ومنها ذلك التلاحم الكبير بين مواطني الولاية وحكومة كسلا من خلال التفاعل الكبير مع الدورة المدرسية، سواء بالمشاركة في حضور البرامج اليومية أو بتفقد البعثات المشاركة وتقديم الخدمات لأفرادها، حيث شهدت معظم أحياء كسلا تفاعل المجتمع مع البرنامج القومي الكبير بتقديم الوجبات لأفراد البعثات، بجانب غسل وكي ملابس الطلاب في مشهد يرى كثيرون أنه يحدث لأول مرة، في إشارة لتحقيق الهدف الاجتماعي الذي نجحت كسلا في تقديمه كنموذج يحتذى به، ويحسب لأهلها الذين تعاملوا بسجيتهم مع ضيوف الولاية. ويضاف لذلك تلك المعاملة التي حظي بها الضيوف من خلال تلك الخدمات المجانية التي قدمت لهم في الأسواق والقهاوي ومراكز شركات الاتصالات، بجانب تخفيض قيمة المشاوير من بعض أصحاب التكاسي الذين قدموا أروع الأمثال وهم يرفضون أخذ مقابل لكثير من المشاوير من بعض الضيوف.
وتفاعل مجتمع كسلا مع الدورة المدرسية ظهر بوضوح من خلال حضور المنافسات الثقافية بأعداد كبيرة فشل اتساع مساحة مسرح تاجوج في استيعابها، كما كانت هنالك مبادرات ومشاركات من جهات عديدة على رأسها رابطة المرأة العاملة بكسلا واتحاد المرأة السودانية واتحاد الصحفيين بكسلا وغيرها من التنظيمات التي حرصت على أن تكون حاضرة بتقديم الوجبات والحلويات والهدايا وغيرها من المبادرات التي تستحق التوقف عندها.
{ الهدف التربوي بحاجة لمراجعة
حرص أفراد البعثات المشاركة في الدورة المدرسية على اصطحاب الأهداف التربوية في التعامل والتنافس ونجحوا بقدر غير يسير في ترجمة ذلك إلى واقع بحرصهم على أداء الصلوات في جماعة وإقامة الندوات والمحاضرات وتبادل الزيارات وغيرها، بجانب المحافظة على الجوانب التربوية داخل الملاعب وخارجها. ويمكن القول إن ذلك الهدف التربوي قد تحقق بصورة متميزة لولا بعض المظاهر السالبة التي صاحبت بعض المباريات، خاصة حادثة الاعتداء على حكم مباراة ولايتي كسلا والنيل الأبيض من بعض منسوبي ولاية (بحر أبيض) في مشهد لا علاقة له بالنهج التربوي الذي من أجله أقيمت مثل تلك المنافسات.
{ التربية الوطنية تعانق عنان السماء
حققت الدورة المدرسية في جانب التربية الوطنية نجاحاً منقطع النظير إذ إن ما تم تقديمه في ذلك المحور نال رضا واستحسان الجميع بمن فيهم أفراد اللجنة العليا، الذين جاءت تصريحاتهم مشيدة بتلك الروح الوطنية التي كانت ديدن جميع من وطئت أقدامهم أرض التاكا، ومما زاد من رضا الحضور مشاركة بعض التنظيمات من الكشافة والمرشدات، وكذلك (الكديت) فكان من الطبيعي أن يرفرف علم السودان في عزة وشموخ.
{ إبداع وعلماء المستقبل ونشاط قاعدي
الدورة المدرسية الحالية شهدت مزيداً من المشاركات في مجال الإبداع التقني من خلال محاور عديدة أبرزها (الاختراع)، فجاءت مشاركات الطلاب من الولايات المختلفة تبشر بعلماء يمكنهم أن يجعلوا من عقولهم مصدراً لكثير من النجاحات في مشاريع عديدة تعود بالخير على السودان، إضافة لذلك تميّز طلاب في محور (الحاسوب) ورغم صغر سن المشاركين إلا أن مشاريعهم التي تقدموا بها وصفت بالمتميزة سيما وأنها تقدم خدمات للوطن تساهم في حل كثير من المشاكل، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان التجاوب كبيراً مع المشروع الذي شارك به الطالب “عبد الرحمن سيد أحمد عبد الرحمن” من ولاية الخرطوم، المتمثل في كيفية استخراج الجواز الإلكتروني من خلال خطوات بسيطة وإجراءات غير مقيدة تخفف على المستفيد كثيراً من التعقيدات التي كانت تصاحب إجراءات الحصول على الجواز. ويكفي أن ينال كأس محور الحاسوب في إشارة لاقتناع لجنة التحكيم التي وصفت مشروعه بالمتميز.
 وكذلك أصاب الطلاب النجاح في كثير من المحاور الأخرى، ليكسب السودان كثيراً من العقول في الإبداع التقني، لكن لابد من رعاية هؤلاء حتى لا تضيع جهودهم سدى، وتعدّ تلك المشاركات دليلاً على نجاح إدارة النشاط الطلابي في تحقيق مبدأ (النشاط القاعدي) بوصول النشاط إلى المدارس في الأصقاع النائية وهو نجاح لا يماثله أي نجاح آخر.
{ نجاح فني وإخفاق إداري
معطيات الأمور تشير إلى ذلك النجاح الفني الهائل من قبل اللجنة العليا للدورة المدرسية المتمثلة في وزارة التربية والتعليم الاتحادية والنشاط الطلابي من خلال الخطط والبرامج، بجانب قيام اللجان كافة بأعمالها حتى وصلت المنافسات إلى محطتها النهائية، لكن بعض الإخفاق الإداري يبدو أكثر وضوحاً رغم عدم تسليط الأضواء عليه، ونعني به تلك المشاكل التي كادت أن تفسد الدورة المدرسية وتقضي عليها قبل أن تنطلق، فما حدث فيما يتعلق بسكن الإعلاميين خاصة (الصحفيين) وفشل لجنة (السكن) في إيجاد مقر لهم حتى قبيل منتصف الليل يمكن وصفه بالخطأ الفادح، وقد تدخل مدير شرطة السياحة والفنادق بولاية كسلا الملازم أول “الطيب أحمد عمر” ونجح في احتواء الأزمة من خلال توفير مقر سكن مؤقت بفندق (الندى)، الذي كان في مرحلة الصيانة قبل حل المشكلة جذرياً بتحويل الصحفيين إلى شقق فاخرة غرب القاش.. ويضاف إلى ذلك بعض المشاكل التي اعترضت الصحفيين من انقطاع للمياه بمقر سكنهم وأثرت على أدائهم بجانب رداءة ما قدم لهم من طعام، وقد فسّر مراقبون تلك الخطوة بالحرب التي شنّها بعض المعارضين على والي ولاية كسلا لإظهاره بمظهر الفاشل، خاصة وقد تم استهداف الإعلام الذي بيده مفاتيح نجاح الدورة المدرسية أو فشلها.. لكن البعض يرجع ذلك الإخفاق الإداري إلى ضعف خبرات رؤساء اللجان المنوط بها ترتيب وتنظيم العمل في مجالاته كافة (الترحيل والسكن والضيافة) وغيرها من اللجان.. وكذلك من السلبيات التي صاحبت الدورة المدرسية الأخيرة فشل الولاية في توفير شاشات عرض خارج مسرح “تاجوج” لتخفيف الضغط على المسرح الذي شهد ازدحاماً لا مثيل له كاد أن يفسد العروض التي قدمتها الولايات.
{ النشاط الطلابي والمكسب الكبير
من المكاسب الكبيرة التي حققتها الدورة المدرسية، ذلك القرار الجمهوري الذي أصدره رئيس الجمهورية في ختامها بتحويل إدارة النشاط الطلابي إلى (وكالة) بميزانية منفصلة، ليخرج النشاط الطلابي بأكبر المكاسب، سيما وأن وجود ميزانية منفصلة تعينه في وضع وتنفيذ مزيد من الخطط خلال الدورات المدرسية المقبلة.
{ تبادل الثقافات
قيام القرية الثقافية بكسلا أسهم في وقوف الطلاب على ثقافات ولايات السودان المختلفة ومعرفة كثير من العادات، ليعودوا إلى ولاياتهم بذخيرة كبيرة من المعرفة التي تجعلهم يعرفون تفاصيل وطن يجمعهم جميعاً.
{ رئيس اللجنة العليا يترك التقييم للإعلام
رفض الأستاذ “عبد الحفيظ الصادق” وزير الدولة بالتربية والتعليم رئيس اللجنة العليا للدورة المدرسية رقم (27)، رفض تقييم الدورة الأخيرة باعتبار أن الإعلام هو الجهة التي يمكنها تقييم الحدث الكبير أكثر من غيره، باعتباره أسهم في نقل فعالياته، لكنه وصف تفاعل المجتمع مع الدورة المدرسية بالمتميز، وقال إننا نجحنا في تحقيق أهدافنا كافة التربوية والوطنية والمجتمعية، ووعد بتقييم الدورة الأخيرة بالوقوف على السلبيات لتلافيها في الدورات المقبلة. وفي ختام حديثه تقدم بشكره لولاية كسلا حكومة وشعباً لما بذلوه من جهد لإنجاح الدورة المدرسية، كما شكر رئاسة الجمهورية لجهودها في رعاية الدورات المدرسية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية