(المجهر) في حوار ساخن مع الدكتور "مختار الأصم" رئيس المفوَّضية القومية للانتخابات (1-2)
سأتقدم باستقالتي عن المفوضية بناءً على هذه الأسباب
طالبت بمد فترة الاقتراع لثلاثة أيام ولم اتجاوز القانون
عزل أعضاء المفوضية لا يتم إلا بناءً على رغبتهم
مولانا “أبيل ألير” كان حكيماً وهذا كان موقفه
بروفيسور “علي شمو” حرمني من توضيح ذلك
المفوضية لم تقل ما كان يريده المؤتمر الوطني
حوار – صلاح حبيب
المقدمة:-
اعترف الدكتور “مختار الأصم” رئيس المفوضية القومية للانتخابات في ورشة تقييم تجربة المفوضية بأنه سبق أن اقترح بمد عملية الاقتراع لثلاثة أيام بدلاً من يوم واحد حسب نص القانون، وقال إنه يمكنه تقديم استقالته إذا ما طلب منه ذلك، (المجهر) أدارت معه حواراً شاملاً تناول الأسباب الحقيقية التي دفعته لهذه الاستقالة ولماذا عدل عملية الاقتراع على الرغم من أنه لم يكن لا رئيساً للمفوضية ولا نائباً لها بالإضافة إلى نزاهة المفوضية ولماذا قاطعت القوى السياسية والأحزاب الانتخابات السابقة، وهل يحقق له ولأعضاء المفوضية الحالية إجراء انتخابات 2020م، من الذي كلفه بإعداد الورقة التي تعمل على تقييم التجارب السابقة وماذا كان رأي مولانا “أبيل ألير” رئيس المفوضية والأعضاء حول الاقتراع الذي تقدم به لزيادة أيام الاقتراع متجاوزاً بذلك القانون والدستور، هذا بالإضافة إلى العديد من الأسئلة الساخنة التي طرحناها عليه في هذا اليوم الذي بدأت نسمات الشتاء تهب علينا.. فنترك القارئ يتابع الجزء الأول من حوارنا مع الدكتور “مختار الأصم” رئيس المفوضية القومية للانتخابات وكيف جاءت إجاباته حول ما طرحنا عليه من أسئلة.
{ لماذا تعجلت بالحديث عن تقديم استقالتك عن المفوضية وهل فعلاً هناك خطأ جعلك تتحدث بعد سبع سنوات الآن؟ وهل هذا اعتراف؟
– هذا ليس اعترافاً وإنما الحقيقة طلبت مني أن أعد ورقة سميت بأنها رؤى مستقبلية لانتخابات 2020م، عندما حضرت إلى الندوة وجدتهم غيروا اسم الورقة إلى حقائق وممارسة، ولم اعترض على ذلك لأنها تسمية ورقة، فالورقة كتبت بلغة مباشرة والغرض منها هو إثراء النقاش.
{ هل كتبت أنت الورقة؟
– نعم والورقة مكونة من عشرين صفحة، فيها ملحقين بين ملحق ست صفحات بمعنى أنها تشتمل على اثنين وثلاثين صفحة، وكما تعلم أن القراءة والتركيز فيها ليس بالأمر اليسير فقد تم توزيع الورقة على الأعضاء، ولكن أعتقد أن الكثيرين منهم لم يصبروا على الإطلاع عليها، فالإطلاع يحتاج إلى صبر كثير إضافة إلى أن الورقة عبارة عن شرائح وأنا كنت معد الشرح لها شفاهة، فكما تعلم كل شخص يتحدث لا بد أن يضع الشريحة لكي يضيف ويلقي إضاءات على الشريحة، رئيس الجلسة كان البروفيسور “علي شمو” أعطاني عشرين دقيقة لعرض الموضوع على الرغم من أنها الورقة الرئيسة والأساسية في الجلسة لذلك عند الاستعراض لم أتمكن إلا الوصول إلى صفحة سبعة من بين الـ(32) صفحة وأصبح الأشخاص الموجودون في الندوة لم يجدوا فرصة للاستماع إلى بقية شرحي.
{ لم ترد حتى الآن على سؤالي حول التسرع بالاستقالة؟
– أقول لك لقد استعرضت بعض المصاعب التي واجهت المفوضية في انتخابات 2010م، ووقتها لم أكن رئيساً ولا نائباً للرئيس.
{ إذا ما الذي كنت تشغله؟
– كنت عضواً غير متفرغ.
{ فماذا حدث إذاً؟
– الذي حدث عندما شارفت الانتخابات على القيام وكان القانون واضحاً أمامنا أجريت دراسة تطبيقية عملية بما يعرف بالدراسة الاستطلاعية أردت أن أعرف كم يستغرق المواطن في ملء اثنتي عشرة بطاقة اقتراع ذهبنا إلى إحدى القرى بالخرطوم بحري فدعينا المواطنين وشرحنا لهم وكانوا حوالي ثلاثة آلاف مواطن، ووضعنا صناديق الاقتراع بغرف المدرسة للنساء والرجال، تطبيق عملي إلا أننا اكتشفنا أن الزمن الذي يأخذه المواطن في ملء البطاقة يساوي ثلاث إلى خمس دقائق للفرد الواحد، وحتى الثلاثة آلاف مواطن الذين جاءوا لعملية الاقتراع لم يستطيعوا الإدلاء بأصواتهم في ذلك اليوم، بالرغم من أن العملية بدأت مبكراً.
{ ما الذي دعاك لإجراء كل ذلك وأنت لم تكن الرئيس ولا نائبه؟ وأنت عضو مثلك ومثل بقية الأعضاء الآخرين؟
– تعلم أن إحدى دراسات العلوم السياسية والانتخابات فمن ضمن الذي تدرسه للناس أن تتأكد من أن مركز الاقتراع والزمن المتاح فيه يتيح للمسجلين الإدلاء بأصواتهم ولم اكتف بهذه التجربة وإنما قمنا بتجربة أخرى داخل المفوضية نفسها، فأتينا بصندوق وكل العاملين بالمفوضية فحسبنا الوقت فتأكد لنا أن الانتخابات إذا قامت وبدأت عملية الاقتراع في الثامنة صباحاً وحتى الثامنة مساء فلن يتمكن من الإدلاء بأصواتهم إلا حوالي العشرين في المية من المسجلين للإدلاء بأصواتهم، وكان على واجب أن أقول ذلك إلى المفوضية.
{ هل اتخذت كل ذلك بمفردك أم أبلغت الرئيس والأعضاء بما قمت به؟
– أنا أساساً عضو غير متفرغ وأوكل إلى مولانا “أبيل ألير” موضوع الإشراف على السجل، وتعلم أن التسجيل هو الخطوة المهمة في العملية الانتخابية، فقد شرحت للمفوضية التجربة الأولى والثانية، كما قمنا بتجربة ثالثة في ضواحي الخرطوم قام بها الخبراء ولم أشرف عليها، والتجربة الثالثة التي قام بها الخبراء كانت نفس النتائج التي توصلت إليها.
{ وماذا يقول القانون خاصة وإنه حدد يوماً واحداً لذلك؟
– القانون يقول تجري الانتخابات في يوم واحد إلا إذا ظهرت أسباب موضوعية.
{ فماذا قلت لهم واقتراحك ثلاثة أيام؟
– قلت لهم هذا سبب موضوعي وهذا لا يظهر إلا في يوم التنفيذ وهذا لن يحل القضية فاقترحت أن يكون اليوم ممتد.
{ ماذا كان رأي المفوضية؟
– تداولت المفوضية في الموضوع ورأوا أن ذلك هو الحل الوحيد الممكن لأن القانون أساساً هدفه أن يتيح للناس الإدلاء بأصواتهم، فإذا كان هنالك عائق لعدم الإدلاء بأصواتهم فالمفوضية مستعدة أن تتحمل ذلك.
{ ماذا كان رأي مولانا “أبيل”؟
– مولانا أبيل” رجل واعٍ وكانت معنا لجنة اسمها لجنة الدعم الدولي، تضم أمريكان أوروبيين ومن الأمم المتحدة شاورهم في الأمر كما شاورا بعض الأحزاب السياسية ومن بعض ذلك جمع المفوضية والمفوضية اتخذت قرارها بأن تجرى الانتخابات في ثلاثة أيام وألا يكون ذلك مخالفاً للقانون وإنما يوم طويل بدأ ولم ينتهِ، لأن المفوضية لم تكن أدت واجبها وقد حرمت (80%) من المسجلين ولم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم ولا يمكن أن تدار البلد بخمس الذين أتيحت لهم الفرصة الإدلاء بأصواتهم، فأردت أن أقول للمشاركين في الندوة وبالتفصيل أن القانون وفي بعض الأحيان ليس بالضرورة هو الأمثل وواضع القانون أحياناً لم تكن له التجربة وأردت أن أشرح لهم أن التجربة التي قمنا بها وما يعرف بأننا خرقنا القانون بأننا أجرينا الانتخابات في ثلاثة أيام جعلت المشرع يعدل قانون الانتخابات.
{ هل اتصلت بالأحزاب أو القوى السياسية وطرحت لهم ما قمت به؟
– هذه ليست مسؤوليتي لأن المفوضية لها قيادة.
{ إذاً ما هو السبب الذي دفعك بالقول بأنك ستقدم استقالتك؟
– دعني أواصل الحديث وسوف أشرح كل هذه النقطة فيما بعد.
{ تحدث إذاً؟
– هذه النقطة لو كان الوقت كاملاً كنت شرحتها وإنها التي أدت إلى تعديل القانون فلم أجد فرصة في ذلك ولكن الأغلبية من الناس تفهموا حديثي بأنه لا يمكن أن تحرم (80%) من الناخبين للإدلاء بأصواتهم، ولكن مؤتمر بهذا الكم الهائل من المشاركين لا بد أن يكون للبعض آراءهم فقد كرر ثلاثة أشخاص تقريباً بأن هذه مخالفة وتلزم بها الاستقالة، ولكن استقالة من؟
فالمفوضية التي قامت بإجراء الانتخابات في 2010م، أعقبت واستبدلت بمفوضية أخرى، فالحديث عن استقالة المفوضية لأنها ارتكبت هذا الخطأ فإما أن يكون مبني على جمل أو عدم فهم أو غرض سيء.
{ فماذا ترى أنت حول تلك الآراء؟
– أرجو أن يكون سوء فهم لأن المفوضية التي قامت بهذا العمل لم تكن موجودة فالمفوضية بدأت في 2008م، وأكملت دورتها في 2014م، وشكرت وأعفيت، فالآن أنا رئيس مفوضية جديدة لا علاقة لها بذلك.
{ ولماذا تحدثت عنها طالما أعفيت ولا علاقة لك بها؟
– ذكرت ذلك من أجل إثراء النقاش والتوضيح بأن واضع القانون في بعض الأحيان إذا لم يُشر المنفذ فيقع في مثل هذه العقبات وهذا هدفي من كل ذلك.
{ ولماذا قلت سوف تستقيل طالما لم تكن رئيس المفوضية؟
– هذا الحديث ليس له علاقة بهذا الأمر وإنما بسبب المعقب على الورقة قال يلزم الاستقالة.
{ فما المعني بالاستقالة إذاً لأن الصحف أغلبها ذكرت أنك قلت سوف تستقيل؟
– هذا خلط كبير لأن لجان الحوار في بداية عملها وحتى اليوم يطالبون بمفوضية جديدة ومستقلة.
{ وهل هذا يعني أن المفوضية السابقة غير مستقلة؟
– هذا سؤال يفترض أن يوجه للجان الحوار، ولماذا التركيز على مفوضية جديدة ومستقلة واعتقد أن هذا فيه إيحاء بأن هناك شيئاً ما أو خطأ لدى المفوضية وأنا طالب علوم سياسية أفهم هذه الورقة التي أعددتها للرد لمثل هذه الأسئلة وفي بدايتها ذكرت أنه تكليف شخصي وقع عليَّ.
{ من الذي طلب منك إعداد هذه الورقة وهل بصفتك رئيساً للمفوضية؟
– طلبت مني لجنة الحوار الوطني باعتبارها المسؤول عن إنفاذ مخرجات الحوار وذكرت في خطابها بأنه وقع الاختيار على شخصك الكريم لتقديم ورقة لكذا وليس لرئيس المفوضية وإنما لشخص له إلمام بالعملية الانتخابية وله خلفية أكاديمية وإدارية في ذلك يمكن أن يستفيد الناس منها.
{ ماذا قلت لهم؟
– قلت لهم إن دورة هذه المفوضية التي أتولى رئاستها تنتهي في 28/6/2020م.
{ ومتى تعلن نتائج انتخابات 2020م؟
– تعلن في أبريل 2020م، وأردت أن أنور أهل الحوار باعتباري مواطناً سودانياً أن أشير إلى نقاط قانونية ودستورية فالدستور يقول إن المفوضية مستقلة تعين من أشخاص مشهود لهم بالكفاءة والاستقلالية وهذا تم بالفعل في اختيار الأعضاء بعد مشاورة الأحزاب السياسية وموافقة البرلمان بالإجماع للأشخاص التسعة، فالقانون أكد على استقلالية المفوضية وعلى أن العدد تسعة أعضاء كما قال القانون أن تكون للأعضاء دورة كاملة مع منحهم دورة ثانية فقط.
{ هل هذا يعني أن دورتك ستنتهي في 28/6/2020م، ولن تصبح رئيساً أو عضواً فيها مرة أخرى؟
– لقد أمضيت الآن دورتين وليست لدى أي طريقة لدورة ثالثة للعمل بالمفوضية، لأن القانون والدستور منحني دورتين، فالقانون أكد على أن هذه الدورة قانونية ودستورية لعزل المفوضية أو إيقافها فلم يعط السُلطة للبرلمان ولا لرئيس الجمهورية، قلت في الورقة لا سبيل لمفوضية جديدة إلا بالاستقالة الطوعية للمفوضية الحالية، وقلت لهم أنا على استعداد لتقديم استقالتي حتى لا أكون عائقاً أمام تنفيذ مخرجات الحوار، ولكن إلا بالاستقالة الطوعية.
{ إذا لم تستقل بإرادتك فلن تستطيع أي قوى بعزلك؟
{ هل هذا يعني أنكم ووفقاً للدستور والقانون ستديرون انتخابات 2020م؟
{ هل يمكن أن يعدل القانون لتكون لك دورة ثالثة؟
– المفوضية معنية بتنفيذ القانون وليس تعديله ولا يجوز التعليق عليه والتعليق الوحيد الذي ذكرته عندما قالوا الرئيس قال المفوضية غير دستورية قلت حقيقة الآن في التشكيل الجديد للمفوضية سبعة أعضاء ولكن الدستور ذكر تسعة والقانون ذكر أيضاً تسعة، وقلت إن المفوضية ينقصها عضوان ولكن لم أقل بأنها غير دستورية لأن نقص العدد لا يعني عدم دستوريتها، لذلك دائماً أحرص في الاجتماعات التأكد من أن الموجودين من الأعضاء خمسة حتى لا يطعن فيها ودائماً في ذهني أن الأعضاء تسعة ونصفهم خمسة لذلك أتأكد دائماً من وجود خمسة حتى لا يطعن أحد في قرار من قراراتها.
{ إلى أي مدى كانت نزاهة المفوضية خلال الفترة الماضية؟
– أعتقد أن هناك ظلماً كبيراً وقع على الشعب السوداني وليس على المفوضية، وهذا الظلم يتمثل في العدد الكبير الذي وقف في الصفوف وأدلى بأصواته، ولم يجد من يمجده لأن ما قام به الشعب السوداني كانت تعد صفة حضارية، ومعظم البعثات الخارجية التي جاءت إلى السودان وقتها كانت تظن أن الانتخابات السودانية سوف يعمها العنف والفوضى والقتل، ولكن عندما ذهبنا إلى مواقع الانتخابات بدارفور وكردفان وهم معنا تأكدوا أن الهدوء سيد الموقف فيها وحتى إذا لم تقم الانتخابات وقتها لفتحت على السودان نيران من الجحيم، فأول حديث سيقال بأن النظام غير شرعي والحكومة غير شرعية، ولكن كنا أكثر إصراراً لقيام الانتخابات في وقتها باعتبار ذلك هو الحجر الأول في عملية الاستقرار ونحمد الله بأننا وفقنا بدون أي عون خارجي أو أي جهة أخرى، فقامت الانتخابات بتمويل سوداني، ووضعنا اللبنة الأساسية لاستقرار الحكم.
وأؤكد لك على نزاهة المفوضية وقد قلت على الملأ إن نسبة التسجيل كانت (47%) وأن نسبة الاقتراع كان حوالي (40%) وأن هذه النسبة تقل عن النسبة الماضية كثيراً ولكن لا ادري لماذا أخذت المعارضة تلك النقطة لمقاطعة الانتخابات ولا أدري لماذا لم يكتب شخص ما إن ما حدث هو دليل عافية ودليل استقلالية للمفوضية لأنها قالت ما لم يرده المؤتمر الوطني، وأعلنت أن التسجيل كان ضعيفاً، والخرطوم كانت الأضعف في عملية التسجيل ولم ترد أي كلمة حق أو خير للمفوضية، في حين أن هذا دليل عافية ودليل استقلالية وإلا كان من السهل عليها أن تقول بأن نسبة التسجيل تجاوزت التسعين في المية وترضى الحُكم بهذا.