تقارير

سرف عمرة…مدينة تحشد امكاناتها لمحاصرة وجمع السلاح

زيارة الساعات الخمس في شمال دارفور
سرف عمرة _ وليد النور
 مائة وعشر دقائق هي المدة التي استغرقتها الطائرة العسكرية من مطار نيالا إلى مطار الفاشر، لتصل منه إلى محلية سرف عمرة التي تبعد عن حاضرة شمال دارفور مسافة (267) كيلومتراً، وتبدو الأرض من نافذة الطائرة وكأنها تصارع الهواء ومطبات الجبال، فيما تتناثر القرى وتتراءى من بعيد وهي ترتع وسط السهول والوديان التي تجري فيها المياه.. مدينة سرف عمرة نفسها، تتناثر فيها المنازل على مساحات متباعدة، وأرضها الرملية التي تكثر فيها المرتفعات تشابه قيزان ولاية غرب كردفان. المنازل غالبها مشيد من الطوب الأحمر وبعضها (درادر). بينما يتكون السوق من (دكاكين) مبنية بالطوب والزنك وبعض الرواكيب المشيدة بالحصير. ويحترف مواطنو مدينة سرف عمرة حرفتي الزراعة (البصل والبطاطس الدخن والذرة فضلاً عن الموالح) بجانب الرعي (الإبل والماشية والضأن)، وتشتهر بتجارة الإبل وهي ثاني أكبر سوق في السودان لتجارة الإبل رغم تعثرها في السنوات السابقة.
ورغم أن يوم (الخميس) له خصوصيته لأهل المدينة، ورغم أهميته إلا أن السوق لم يغلق أبوابه.. كانت هناك آثار حريق بائنة للعيان. قال مرافقنا إن الموقع كان وكراً للمخدرات والجريمة، وتم حرقه قبل دخول قوات الدعم السريع.
وفي ميدان يقع وسط المدينة تجمعت أعداد كبيرة من المواطنين داخل (صيوان) كبير للاحتفاء بالحدث المهم، وهو ضبط كميات كبيرة من المخدرات المستوردة و(البنقو)، إلى جانب ألفي دراجة بخارية (موتر) و(1500) قطعة سلاح ومدافع مضادة للطائرات و(65) سيارات دفع الرباعي تحمل لوحات القوات المسلحة ومدافع دوشكا، علمنا أنها كانت تتبع لقوات حرس الحدود ورفض أصحابها تسليمها، بجانب كميات كبيرة من الأقمشة التي تستخدم في تفصيل الكدمول تم حرقها أمام المواطنين. وعندما استفسرت عن مغزى حرق الدراجات البخارية كان الرد أن الحرق هو رسالة للمتفلتين وغيرهم بأن لا عودة إلى ممارسة قطع الطريق أو نهب المواطنين، وحتى لا تترك مجالاً للتسويات، وعدم ترك فرصة للحديث عن توزيع المواتر لأي شخص.
{ قوات الدعم السريع
منذ أن حطت الطائرة على مدينة سرف عمرة وجدنا أعداداً كبيرة من قوات الدعم السريع على ظهر سيارات دفع رباعي تحمل أسلحة ثقيلة، وبها شباب أعمارهم تتراوح ما بين العشرين والثلاثين عاماً رتبهم من العميد وحتى الملازم.. قائد المتحرك ونائبه برتبة العميد ركن.
وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع العقيد “عبد الرحمن الجعلي” لدى مخاطبته الحشد الجماهيري بمحلية سرف عمرة بولاية شمال دارفور بمناسبة احتفال قوات الدعم السريع بضبط كميات من المخدرات و(المواتر) والعربات غير المرخصة، قال إن قواته ستحسم متبقي الحركات المسلحة التي ظلت تخدع المواطنين باسم التهميش، بجانب المتفلتين والمتسلطين و(الحرامية) وقطاع الطرق، وأضاف إن قواته حققت الأمن بفضل الله وبسطت هيبة الدولة، ولا يوجد ما يوقفهم من الحملة، وتابع: (يعرفنا الأعداء الطغاة)، مشيراً إلى أن كل التقارير الشرطية أكدت خلوها من البلاغات. وأضاف رسالتنا للمتفتين: (أحسن تجوا وتجيبوا عرباتكم. وبطلوا تلعبوا على عقول الناس. وإذا ما سلمتوا ح نجيبكم من أي مكان سواء تحت الحجر أو الجُحر.. وباقي الحركات هذا عهد القانون ونسيان المرارات، المستقبل للشباب نتعاون بدون عنصرية أو جهوية. مافي تفلت حتى يسير المواطن، ولا يخاف إلا من الله والبعشوم.. لا عودة للوراء، والتحية لقائدها نموت يا نحنا يا هم.. والأرض دي يا نزرعها أو نقبر فيها، ولا نقبل أي متمرد ولا متسلط.. جنود الدعم السريع أصبحتم قدوة).
وقال إن قواته اشتبكت مع حركة العدل والمساواة التصحيحية، فأسرت منهم (16) بقيادة “عبد الله حمودة”، وفر الباقون وغنمت منهم (65) سيارة بكامل عتادها، بجانب القبض على أكثر من (150) متفلتاً كانوا يروعون المواطنين، وينهبون ممتلكاتهم بواسطة الدراجات النارية. واحتسبت قوات الدعم السريع ثلاثة شهداء وجريحين، وأضاف إنهم أمهلوا حملة السلاح غير المرخص والمتفلتين (48) ساعة فقط لتسليمه، ومن لم يستجب وتم ضبطه ستوقع عليه عقوبة السجن ويتم ترحيله إلى بورتسودان لقضاء عشر سنوات (في غرف الملح)، وطمأن المواطنين بأنهم في أمان وأن قواتهم ستقضي على مظاهر التفلت والفوضى التي كانت سائدة.
وقال العقيد “الجعلي”: (قواتنا منتشرة حتى الحدود مع ليبيا وتشاد، وهذه هي المضبوطات، واسألوا المواطنين عن أداء قواتنا، ونحن لن نترك أي متفلت، سنصله إلا إذا هرب خارج السودان ولن نترك نهاباً يروع المواطنين بعد اليوم). وكشف عن متفلتين يستقلون سيارات تم طلاؤها بألوان سيارات القوات المسلحة، وقال إن متفلتاً مشهوراً كان يروع المواطنين وبعد إلقاء القبض عليه دون المواطنون ضده (50) بلاغاً، وأردف بأن قوات الدعم السريع متحركة في أرجاء الولاية كافة وتعهدت قيادتها أنه بعد شهر لن تسمعوا بأن شخصاً واحداً قتل بسبب التفلت.. (سننظف كل دارفور إن شاء الله).
فيما أضاف معتمد محلية سرف عمرة “عبد الله حمدان بلال” إن محليته لم تعرف معنى الاستقرار والأمن إلا بعد وصول قوات الدعم السريع، وحث مواطني محليته على ضرورة تسليم السلاح، وتابع: (كل من يعترض عمل القوات يعامل معاملة العدو. ونحن لسنا بحاجة لعداوة جديدة). ودعا شبابه إلى العمل، وقال إن شباب محليته قد تأذوا من المخدرات التي تعبر الحدود من تشاد وليبيا، وناشد السلطات المختصة ضرورة تعبيد الطرق التي تربط محليته بعاصمة الولاية، فضلاً عن تهيئة البيئة وتوفير الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون. وكشف المعتمد عن زيادة إيرادات التحصيل بمعدلات كبيرة بعد وصول قوات الدعم السريع إلى محليته.
من جهته، أعلن ممثل الإدارة الأهلية العمدة “حامد مادري” وقوف مواطني سرف عمرة مع قوات الدعم السريع وتأييدهم لقرار جمع السلاح. ودعا إلى ضرورة تناسي المرارات والعيش بسلام، والاتجاه للزراعة، وتحسّر على ما وصلت إليه الأمور، وقال: (زمان كان الواحد يذهب بإبله التي يفوق عددها العشرة ولا يحمل معه سوى عكاز). وأضاف: (نحن إدارة أهلية ح نمشي لأي زول لم يسلم سلاحه بنمرة خمسة). وهدد السكارى ومتعاطي المخدرات بمحاكمتهم أو ترحيلهم للسجن وغرف الملح ببورتسودان، وقال: (نريد عاماً للصلح، وسنقف مع الدعم السريع).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية