عز الكلام
ما دوامة!!
ام وضاح
ليت أصحاب المناصب الفخيمة والرفيعة أدركوا أن السلطة لا تدوم، وأنها كأس دائرة يرتشف منها أحدهم ليمدها للآخر، وأن الله ما وضعهم في هذه المكانة إلا لخدمة عباده، وما اختارهم للمهمة إلا امتحاناً لصبرهم وقياس معدلات الرحمة والعدل فيهم، وليتهم علموا أن التاريخ لا يرحم، وأهلنا زمان قالو: (الحسة أطول من العمر) (والحسة) معناها الفعل الشين، الذي يكون عمره أطول من عمر فاعله لأنه يبقى حتى بعد وفاته.. وبالمقابل تماماً يظل لسان حال الناس يلهج بالشكر والثناء لمن يبذل نفسه ووقته لخدمة الناس.. وقلت الكلام دا ليه، لأنني لم أتخيل أن يصلني هذا الكم الهائل من الاتصالات من قراء انفعلوا وتفاعلوا مع الكلمات التي كتبتها أمس عن الفريق “عمر محمد الطيب”.
وجميعهم سبحان الله اتفقوا على أن الرجل كان خدوماً مبذولاً لمواطنيه، لم يترفع لمنصب زائل أو موقع أو حال جعلت سنّة الحياة دوامه من المحال.. لكن أكثر ما أثر فيّ اتصال من سيدة أمدرمانية تعودت أن تتواصل معي تناقشني في ما أكتب ونتداول معاً شؤون الحياة وتصاريفها، قالت لي أمس إنها سعدت أيما سعادة بما كتبته عن الفريق “عمر محمد الطيب”، وإنها وعن تجربة شخصية لها ولكثيرين كانت شاهدة عيان ومدونة تاريخ لفترة قضاها سعادة الفريق بالمملكة العربية السعودية، شهدت منه تواصلاً وخدمة للمغتربين هناك، وأنه ما جاءه صاحب حاجة أو قضية إلا وخرج من مكتبه راضياً مبتسماً، لدرجة أنه- والعهدة على السيدة- أصبح مضرب مثل للسعوديين أنفسهم في خدمة الناس وبذله كل وقته وفكره لهم.
لكنها بالمقابل لم تجعل الحلو يكمل إذ قالت لي: يا “أم وضاح” تخيلي أن هذا النموذج الرائع يقف مقابله نموذج سيئ لمسؤولين (لا يرحموا لا يخلوا رحمة رب العالمين تنزل)، وقصت عليّ كيف أن جاراً لهم في الحي قصد أحد النافذين ذات صلاة تجمعه بالمسجد معه في خدمة بسيطة من تلك التي يتعشم فيها الغبش في مسؤول قابلهم صدفة أو جمعت بينهم جيرة أو معرفة.. تخيلوا ماذا كان رد المسؤول الكبير على الرجل المسن.. أرجو أن لا تتفاءلوا كما فعلت حين أخبرتني السيدة وواجهتني بذات السؤال، فكانت إجابتي: قال ليه خير إن شاء الله محلولة، أو أنه اعتذر بشكل لطيف قائلاً: الموضوع دا ما عندي به صلة لكن بشوف ليك منو ممكن يخدمك.. رد الرجل يا ساده كان غضباً لم يراعِ فيه حرمة الجيرة ولا العشم وقال له بكل صلف: (نخلي ليكم الصلاة في الجامع ده ولّا شنو؟؟).. قالت لي السيدة: والله جارنا هذا ظل يتجرع مرارة هذه الكلمة حتى وفاته ولم ينسها ولو للحظة، بل ظل يحكيها كلما جاءت المناسبة.
الدايرة أقوله إنني والله أتمنى أن تنداح نماذج عطرة يحكيها الناس كما سيرة الفريق “عمر محمد الطيب” وأن تنزوي وتتضاءل نماذج صاحبنا إياه، لأن السلطة ما بتدوم وما في زول دفنوه بقروشه.. يفنى الجسد وتزول القوة والسلطان والمال والصولجان، وتبقى الذكرى العطرة مسكاً يضمخ السيرة والمسيرة والتاريخ.
{ كلمة عزيزة
سلسلة الفساد التي كشفها المراجع العام داخل وزارة الصحة الاتحادية، تؤكد للأسف أن بعضهم استحلى المال الحرام لدرجة أنه أصبح يتم بالاتفاق والتراضي، (وكل واحد يلحِّس التاني عشان يسكت)، وهذه بالتأكيد ليست جريمة في حق الوطن بس، دي جريمة في حق الإنسانية والقيم والأخلاق، وهذه الثقافة التي جعلت التحايل على القانون والتجاوز للصلاحيات معبراً لنهب المال العام هي ثقافة لو أنها انداحت وانتشرت ستحلل النهب والقلع ليصبح طبيعياً ومقبولاً وتألفه النفس، (وسجم) بلد يأكل أهله المال الحرام ولا يتقززون منه!!
{ كلمة أعز
أنا ما عارفة منو قال للأحزاب السودانية إن كل دورها أن تعارض الإنقاذ دون أن تكون لها مواقف واضحة في قضايا وطنية مهمة لا تعني الحكومة وحدها لكنها همّ الوطن الكبير!! لم نسمع حتى الآن بياناً من حزب مشارك ولّا معارض يؤيد حراك قواتنا المسلحة الباسلة وقوات الدعم السريع لدحر التمرد وجمع السلاح من أيدي الأهالي.
يا أخوانا الوطن ليس ملكاً للوطني ولا للإنقاذ.. الوطن حق الجميع.. فأين أنتم من قضاياه المهمة والمصيرية؟!