تقارير

"موسى هلال".. في قبضة الدعم السريع

الخرطوم – مستريحة- رشان أوشي
عاشت مدينة “مستريحة” التي تقع جنوب محلية كتم شمالي دارفور، أمس الأول ليلة حافلة بالأحداث، فمنذ الواحدة ظهر (الأحد)، كانت أصوات الرصاص هي الأعلى ضجيجاً، فاقت صرخات النسوة الوجلات، فلم تستثن مدافع الـ(آر بي جي) حتى تجمعات الأشجار التي تمتد ظلالها إلى حيث يشتبك مسلحو الزعيم القبلي “موسى هلال” وقوات الدعم السريع.. مضت ساعات المعركة ثقيلة كثقل جبل عامر المكتنز ذهباً، وانفض سامر الأمر بالقبض على مؤسس “مجلس الصحوة الثوري”، ومعاون “هلال” وذراعه اليمنى “هارون مديخير”.. وتضاربت الأنباء عن اعتقال زعيم المحاميد وقائد قوات حرس الحدود، بطل أسطورة “الجنجويد” إبان أوج الصراع المسلح في دارفور قبل أعوام، حتى تأكدت أنباء اعتقاله صبيحة أمس.. وبهذا سيسدل الستار على آخر فصول أزمة الإقليم المنكوب.
{ إرهاصات
أثناء اندلاع القتال بين مجموعة “هلال” وقوات الدعم السريع تم القبض على “هارون مديخير”، أحد شباب المحاميد المهتمين بالشأن السياسي، ثلاثيني العمر، يعدّ مستشاراً للشيخ “هلال”، وصاحب فكرة تأسيس تنظيم “مجلس الصحوة الثوري” بعد تفاقم الخلافات بين “هلال” والحكومة في الخرطوم وفشل كل محاولات التسوية السياسية، وبعد زيارات متكررة من قادة الدولة في المركز على رأسهم نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن”، بعد قطيعة مع الحكومة امتدت لأكثر من عامين، وبعث خلالها برسالة تقدير للرئيس “البشير” طالب فيها بالإبقاء على محلية الواحة كدامرة تجمع الرُحّل وعدم تذويبها ضمن سياسة الحكومة المعلنة بتقليل عدد المحليات. وتبادل “هلال” الحديث الودي مع نائب الرئيس وأثنى على دوره في السودان، وينتظر أن يرد نائب الرئيس التحية لـ”موسى هلال” بزيارته في مستريحة حيث يقيم هناك.
وفي حديث “حسبو” الذي استقبل بآلاف الفرسان على ظهور الإبل والخيول بمحلية كتم، قال إن الحكومة عازمة على القضاء على المتفلتين مهما كانت مهنتهم أو قبائلهم، ودعا نائب الرئيس للقبض عليهم وإيداعهم السجون في كتم والفاشر، ووجه بفصل قيادات الإدارة الأهلية المتسترين على النهّابين. ولم تمض فترة طويلة من اللقاء الودي حتى تجددت الصراعات مرة أخرى، متزامنة مع القرار الجمهوري بنزع سلاح المواطنين والمجموعات المسلحة، وتفاقم الأمر إلى حد التلاسن بين هلال والمركز، ومن ثم أعلن “موسى هلال” الذي يتزعم فخذ المحاميد في قبيلة الرزيقات العربية (رعاة الإبل) في إقليم دارفور رفضه تسليم سلاح قواته.
وتعود سيرة “موسى هلال” الذاتية إلى أسرته المنحدرة من إحدى بطون الرزيقات، المعروفين برزيقات الشمال، وولد الزعيم القبلي في دامرة الشيخ قرب مدينة كتم في ولاية شمال دارفور.. يبلغ من العمر نحو (54) عاماً، متزوج من ثلاث نساء وله ثلاثة عشر من البنين والبنات.. سُجن مرتان في العام 2002 بتهمة قتل جنود نظاميين في حادثتين منفصلتين.. لمع اسمه إبان اندلاع التمرد في دارفور، حيث قاتل إلى جانب القوات الحكومية حتى عُيّن مستشاراً في الجهاز التنفيذي حسب ما أورد موقع “الجزيرة” عن سيرته الذاتية.
وبعد رفضه الانصياع للقرارات الحكومية القاضية بنزع السلاح في دارفور، وإعلانه تمرده على الدولة، أصبح مطلوباً للحكومة في المركز، حتى إلقاء القبض عليه في دامرته، ومقتل عدد من معاونيه في أحداث سابقة، بعد اتهامهم رسمياً في صفقات تجارة البشر والسلاح، والنشاط في معاملات غير قانونية.. سبق كل ذلك القبض على الناطق الرسمي باسم مجلس الصحوة الثوري “إسماعيل الأغبش”.
{ اعتقاله رسمياً
أعلن وزير الدولة بوزارة الدفاع الفريق ركن “علي محمد سالم” اعتقال “موسى هلال” رئيس مجلس الصحوة وابنه “حبيب”، مضيفاً إنه سيتم ترحيلهما إلى الفاشر ثم إلى الخرطوم، وأكد في تصريحات صحفية بالبرلمان، أمس (الاثنين)، استقرار الأوضاع الأمنية بمنطقة مستريحة عقب اشتباكات تعرضت لها يوم أمس الأول في إطار خطة جمع السلاح في دارفور التي راح ضحيتها العميد “عبد الرحيم جمعة دقلو” قائد متحرك “حمدان السميح” وتسعة من قواته، مبيناً أنه ليس هناك خسائر وسط المواطنين، وقال إن الأحداث نتجت أثناء تحرك قوة من قوات الدعم السريع تحمل بعض المتفلتين إلى الفاشر بعربتين، مشيراً إلى أنها وقعت في كمين قرب مستريحة وأنه نتج عنه تدمير واحدة من العربتين أدى إلى مقتل تسعة جنود، وأوضح أن العربة الثانية رجعت إلى منطقة كبكابية وتحركت عربة أخرى من الدعم السريع إلى مكان الحادث لنقل جثامين الشهداء، قائلاً إنها تعرضت لكمين أدى إلى استشهاد العميد “عبد الرحيم جمعة دقلو” قائد متحرك “حمدان السميح”، واحتسبته قوات الدعم السريع وتسعة من الجنود بمنطقة مستريحة مساء (الأحد).
وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع إن هناك عربتين تحملان متفلتين تم القبض عليهم وأثناء ترحيلهم إلى منطقة الزاوية الغرة وقعتا في كمين نصبه المتفلتون وتم تدمير عربة عسكرية ونجت العربة التي تقل المتفلتين. وأبان “الجعلي” أن القائد “عبد الرحيم” كان على اتصال بالمواطنين وقائد المحطة في مستريحة، وأكدوا له أن كل المتفلتين خرجوا من المنطقة وأن قائد المتحرك بدأ الاستعداد لدخول منطقة مستريحة، وقد تم الغدر بهم في كمين نصبه لهم المتفلتون. وقال “الجعلي” إن قوات الدعم السريع ظلت تطارد وتلاحق المتفلتين والمجرمين في إطار حملة جمع السلاح وهي تقوم بواجبها الوطني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية