بعد ومسافة
مع ذوي الإعاقة
مصطفى أبو العزائم
مئات من ذوي الإعاقة بمختلف أشكالها شاركوا في التنافس على جائزة التميُّز والإبداع في مجالات مختلفة وأقسام عديدة، أولها جائزة خاصة لأفضل المؤسسات توظيفاً لهذه الشريحة المهمة، بهدف مساعدة وتوظيف ذوي الإعاقة ودمجهم في سوق العمل، وتتنافس عليها كل المؤسسات العاملة في هذا الجانب.. ثم هناك جائزة “محجوب عبد الحفيظ” للتميُّز الإعلامي والتوعوي المرتبط بقضايا الإعاقة، وهي تهدف إلى الدفع بقضايا الإعاقة إلى الواجهة من خلال إنتاج إعلامي يهتم بالنوعية المجتمعية عن طريق البرامج المرئية والمسموعة والكتابات الراتبة عن هذه القضية الاجتماعية المهمة بالدوريات والصحف، وتشتمل محاور هذه الجائزة اختيار أفضل عمل أو برنامج إذاعي، واختيار أفضل عمل أو برنامج تلفزيوني وتحديد أفضل كاتب متميِّز في قضايا الإعاقة بالصحف والدوريات وأفضل كتابة بحثية أو دراسة علمية متخصصة.
وحدَّدت المؤسسة السودانية لذوي الإعاقة الراعية والمنظمة لهذه الجائزة، حدَّدت جائزة باسم البروفيسور “فيصل محمد مكي” للمبدعين من ذوي الإعاقة، بهدف تقديم النماذج المشرقة للمنتجين والمبدعين وأصحاب المهارات في مجالات الأدب، والقصة، والشعر، والمسرح والدراما، إضافة إلى قسم خاص يهتم بالجانب الفني بأوجهه المختلفة (موسيقى، غناء، مدائح وإنشاد).. وقسم آخر يهتم بمجالات التصميم والتشكيل والرسم، بحيث يتم اختيار أفضل النماذج في التصنيع الزراعي والصناعي أو العمل اليدوي.
بالأمس، كان يوم إعلان أسماء الفائزين، وتشرَّفت بأن أكون أحد شهود هذا العمل الكبير العظيم، في منصة واحدة إلى يمين أستاذنا وأستاذ الأجيال البروفيسور “علي شمو”، وقد كان يجلس على يساره الدكتور “نصر الدين شلقامي”، وهما من أعضاء اللجنة العليا للجائزة، ومن خلف هذا العمل الكبير كله وقف الشيخ الأستاذ “علي عثمان محمد طه” رئيس مجلس إدارة المؤسسة لذوي الإعاقة، وقد أناب عنه الدكتور “الفاتح محمد سعيد” نائب رئيس مجلس الإدارة، مثلما شارك بفعالية واضحة الأستاذ “يوسف سالم محمد طه” الأمين العام للمؤسسة، ومن خلال وجود صاحبكم في المنصة أتيحت له فرصة عظيمة ليتفرَّس في وجوه الحضور الكبير الذي ضم أطيافاً من أهل الإبداع في مجالات مختلفة أخشى أن أعددهم فأنسى ذكر واحد منهم، وقد وقف على أمر وجودهم ومشاركتهم صديقنا الشاعر المرهف الأستاذ “مختار دفع الله” الذي لعب دوراً كبيراً في عمل اللجان، وكان قد أخطر صاحبكم باختياره رئيساً لإحدى لجان جائزة التميُّز والإبداع في مجال ذوي الإعاقة بنسختها الثانية هذا العام، وهي لجنة ضمت عدداً من الخبراء وأصحاب القلم، اختصت بفرز أعمال المشاركين أو بالأحرى المتنافسين على جائزة المرحوم “محجوب عبد الحفيظ” للتميُّز الإعلامي والتوعوي المرتبط بقضايا ذوي الإعاقة، ضمت الأستاذ “جمال عنقرة” و”عامر باشاب” و”مختار دفع الله” نفسه، وكانت تلك المشاركة فرصة للدخول إلى عالم هذه الفئة الناضجة مكتملة العقل، وتم إتباع معايير دقيقة لاختيار الأعمال الفائزة، وهذا هو ذات ما جرى في بقية اللجان.
مجمل الأنشطة والمجالات الإبداعية كانت خمسة عشر مجالاً، بينما بلغ الفائزين بالمركزين الأول والثاني، اثنين وثلاثين فائزاً وفائزة، للاشتراك في بعض الجوائز، وكان أبلغ احتفاء بالفوز هو هتاف متقطِّع من إحدى المشاركات وهي صماء، لم تستطع أن تعبِّر إلا بذلك الصوت المتهدِّج والدموع.
ونقل الدكتور “محمد سيف” مشهداً بأعضاء لجنته المختصة بالإبداع الفني والموسيقي مثل الدكتور “عبد القادر سالم” والمبدع الموسيقار “عمر الشاعر” نقل بعض مشاهداتهم وملاحظاتهم عن المتسابقين، وكيف أن بعض المصابين بالإعاقة الذهنية كانوا يؤدون الأغنيات الوطنية كاملة دون تأتأة أو فأفأة أو أخطاء، وقال للحضور الذي شهد تلك الاحتفالية إنهم كانوا يقصدون تخطئة أحد المشاركين، لكنه كان يتمسَّك بما يؤديه ويحتج غاضباً على تلك المحاولات.
جزا الله القائمين بأمر هذا العمل الجليل كل خير وبارك في عملهم وتقبله منهم، وهم يزرعون البسمة في وجوه تستحق أن ترسم عليها الابتسامة أبداً.. والجميع الآن في انتظار الاحتفال الكبير بتوزيع وتسليم الجوائز.