مسألة مستعجلة
هؤلاء جديرون أن تُميَّز أوضاعهم!
نجل الدين ادم
لفتت إحدى الزميلات نظري إلى أحد القضاة الذين ذاع صيتهم في فترة من الفترات رغم صغر درجته المهنية وهو يجول في شوارع الخرطوم، ويبدو عليه الرهق ربما بسبب بلوغ المعاش أو مغادرة المهنة لأي سبب من الأسباب، ومثل هؤلاء وهم كثر من قضاتنا قدَّموا للوطن والمواطن الكثير في سبيل بسط العدالة وتحقيق معانيها، وكان بإمكانهم أن يغيِّروا مسار حياتهم بجرة قلم يبيعون فيه ذممهم أو يغضون الطرف عن الصواب ويتكسَّبون ما ليس له حد، لكنهم اختاروا الصدق والأمانة والورع والزهد لتحقيق مبدأ العدالة للجميع، فليس أقل من أن تضعهم الدولة في قائمة اهتماماتها سواءً أكان هؤلاء في درجات عليا أو أدنى في السلك القضائي، وتهيئ لهم أوضاعاً اقتصادية ميسورة في الخدمة وما بعد الخدمة تعينهم في السير في طريق النزاهة والورع وعدم التعرُّض للإغراءات.
القضاة وكل المسؤولين في أجهزة تطبيق العدالة مثل المستشارين القانونيين وضباط الشرطة الذين يعملون في الحقل الجنائي، جديرون بالاهتمام البالغ من قبل الدولة على أعلى مستوياتها، من قبل المؤسسات التي يعملون بها، يستحق هؤلاء من الدولة أن تخصص لهم أوضاعاً استثنائية، تجنِّبهم الإغراءات المالية، يستحقون أن تكون رواتبهم عالية ومميَّزة عن سواهم وأن تكن المهنة جاذبة وليس منفِّرة بسبب الأوضاع الاقتصادية، يستحق هؤلاء أن يكرَّموا عندما يُحالون للمعاش ويغادرون كراسيهم ويشكرون على ما قدَّموا، يستحقون المكافأة المقدَّرة على ما قدَّموا.
لا أعرف ما إذا كان للقضاة صندوق زمالة لكل العاملين بالسلك القضائي عندما يحالون للمعاش، يعرضون خلاله مشاكلهم وقضاياهم، تقدَّم له الدولة المساعدة ليطِّلع بدوره تجاه زملاء المهنة من القضاة والمستشارين القانونيين، لا تجعلوا المهنة منفِّرة، ونحن نرى مصير من بلغ بهم سن المعاش يجولون راجلين لا أحد يسأل عن حالهم.
ذات الوضع ينطبق على المستشارين القانونيين رأس الرمح في تحقيق العدالة وهم يقومون بتقييم القضايا وعرضها على القضاة للنظر فيها، وكذا الحال لرجال الشرطة خاصة العاملين في الحقل الجنائي فهؤلاء يبذلون جهدهم في القبض على كل متجاوز للقانون لتحقيق العدالة ورد الحقوق، ولكن للأسف فإن الأوضاع الاستثنائية والمميِّزة تقدِّم لوظائف أخرى لا تشكِّل كراسيها التي يجلس عليها البعض حساسية للمجتمع واهتمام، كما هؤلاء الذين يعملون في حقل تنفيذ العدالة والله المستعان.