خبراء: الإجراءات مسكنة.. والدولة أمام مطب توفير الاحتياطي من النقد الأجنبي
تفاصيل (يوم أسود) للموازي توقفت فيه عمليات البيع والشراء تماماً
تقرير- نجدة بشارة
هدوء غامض وحذر خيم أمس (الثلاثاء) على السوق الموازي بالقرب من برج البركة، حيث كشفت متابعات (المجهر) عن توقف تام لعمليات بيع وشراء الدولار بالسوق وانتشار كثيف لدوريات الحملات.
وكشف تاجر- فضل حجب اسمه- عن حالة من القلق والغموض يعيشها التجار عقب القرارات والإجراءات المالية الصارمة التي صدرت أول أمس عقب اجتماع (الكبار)، حسب قوله، بالقصر الجمهوري وقال: (اليوم أسود على السوق).
وأوضح أن عمليات البيع والشراء توقفت تماماً بالسوق، وأن التجار موجودون، لكن بصفة مواطنين، لقراءة الوضع العام، والبعض لجأ للتعاملات في البيع والشراء وعقد الصفقات عن طريق (الموبايل)، فيما كشف عن القبض على ثلاثة تجار وصفهم بـ(الرؤوس الكبيرة) بالسوق، وأكد: (لم نبع أو نشترِ أي قيمة.. والتجار متخوفون من القرارات)، وتوقع خروج عدد كبير من التجار من السوق لا سيما من المؤسسات الكبيرة.
من جانبه، كشف تاجر عملة عن أن هذه القرارات ستؤدي إلى تجفيف السوق ولجوء التجار لتهريب العملة إلى دول الجوار، وقال إن تجفيف السوق سيفاقم من مشاكل الوفرة والعرض، وبالتالي سيزيد الأسعار، وأكد أن القرارات العقابية ستوقف عمليات البيع والشراء لفترة محددة قبل أن يعاود التجار عمليات البيع والشراء. وأضاف: (ربما يساهم القرار في رفع سعر الدولار إلى 30 جنيهاً خلال فترة وجيزة)، وزاد: (التجار أشطر من الحكومة).
{ عقوبات ضد التجار
كان اجتماع عاصف على مستوى رئاسة الجمهورية قد افضى إلى إجراءات صارمة أقرب ما تكون إلى العقوبات منها إلى القرارات في مواجهة المتعاملين بالنقد الأجنبي وسماسرة العملة بمختلف مستوياتهم، بتوجيه تهم تقع تحت طائلة تخريب الاقتصاد القومي وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب للمتعاملين بالنقد الأجنبي، وأوصى الاجتماع بوقف شراء النقد الأجنبي بواسطة الشركات الحكومية من السوق الموازي ومراقبة الشركات الكبرى التي تشتري الدولار من السوق، بجانب تقييد حركة السفر للدستورين والمؤسسات الحكومية.. وأمام هذه الإجراءات التي بدت ظاهرياً كالعقوبات الموجهة في وجه المشكلة وليس معالجة جذورها، احتار مختصون في التكهن بمآلات القرارات، وأكد عدد منهم أنها ستزيد من تعقيدات المشكلة لقلة الاحتياطي النقدي بالدولة وقالوا إن (التجارة شطارة) ولابد سيجد التجار طرقاً أو منفذاً لمزاولة نشاطهم في تجارة العملة، بينما ذهب آخرون إلى التقدير أن القرار سيساهم في ردع المضاربين واستقرار سعر الصرف.
{ مطب توفير الاحتياطي
وحسب الخبير الاقتصادي دكتور “عبد العظيم المهل” في حديثه لـ(المجهر) فإن الإجراءات التي اتخذتها الدولة مؤخراً ستخفض سعر الصرف لفترة من الزمن، لكن يعتقد أنه سيعاود الارتفاع مجدداً ما لم تتخذ الدولة سياسات مالية ونقدية تساهم في زيادة الإيرادات من العملة الأجنبية.
وقال “المهل” إن سعر الصرف يحدده احتياطي الدولة من العملات الحرة، وأي إجراءات ستحد فقط من الارتفاع ولن تعالج المشكلة بصورة جذرية، بل ستكون مسكناً لفترة مؤقتة، ويبقى المحك: هل تستطيع الحكومة تمويل الحاجة من الاحتياطي لـ(4) ملايين شخص أجنبي بالبلاد؟
{ ضبط الاستيراد
ويرى الخبير الاقتصادي ضرورة ضبط الاستيراد والاعتماد على المنتجات المحلية، وأن يقنن الاستيراد عبر القنوات الرسمية بأن تقدم الضمان للمستورد، وطالب بضرورة تطبيق هذه الإجراءات ومتابعتها وتقييمها.
في الأثناء، كشفت جولة استطلاعية بأسواق بحري عن تخوف التجار من أن يؤدي القرار إلى تجفيف السوق من المنتجات المستوردة، نسبة لتوقع زهد التجار في الاستيراد عقب القرارات التي قالوا إنها تنذر بندرة العملة الأجنبية، وأكدوا أن المصارف لا توفر النقد الكافي للمستوردين، وتوقعوا ارتفاع أسعار السلع المستوردة خاصة الأجهزة الكهربائية، السيارات والسلع الاستهلاكية.
{ تجفيف السوق
من جانبهم عبر خبراء عن قلقهم من أن تؤدي هذه القرارات إلى تجفيف السوق من العملة، وقالوا إن القرار سبق تطبيقه ولم ينجح في خفض سعر الدولار، وأشاروا إلى أن المضاربين سيستخدمون القرار لتجفيف السوق الآن ورفع السعر لاحقاً، وقالوا أن هذه المعالجات قد تؤثر سلباً على الدولة، وقد يلجأ التجار إلى تهريب العملة الأجنبية إلى دول الجوار، فيما رأوا أن المضاربين يوفرون العملة الأجنبية فقط لتوفير السلع الكمالية، وذلك قد لا يؤثر في سعر السلع الأساسية التي تمول من قبل الحكومة.
فيما اعتقد الخبير الاقتصادي بروف “عصام الدين بوب” في حديثه لـ(المجهر) أن الإجراءات مجرد قرارات عقابية وجاءت متأخرة، وأضاف: (من الصعوبة تقويم مشكلة سعر الصرف بفرض إجراءات عقابية، وكان أحرى أن تسعى الحكومة لإيجاد سبل لزيادة الإيرادات والعائدات من النقد الأجنبي).
{ مزيد من الإجراءات
فيما كشف وزير الدولة بالمالية د. “عبد الرحمن ضرار” في تصريحات، أمس (الثلاثاء) بالبرلمان عن جملة من التدابير سيتم اتخاذها، بجانب الإجراءات الصادرة لتقويم سعر الصرف، وأشار إلى سياسات جديدة لسعر الحافز، بالإضافة إلى ترتيبات لانتقال الدولار من السوق الموازي إلى الرسمي.