رأي

عز الكلام

أعطوا العيش لخبَّازه
ام وضاح
ولى الفاروق “عمر بن الخطاب” أحد الولاة على ولاية من ولايات المسلمين، وقبل أن يبعثه إليها سأله سؤالاً ربما في ظاهره لا علاقة له بالتكليف، سأله الفاروق عن كيف يتعامل مع أهل بيته، فقال الرجل إنه يتخذ الحسم والصرامة والقسوة، سياسة ومنهاج حياة، لدرجة أنه إذا دخل داره سكت من يتحدَّث وتجهَّم من كان يضحك، فما كان من الفاروق ابن “الخطاب” إلا وأن أمر بعزله للتو، واللحظة، وقال له: كيف أأمن  على المسلمين من لا يرحم أهل بيته، فكيف له أن يرحمهم، لتتبدى وتظهر حكمة الصحابي الجليل في كيفية اختيار من يتولون شؤون الرعية ويكونوا الأقرب لها آمالاً وأحلاماً وأمنيات، وقلت الكلام ده ليه، لأننا محتاجين أن نذكِّر حكومتنا أن تصطحب حكمة ابن “الخطاب” في اختياراتها لوزرائها وولاتها ومسؤوليها ليه ما تعيِّن الحكومة وزيراً للمالية من غمار الناس رجل تكنوقراطي لازال يمشي في الأسواق ويشتري مستلزمات أهل بيته، لا عنده استثمار لا مؤمِّن ظهره بثروة ولا مال ولا أرصدة، يعيش معنا المعاناة اليومية يحسها  (يحسها بمعنى الكلمة)، ويعمل جاهداً على أن يغيِّر الواقع المر. ليه ما يكون وزير الصحة طبيب مارس المهنة تعطَّر بالديتول وساهر في غرفة العمليات يعرف يعني شنو عيَّان يموت، لأنه ما في دواء أو لأن غرفة العمليات ليست جاهزة، كما ينبغي له ما يكون. وزير التعليم رجل أفنى عمره شائل الطباشيرة تنشَّق غبارها وتخضَّبت يده بألوانها، عارف يعني شنو معلِّم يركب المواصلات يدافر ويدافس وجيبه ما فيه حق الفطور ومطلوب منه يكون مزاجه رائق ويوصِّل المعلومة كاملة ومكتملة، عارف يعني شنو إحساس طالب يقرأ من كتاب مشترك مع خمسة، أو يتكئ على درج خشبي ملئ بالخدوش والحفريات، يعلم تماماً بإحساس تلميذ يجلس تحت فصل آئل للسقوط يرتجف ويهتز مع كل زخة مطر. ليه ما يكون وزير الثقافة من صلب المبدعين عانى رهق الكتابة ووجع ميلاد الحروف والكلمات والألحان أو ضربة الفرشاة الأولى على القماش. ليه ما يكون وزير الإعلام من لدن قبيلة الإعلاميين أصحاب الفهم والقلم يساند قضاياهم وينحاز لمشاكلهم ويقف في صف حريتهم، يرفض وينافح القوانين المقيِّدة المذلة والمكبِّلة لحرية الرأي والكلمة. ليه ما يكون وزير الرياضة من الذين لعبوا الدافوري واتجدعوا في الميادين الخضراء أو مارسوا الرياضة بكل أنواعها سباحة وسلة وسباق خيل. ليه تعطى الوزارات لمن لا علاقة لهم بها من أجل عيون ترضيات سياسية أو تقسيمات حزبية، وهو أنتو متراضيين ومتقسِّمين فوق شنو ولشنو، وأمثال هؤلاء راجعين بالبلد حركة وراء وما قادرين يحلوا مشاكلها.
اعتقد أنه آن الأوان أن نوقف لعبة الساقية التي نلف بها لأكثر من كم، وستين سنة ما سوينا حاجة، وما حنسوي حاجة طالما العيش. لا يخبزه خبَّازه.
كلمة أعز
السيد “أبو قردة” وزير الصحة استنكر الأموال الطائلة التي تُصرف على مرضى السرطان، شفاهم الله وعافاهم، وبعد داك بموتوا، على حسب قوله، والسيد الوزير المستخسر القروش المصروفة، وهي ذاتها شن نفرها وهي مجرَّد ملاليم. كنت أتمنى لو تَبَنَّى حملة لاكتشاف مسببات تفشي السرطان ومحاربتها بدلاً من هذا الحديث غير المسؤول وغير الإنساني.
كلمه أعز
الوزير الذي يفكِّر مجرَّد تفكير في رفع الدعم عن الخبز يجب أن يعفى للتو واللحظة، لأنه لا مجال للتلاعب بلقمة العيش المغموسة بالتعب والضنك.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية