بعد ومسافة
حمى محاربة الفساد تجتاح المنطقة!
مصطفى أبو العزائم
يبدو أن هذا الموسم سيكون موسم كشف الفساد في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وما حدث ليلة الخامس من نوفمبر الحالي بالمملكة العربية السعودية يبدو أنه الأقوى حتى الآن، فالذي حدث هناك زلزال بمعنى الكلمة.. زلزال ضرب مراكز القوة القابضة على بعض مراكز القرار وكثير من المال، ليبدأ في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز” وولي عهده الأمين أمير الشباب وأمير القانون صاحب السمو الملكي “محمد بن سلمان” عصر جديد ليس في محاربة الفساد فحسب، بل عصر يمكن أن نطلق عليه عصر الشفافية مع هذه القرارات الحازمة والحاسمة التي تضع الحق في مكانه بعيداً عن استغلال المنصب أو النفوذ، وهي قرارات كما تابع العالم بأجمعه لم تستثن أحداً أميراً أو وزيراً أو حتى رأسمالياً ثرياً وخطيراً.
والعمل الجيد ينتقل من مكان إلى آخر خاصة إذا ما جاء من قدوة يمكن أن يتتبع الآخرون خطاها، ويمكن أن ينتقل من بلد إلى آخر مثلما يمكن أن يكون تأثيره الإيجابي على الجميع، لذلك نتوقع أن تواجه القرارات الأخيرة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية الشقيقة قبولاً عظيماً على المستوى الشعبي، وهو واقع وحادث الآن، كما أنها ستنال تقدير وإعجاب كل الشعوب المسلمة والعربية، وستسعى لأن تنحو حكوماتها ذات النحو، ولكن في المقابل ستواجه هذه السياسات حرباً خفية من الفاسدين والمفسدين، ونحن لا نستطيع رمي الاتهامات جزافاً أمام كل متهم ما لم يثبت ذلك من خلال التحقيقات والتحريات الدقيقة من خلال لجان متخصصة يتم فيها تمثيل كل القوى العدلية، وهو ما حدث بالنسبة للمتهمين بالفساد في الشقيقة السعودية، إذ خضع إثبات الاتهام إلى مراحل دقيقة من التحري والتحقيق والتدقيق ومراجعة الحسابات البنكية ومراجعة كثير من عقود الإنشاءات الضخمة والمشروعات التي تكلف مئات الملايين من الريالات، حسبما جاء في البيانات الرسمية.
السعودية الآن تقود مرحلة جديدة ومطلوبة في كل عالمنا العربي وفي كل منطقة الشرق الأوسط، إذ لم تعد السلطة حامية للفساد إن لم يكن بعض سدنتها شركاء فيه.
ونحن في السودان ننتظر حدثاً مهماً ظللنا ننتظره سنين عدداً وهو إعلان مفوضية مكافحة الفساد التي نتمنى أن يكون على رأسها مسؤول عدلي كبير في درجة رئيس قضاء حتى يكون سلطة عليا لا تخضع لتدخلات مرضى السلطة وضعاف النفوس الذين إن لم يفسدوا هيأوا ميادين الفساد أو تدخلوا لحماية المفسدين.
نحيي السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” وهو يقدم (البيان بالعمل) بلغة العسكر عندما وجه بالتحقيق مع موظفين بمجلس الوزراء، وأوكل أمر التحقيق للجنة يترأسها الأستاذ “جمال محمود” وزير الدولة بالمجلس، استناداً إلى معلومات أو شكوى شفاهية أوردها السيد وزير المالية الفريق الدكتور “محمد عثمان الركابي” مشككاً فيها بمعلومات وردت في تقرير عن اجتماع مهم ضمه وعدد من الوزراء ناقش قانون مفوضية مكافحة الفقر.. وفي ذلك بالقطع إشارة لمحاولة تزييف الحقائق، وفي هذا فساد.
وفي ولاية كسلا تكشف حكومتها عن وجود تلاعب كبير في تنفيذ مشروعات تنموية في عهد حكومة الوالي السابق تم مقابلها رهن عدد من منازل الدستوريين ومبانٍ حكومية أخرى للحصول على قرض من مصرف المزارع التجاري، وعندما فشلت الحكومة في السداد جاءت الفضيحة على صفحات الصحف السيارة بعرض العقارات– بما فيها منزل الوالي– للبيع بـ(الجرس)، وتقول التفاصيل إن الوالي الأستاذ “آدم جماع” فوجئ بكشف حساب خاص بمديونية الولاية لمصرف المزارع التجاري فرع كسلا يطالب فيه بسداد (39) مليون جنيه– مليار بالقديم– وقام الوالي يحقق بواسطة أجهزته ليكتشف أن هناك تلاعبات خطيرة وكبيرة حدثت في تنفيذ تلك المشروعات الممولة، خاصة وأن مبلغ الرهن كان ضخماً مقارنة بما تم تنفيذه.. نحن ننتظر خطوات عملية لمحاربة الفساد.. ننتظر.