حوارات

رئيس اتحاد جامعة الخرطوم أيام ثورة أكتوبر والقيادي الإسلامي "ربيع حسن أحمد" يحكي لـ (المجهر) قصة أكتوبر (1/2)

-لا نحن ولا نظام “عبود” كنا نتوقع أن تقود ندوة الجنوب لثورة و  صحف الحكومة نشرت ما قاله “الترابي”
-الحزب الشيوعي هادن “عبود” عندما وضع نظاماً جديداً للحكم و”فاروق أبو عيسى” ترشَّح في هذه الانتخابات
-أكتوبر ثورة طلابية و”الترابي” لم يكن معروفاً سياسياً والسيد “الصديق المهدي” كان أبرز السياسيين المعارضين
حوار: فاطمة مبارك

مقدمة:
تمر الذكرى السادسة والخمسون لثورة أكتوبر التي اندلعت في 21 أكتوبر1964م، ضد نظام الفريق “عبود” ولا زال هناك تباين في الروايات حول من قام بتفجير الثورة، لكن المؤكد أن الطلاب ممثلين في اتحاد جامعة الخرطوم لعبوا دوراً بارزاً في قيام ثورة أكتوبر من خلال الوقوف في وجه سياسات نظام “عبود” داخل الجامعة وخارجها على صعيد الأحزاب والتنظيمات السياسية آنذاك، يعتقد بعض المؤرخين أن عدم تعامل الرئيس “عبود” بجدية مع مشكلة الجنوب من الأسباب الرئيسة التي قادت لثورة أكتوبر، فيما يرى آخرون أن الندوة السياسية التي أقيمت بجامعة الخرطوم وتحدَّث فيها دكتور “الترابي” عن مشكلة الجنوب  كانت البداية التي ألهبت شرارة الثورة وبعدها انضم لها الطلاب والتنظيمات السياسية ومن ثم لحق بهم نقابات الأطباء والمحامين والعمال وغيرهم من النقابات ونتج عن ذلك هبة شعبية.
“عبود” من جانبه اتخذ بعض الإجراءات حاول تكوين حكومة جديدة برئاسته لكنها لم تبطل مفعول الثورة التي أدت إلى زوال النظام. (المجهر) حاولت إعادة قراءة قصة الثورة مع أحد المشاركين فيها ورئيس اتحاد جامعة الخرطوم في تلك الفترة الأستاذ “ربيع حسن أحمد”  فماذا قال:
#حدِّثنا عن الأجواء السياسية ما قبل ثورة أكتوبر داخل الجامعة وخارجها ؟.
نحن دخلنا الجامعة في عام  1959م، وجدنا الأجواء في الجامعة ملتهبة سياسياً، لأن الرأي السائد وسط الطلاب هو معارضة نظام “عبود” باعتباره نظام عسكري أوقف الحكم الديمقراطي، و”عبود” في ذلك الوقت أوشك أن يكمل العام ونتيجة لذلك.

#كيف بدأ اتحاد الخرطوم معارضته لنظام “عبود” ومتى؟.

في سبتمبر 1959م، رفع  اتحاد طلاب جامعة الخرطوم مذكرة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، طلب فيها إنهاء الحكم العسكري وعودة الجيش إلى سكناته وعودة السودان إلى النظام الديمقراطي المدني، وطبعاً اتخذت إجراءات داخل الجامعة ضد تلك اللجنة من منذ هذه  اللحظة استمر الاتحاد في موقفه المعادي للحكومة.
 
# يمكن نقول البداية كانت بمواقف طلابية بحتة؟.
نعم، هذا الموقف تبنته كل الاتجاهات داخل الجامعة وعندما جاءت احتفالات الثورة في17نوفمبر،  اندلعت مظاهرات داخل الجامعة وأغلقت على أثرها الجامعة.
#ماذا حدث بعد ذلك؟.
في العام 60  19م، حصلت  الأحداث المتعلقة بحوادث حلفا وهي قيام السد العالي في مصر وناس حلفا وقفوا بشدة وخرجوا في مظاهرات.
#و”عبود” كان متواطئاً مع اتفاقية قيام السد؟.
“عبود” وافق رغم أنها كانت اتفاقية مجحفة، ولا زلنا نعيش في مشاكلها، المهم بضغط من الحكومة المصرية و”جمال عبد الناصر” وافقوا على الاتفاقية، ونحن كنا ضدها، “جمال عبد الناصر” زار الخرطوم         60   19وأذكر أننا خرجنا في مظاهرات ضد الزيارة وأغلقت الجامعة.
# يعني مظاهرات اتفاقية السد ألهبت شرارة أكتوبر؟.
مظاهرات حلفا تقريباً كانت أول مظاهرة تخرج للشارع والطلاب استغلوها ودخلوا فيها واشترك فيها الفنان “محمد وردي”، نحن خرجنا في تلك المظاهرة واستمرت المسألة سجال بيننا وبين الحكومة.

#الم تتخذ الحكومة إجراءات ضد الطلاب؟.
  الحكومة في سنة 1961م، عملت قانون خاص للجامعة، كان يسمى القانون رقم (9) وأهم بنوده أنه يحرم النشاط السياسي للاتحاد، لكننا لم نعترف به وأيضاً أغلقت الجامعة، و استمر هذا الوضع إلى أن ذهب النظام.
#أين كانت حينها الأحزاب والتنظيمات السياسية؟.
في ذلك الوقت تكوَّنت الجبهة الوطنية داخل السودان، وكان السيد “الصديق المهدي” معارضاً ظاهراً، وكل الأحزاب موجودة وحكومة “عبود” دخلت معهم في مشاكل واعتقلتهم، كذلك نقابات العمال كان لها نشاط فحركة المعارضة كانت مستمرة.
# ذكرت حزب الأمة فما هي الأحزاب الأخرى التي كانت بارزة؟.
من القيادات البارزة أهم شخصية في الجبهة كان السيد “الصديق المهدي”، لأن موقفه كان واضحاً تجاه نظام “عبود”، “إسماعيل الأزهري” وكل طاقم الحزب الاتحادي كانوا موجودين والحزب الشيوعي كان موجوداً، وكذلك الأخوان المسلمين  وممثلين للحركة الإسلامية، أما حزب الشعب الديمقراطي الذي انشق من الحزب الاتحادي نحن اعتبرناه واقف مع الحكومة.
#لماذا؟.
 لأنه أيَّدها، ناس الشيخ “علي عبد الرحمن” أيَّدوا الحكومة وقدَّموا لها مذكرة احتفت بها الحكومة وأسمتها مذكرة كرام المواطنين، الناس كانوا يستغلوا المناسبات فوفاة السيد “الصديق” حضر إليها ألوف مؤلفة وكان هذا شكل من أشكال المعارضة، والأجواء في السودان كانت أجواء معارضة وتعبِّر عن رفضها للنظام.
#بالنسبة لك هل نظرت للأمر باعتباره ثورة جميع الطلاب؟.
شوفي، نحن عندما جئنا للجامعة وجدنا الفهم السائد أن الاتحاد هو مؤسسة وطنية لها وضعية خاصة في السودان، وكان يوصف الاتحاد دائماً بأنه يقف مواقف قومية ولم يكن يؤيد حزب من الأحزاب، وعلمنا عندما كانت هناك أزمة سياسية قبل انقلاب “عبود” أن الاتحاد كان يقوم بدور التقريب بين الأحزاب.

#الاتحاد كان ممثلاً لكل الأحزاب؟.
طبعاً، كان ممثلاً لكل الأحزاب، فيه الاتجاه الإسلامي والجبهة الديمقراطية والمستقلين.

# لم يكن هناك عداء سافر بين الأحزاب؟.
داخل الجامعة فقط يوجد النقاش الفكري، ولكن لا يوجد العنف الذي ظللنا نراه مؤخراً في الجامعات، أنا شخصياً لم أشهد تعامل عنيف داخل الجامعة.
#إذاً الاتحاد كان مقبولاً للجميع؟.
كان للاتحاد وضعية خاصة وسط الطلاب والأساتذة وكان أية قرار يقوم به الاتحاد يعتبر قرار الطلاب.

#يقال إن حكومة “عبود” حاولت جعل جامعة الخرطوم تابعة لوزارة المعارف؟.
هذا القانون عمل في1962م، تقريباً ويعرف برقم (9) خاص بالجامعة وأصدر قراراً سياسياً بتبعية جامعة الخرطوم لوزارة التربية والتعليم وكان الوزير وقتها “طلعت فريد”.
#ماذا كان ردكم؟.
نحن اعترضنا وقلنا كيف تكون هناك تبعية وهي جامعة مستقلة ولا تتبع للحكومة، وهذه كانت واحدة من الأشياء التي عملتها الحكومة للسيطرة على الجامعة.
#في أي سياق فهمتم هذه الخطة؟.
هم كان لديهم أفكار من ضمنها أن توزع كليات الجامعة ويصبح الطلاب مثل الموظفين ويكون طلاب الطب تابعين لوزارة الصحة و القانون للقضائية ويصبحوا موظفين يُضبطوا بقانون الخدمة المدنية.
#يعني شكل من أشكال السيطرة على الجامعة؟.
نعم، لأن الجامعة كانت هي الجهة الوحيدة المعارضة، الجبهة الوطنية بعد وفاة “الصديق المهدي” توقفت، لذلك فكَّروا في هذا القانون والطلاب طبعاً رفضوا هذا القانون وعملوا مذكرة وأوضحوا أن هذا القانون  لا يتناسب مع جامعة الخرطوم كمؤسسة أكاديمية ورفضوا حجر العمل السياسي على الطلاب.
#ما موقف إدارة الجامعة؟.
إدارة الجامعة حاولت إيجاد حل للمسألة وتطمئن الطلاب بأنه لن يحدث شيء وفي سنة 1963م، الطلاب  قدَّموا مذكرة لإدارة الجامعة.
#من كان المدير وقتها؟.
كان “النذير دفع الله”..وقال لهم: أنا أقبل دستور الاتحاد لكن قانون الجامعة سيظل موجوداً، طبعاً كان هنالك تعارض بين القانون رقم (9) ودستور لاتحاد، في عام 1963م، الطلاب دخلوا في إضراب ضد أمن الجامعة وأغلقت الجامعة قرابة الشهرين وكانت أطول مدة إغلاق  تشهدها الجامعة، بعد رجوعنا الإدارة اقترحت علينا أن يجلس الطلاب والإدارة ويحاولوا بحث هذه الأمور ليروا أين مصلحة الجامعة، الإدارة كانت قد سحبت الاعتراف بالاتحاد من قبل.

#كيف إذاً كانوا يتعاملون معكم؟.
  كانوا يتعاملون معنا بصفتنا الشخصية، ويواصل في حديثه: فدعوا لجنة الاتحاد وقالوا إنه ليس صحيحاً أن لا يكون هنالك اتحاد في الجامعة ونحن نعترف بلجنتكم، وكوَّنوا لجنة من العمداء وأنا كنت رئيس الاتحاد في ذلك الزمان واللجنة حاولت حلحلة بعض المشاكل، لكن لم تتمكن، لأن الإدارة كانت تتعرَّض لضغط من الحكومة، بعد ذلك في  1964م، استمر الوضع والتوتر، فقام الاتحاد بعمل مذكرة رفعها لوزير الداخلية.
#ماذا كان رد النظام؟.
تم اعتقال اللجنة التي كان يرأسها أخونا المرحوم “حافظ الشيخ”، في الجانب الأخر كانت هناك نذر عمل سياسي معارض هذا بعد أن بدأت أحداث جنوب السودان تظهر في شكل تمرُّد، الحكومة قالت إن موضوع الجنوب يمكن للناس مناقشته، فكانت أول مناسبة تمت فيها المناقشة، ندوة (الأربعاء) الشهيرة  التي تحدَّث فيها دكتور “الترابي”.
#طلاب جامعة الخرطوم كانوا مهتمين بقضية الجنوب؟.
جداً، باعتبارها قضية عامة وكانت الأخبار تأتي إلينا ونحن كنا ننشرها في جرائد الحائط مثل أن نقول حدثت معركة في المنطقة الفلانية واستشهد فيها ضابط وجنود، وكذا والصحف لم تكن تورد هذه الأخبار.
#تقصد صحيفة (آخر لحظة) الحائطية ؟.
نعم، وأذكر في ذلك الوقت كان  كابتن “شيخ الدين” وكان لديه أدوار كثيرة، كان يسافر إلى الجنوب وعندما يعود يمدنا بالأخبار والناس لا يعرفون من أين نأتي بالأخبار.
#من هو رئيس تحريرها؟.

كنت أنا رئيس تحريرها.

#من رتَّب لندوة الجنوب التي أشعلت الشرارة؟.
الندوة لم نرتِّبها نحن ولا الاتحاد ولكن رتَّبتها جمعية الفلسفة .

# في الجامعة ؟.
نعم، مثلها مثل الجمعيات الكثيرة الموجودة وهي تابعة للاتحاد، وأيِّ جمعية كانت تابعة للاتحاد.

#نظَّموها بأي فهم؟.

باعتبار مشكلة الجنوب موضوع عام وكنشاط من الجمعية.
#بعض الكُتَّاب يتحدَّثوا عن أن ندوة “الترابي” لم تكن سبباً في تحريك الثورة؟.
(ما في زول) كان متخيِّل أنها تكون سبباً في حركة سياسية كبيرة تصل مرحلة ثورة، بدليل أن الحكومة نفسها لم تأخذها بتلك الجدية وما يؤكد أن  جريدة (الأيام) المحسوبة على النظام نشرت الكلام الذي ذكره “الترابي”، ونحن دهشنا عندما نشرت الكلام، “الترابي” قال الكلام الذي نشر في الأيام ليس دقيقاً، وقال أنا قلت كذا وكذا وقاموا بنشر التصحيح، ما يعني في ذلك الوقت لم تكن هناك قراءة تدل على أن هذا الكلام سيؤدي إلى ثورة و”الترابي” موجود في الجامعة لم يعتقل وكان وقتها أستاذاً. المتحدِّثون لم يتطرَّقوا لهذا الموضوع ولم يتحدَّثوا عن مشكلة الجنوب، لكن “الترابي” تحدَّث عن القضية وقال السبب في قضية الجنوب أن البلد محكومة حكم ديكتاتوري.
# كان هذه أول مرة للإسلاميين ممثلين في دكتور “الترابي”؟.
والله شوفي، الإسلاميون في الجامعة كانوا في قيادة هذه المسألة ما في شك في ذلك، لكن خارج الجامعة لم يكن هناك وجود للإسلاميين بصورة واضحة في هذه المسألة، ليس مثل الحزب الشيوعي الذي كان معروفاً، لكن الإسلاميين لم يكونوا معروفين.
# لم يكن هنالك تنسيق بين الإسلاميين داخل الجامعة وخارجها؟.
التنسيق كان موجوداً، لكن كان عددهم قليل خارج الجامعة، ولم تكن هنالك شخصيات بارزة وهم كانوا مشتركين في الجبهة الوطنية ويمثلهم “صادق عبد الله عبد الماجد”.
#الجبهة كانت تضم كل الأحزاب؟.
نعم، كل الأحزاب وكان مستغرباً أن   الحكومة عندما اعتقلت ناس الجبهة الوطنية لم يعتقلوا “الصادق عبد الله”.
#لماذا برأيك؟.
يفتكروا أنه لا يشكِّل خطراً، وأتذكر أنا قلت لـ”الترابي” لماذا لم يتعقلوا “صادق عبد الله عبد الماجد” قال لي: (يمكن ما فهموا كلامه).

#من هم الذين اعتقلوا ؟.

“عبد الله خليل” و”محمد أحمد محجوب” و”أحمد سليمان” وكان شيوعياً في ذلك الوقت ورحلوهم إلى  الجنوب (في جوبا).
{ الترابي لم يعتقل؟.
لا، “الترابي” لم يكن معروفاً.
# أول ظهور له كان في تلك الندوة؟.
نعم، في الندوة، كان يشارك في مناشط فكرية، لكن أول مرة يظهر في حاجة سياسية.
#ما حقيقة دور الحزب الشيوعي في ثورة أكتوبر؟.
الحزب الشيوعي في تلك الأيام، حسب قراءتنا نحن كان مهادن للحكومة في تلك الفترة وأغلب كوادره خرجت من السجن بما فيهم “عبد الخالق محجوب” والوحيد الذي كان معتقلاً هو “أحمد سليمان”  لأسباب أخرى، لكن الباقين كانوا غير معتقلين.
#لكنه كان مؤيد للحراك السياسي العام ؟.
الحزب الشيوعي اختلف مع الأحزاب السياسية عندما كان ناس “عبود” يريدون وضع نظام حكم جديد، في ذلك الزمن كان هناك موضة تسمى  ديمقراطية القاعدة، وكانت طُبِّقت في باكستان وأندونيسيا، تقوم على قيام  مجالس على مستوى القرى وتمضي إلى أعلى فتصبح على مستوى الولايات. وكانوا يريدون عملها في السودان وفعلاً عملها ناس “أحمد خير” و”أبو رنات” حتى أصبح هنالك شيء اسمه المجلس المركزي وبدأ بالانتخابات على مستوى المحليات، وبعد ذلك تم التصعيد حتى وصلوا المجلس المركزي.
#هل شارك الشيوعيون فيها؟.
 نحن لم نعترف بهذا النظام الجديد، لكن الشيوعيين دخلوا الانتخابات و”فاروق أبو عيسى” ترشَّح فيها وعندما سألناهم قالوا نحن دخلنا الانتخابات بهدف استغلال المنابر لمهاجمة الحكومة، لكن حقيقة لم يكن الأمر كذلك، ونحن فسَّرنا الموقف بأن الحزب الشيوعي يهادن، وكانت الحكومة عملت علاقات مع روسيا وظهرت في المشاريع الاقتصادية، وروسيا عملت جملة مشاريع في السودان، مشروع البصل في كسلا ومشروع الكرتون في أروما، وهي مشاريع صغيرة، والرئيس الروسي وقتها زار السودان، في النهاية  صدق تفسيرنا عندما ناقشنا هذا الأمر مع الطلاب وفي اللجنة التنفيذية  ناس الجبهة الديمقراطية كانوا معترضين اعتراض شديد وقالوا هذا تحرُّش بالبوليس وهاجموا حزب الأمة وغيرهم، لكن نحن استمرينا في الحكاية.
#بدأ الإسلاميون يتحرَّكون أليس كذلك؟.  
طبعاً، بعد ندوة “الترابي” بدأت حركة وسط الإسلاميين وقاموا بعمل ندوة في جامعة القاهرة فرع الخرطوم، تحدَّث فيها المرحوم “محمد صالح عمر” والمرحوم “علي عبدالله يعقوب” وكانوا من رموز الإخوان في ذلك الزمان. و”محمد صالح عمر” جاءنا في جامعة الخرطوم وقال مستعد يتحدَّث في الندوة التي يريد الاتحاد قيامها وأنا أخبرت اللجنة ورفضت.
#لماذا رفضت؟.
قالوا الندوة تكون باسم الاتحاد ولا يدخل فيها أحد من الخارج، وكل هذا  كان محاولة لحصرها في الطلاب والمتحدِّثين أنفسهم يكونوا من المعسكرات وفعلاً انعقدت الندوة وكانت بداية الثورة .
{ نتحدَّث ما بعد الندوة واندلاع الثورة ماذا حدث في ذلك اليوم؟.
الندوة صنعت أجواء تؤكد أن هناك مواجهة ستتم والناس المحتكين بالجامعة يعرفون الأخبار، لكن عامة الناس لا يعرفون والجرايد لا تكتب طبعاً، فكانت الأجواء فيها نوع من التهيئة لعمل كبير، وكنا نريد عقد هذه الندوة في دار الاتحاد، ولكن ناس إدارة الجامعة كانوا أذكياء فقاموا بإغراق جميع ميادين الاتحاد حتى لا تقوم الندوة.
{ في ذلك الوقت، الشيوعيون في لجنة الاتحاد كانوا مشاركين؟.
الشيوعيون في اللجنة وكانوا ملتزمين ولا يستطيعون العمل منفردين وقدموا متحدِّثهم في الندوة وكان أول المتحدِّثين
{ من كان اسمه؟.
اسمه “بابكر الحاج” توفي، وأول ما بدأ يتحدَّث البوليس هجم علينا، فقمنا بتحويل الندوة إلى ميدان كرة في “البركس”، وكان ناس الأمن موجودين وسط الطلاب والميدان لم يكن مهيئاً، لكن كان الغرض أن تقوم هذه الندوة، فقام نائب الرئيس للشؤون الثقافية اسمه الدكتور “أنور الهادي” وهو مريض الآن ربنا يشفيه، قدَّم المتحدِّث الأول وأول ما بدأ الحديث البوليس كان بالجهة الشمالية فألقى القنابل وهجموا على الطلاب هجمة شديدة أدت لتفريق الندوة في الحال.
#ماذا حدث بعد ذلك؟.
تحوَّلت الندوة إلى مظاهرات صغيرة داخل “البركس” بين الداخليات، وأخذت وقتاً اقترب من الساعة بعد ذلك نحن قلنا للطلاب من الأفضل أن نخرج للشارع، وبدأ الطلاب في الخروج وفي تلك اللحظة حصل الضرب وللأسف الشديد لم يتم أي تحقيق في هذه الحكاية لمعرفة لماذا  حصل وكيف.

#أنتم كيف فهمتم ما حصل؟.
نحن كانت قراءتنا أن هنالك مجموعة من ناس الشرطة وجدوا أنفسهم محاصرين فأطلقوا الرصاص، نحن سمعنا بهذا الأمر وحضرنا لنرى ماذا  حصل.
{ هذه هي المواجهة التي استشهد فيها “القرشي”؟.
نعم، “القرشي” استشهد، الباقون  كانوا جرحى منهم “بابكر عبد الحفيظ” وهم حوالي خمسة،  الأساتذة كانوا في دار الأساتذة وسمعوا بهذا الأمر وحضروا و”الترابي” حضر بسيارته وقام بنقل بعض الجرحى وكان معه المحامي “عمر عبد العاطي”، ونحن ذهبنا للمستشفى لنرى ما حصل، ودخلنا المستشفى و أنا دخلت إلى غرفة العمليات ووجدت أن الشهيد اسمه “أحمد القرشي” وكان طالباً بالسنة الأولى.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية