مسألة مستعجلة
من يحمي المواطن من جشع التجار؟!
نجل الدين ادم
بالرغم من الهبوط الإجباري لأسعار عدد من المواد الغذائية وعلى رأسها السُكَّر والدقيق والزيت، البيض الفراخ، …الخ، إلا أن التجار كعادتهم يقاومون هذا التخفيض، لأنهم لم يعتادوا على التخفيض الإجباري، الذي فرضته تطورات الأوضاع الاقتصادية بعد إعلان رفع الحظر الاقتصادي، فقط اعتادوا على الهبوط الاضطراري في الأسعار وهذا النوع من التخفيض يكون عن الوفرة وهو قليل في عالمنا، والمواطن البسيط يقول “السوق ما عندو حاجة بتنزل”.
صحيح أن الهبوط المباغت للأسعار سيلحق أضراراً ببعض تجار الجملة والقطاعي على السواء، لذلك تأتي عملية المقاومة للأسعار لكل من يملك بضاعة بمخزنه حتى بيعها جميعاً.
كتبتُ في هذه المساحة من قبل وطالبتُ في ذات الوقت بأن تكون هناك خطة ممنهجة للتعاطي مع الوضع الاقتصادي الجديد والعمل نقل إحساس رفع الحظر الاقتصادي، وآثاره على المواطن بتخفيض أسعار بعض السلع، واشرت إلى أنه كان من الأجدى للحكومة أن تكون لديها خطة مسبقة لما بعد رفع الحظر الاقتصادي لتعينها في هذا الانتقال، ولكن يبدو أن أجهزتنا لم تقم بعمل خطة، لا بعد ولا قبل، وتركوا الحبل على الغارب والأوضاع إلى حيث تسير.
ألم يكن من السهل على الحكومة المحافظة على التطور الإيجابي في خفض أسعار بعض السلع وفق خطة لا يضار منها طرف ويستفيد منها المواطن، كان بالإمكان التنسيق مع المصانع وكبار التجار على هذا الانتقال الإيجابي في الأسعار لتمكين كل التجار سواء جملة أو قطاعي للتخلص من بضاعته بالمخزن عن طريق البيع ومن ثم تتنزل الأسعار الجديدة، السُلطات وقفت متفرجة للانتقال الذي حدث، لذلك وجد ذلك مقاومة من التجار الذين سيضارون من تنفيذ أي هبوط اضطراري للأسعار دون أي تدابير.
اذكر أن إدارة حماية المستهلك بولاية الخرطوم، قد نجحت من قبل في محاربة جشع الأسعار عبر الأسواق الخيرية ونقاط البيع المخفض، الأمر الذي اضطر الكثير من التجار الانصياع لواقع الحال، وكان آخر ما قامت به محاربة جشع تجار الماشية بطرح الإدارة كميات كبيرة من الخراف عن طريق البيع بالكيلو وغيرها من التدابير.
الآن نفس الوضع يحتم على هذه الإدارة الاستفادة من أي تأثير إيجابي بخفض الأسعار بالعمل على المحافظة عليه والمحافظ تتطلب تدابير معينة، كأن تكون هناك عين ساهرة تراقب أي تحركات تعترض التطور الإيجابي للأوضاع الاقتصادية بتخفيض الأسعار.
مطلوب من ولاية الخرطوم أن تعزز من التدابير التي تحول دون خفض الأسعار، وذلك لاعتبارات أن الولاية هي الحاضن لكل هذا الكم الكبير من السكان، لذلك ينبغي أن تعمل الولاية على وضع خطة إسعافية للتعامل مع التطورات العاجلة وخطة متوسطة المدى لتنزيل كل ما يطرأ من برامج لاحقة.
والله المستعان.