بعد ومسافة
دبلوماسية الشباب.. حراك في الاتجاه الصحيح
مصطفى أبوالعزائم
السهرة السودانية المصرية في منزل السفير الدكتور “علي يوسف” بحي الرياض في الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي، والتي جمعت بين وفد المجلس المصري للعلاقات الخارجية الذي زار السودان مؤخراً بدعوة من نظيره المجلس السوداني للشؤون الخارجية الذي تشرفت باكتساب عضويته مؤخراً، والتي كتبنا عنها بالأمس، مع الإشارة لمشاركة عدد من قيادات العمل الصحفي والإعلامي بالسودان فيها، ومناقشة عدد من القضايا الجوهرية فيها بكل جرأة ووضوح، يبدو أن كثيرين قد اهتموا بما تناولناه حولها، وقد تلقيت بعض المحادثات حول ما كتبناه، إضافة إلى رسائل عبر الوسائط الإلكترونية المختلفة، لكن أبرزها على الإطلاق كانت محادثة هاتفية صباحية من الأستاذ “عوض حسن إبراهيم” الأمين العام لاتحاد الشباب العربي الأفريقي، والقيادي الشبابي المعروف، وقد كان عائداً لتوه من الشقيقة مصر التي نظمت مهرجان الشباب العربي الأفريقي الثالث في الفترة الممتدة من السادس وحتى العاشر من أكتوبر الحالي بالعاصمة المصرية القاهرة، وقد شارك فيه السودان بوفد شبابي ضم نحو خمسين شاباً وشابة، إضافة إلى بعثة مشتركة لدولتي السودان وجنوب السودان في إطار مشاركة عربية أفريقية ضخمة تمثلت في مشاركة فاعلة لشباب خمسين دولة عربية وأفريقية.
أثنى الأستاذ “عوض حسن إبراهيم” على ما أسماه بجهودنا في أمر العلاقات السودانية المصرية، وقال إن هذا هو الواجب، وقد أكدت له على ذلك بحسبان أن العلاقة بين شعبي وادي النيل فوق كل خلاف سياسي وأنها علاقة التداخل التاريخي والجغرافي واللغوي والديني وعلاقة المصالح المشتركة التي تستوجب أن نبتعد بها عن ساحات الصراع السياسي وخلافات الأنظمة الحاكمة هنا في الخرطوم أو هناك في القاهرة، فلا نحن بقادرين على زحزحة مصر عن مكانها، ولا مصر بقادرة على زحزحة السودان وإبعاده عن جوارها الجنوبي، وهذا هو الوضع الذي اختاره الله لنا منذ آلاف السنين.
سألت الأستاذ “عوض” عن تفاصيل ما قاموا به، فقدم لي مشكوراً مأجوراً، تفاصيل دقيقة بدءاً من الترتيبات الأولى والاستعدادات المتعلقة ببداية وانطلاقة مهرجان الشباب العربي الأفريقي في نسخته الثالثة، وقد اطّلع السيد وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور” على ترتيبات مجلس الشباب العربي الأفريقي قبيل انطلاقة المهرجان، بحسبان أن السودان هو دولة المقر، وذلك بعد استقباله للأمين العام للمجلس الذي أوضح له أن المهرجان يقام بتنظيم مشترك بين وزارة الشباب والرياضة المصرية والمجلس، وأن شعاره هذا العام هو (رؤى موحّدة للتحديات المشتركة)، وأن وفد السودان سيقوده وزير الشباب والرياضة ويكون هناك وجود وتمثيل رمزي لجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، وأنه سيناقش عدة قضايا من بينها قضايا الإرهاب والتطرف والهجرة والبطالة، إضافة لعدد من الفعاليات الثقافية والرياضية ومناقشة قضية التعاون العربي الأفريقي في مجالات الثقافة والفنون والرياضة والمجتمع والاقتصاد، وقد أكد بروفيسور “غندور” على أهمية دور مجلس الشباب العربي والأفريقي في تثبيت أرضية التعاون المشترك بين أفريقيا والعرب.
طلبت إلى الأستاذ “عوض” أن يقدم لي تلخيصاً عن مشاركة الوفد السوداني وكيف كان استقبال الشعب المصري لأبنائنا وبناتنا، لأن هذا يهمنا الآن في ظل التوترات السياسية التي نشأت بين البلدين الشقيقين مؤخراً، فأكد لي أن الاستقبالات كانت حميمة خاصة وأن شبابنا كانوا مفعمين بالثقة بعد الدعم المعنوي الكبير الذي وجدوه من مساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود” ووزير الخارجية بروفيسور “غندور”، وقد تجلى ذلك من الاستقبالات التي وجدتها قافلة شباب السودان التي غادرت إلى مصر براً وضمت شباب كل من دولة جنوب السودان والصومال وجزر القمر، وقد أحسنت مدينة دنقلا استقبال القافلة، ثم كان الاستقبال الكبير الآخر في مدينة أسوان من قبل قنصلية السودان ومن قبل السفير “عبد الرحيم سر الختم” القائم بأعمال القنصل وكل أفراد القنصلية، وقد امتد الترحيب بالقافلة السودانية حتى بلغت منتهى رحلتها في القاهرة التي تحولت فيها الجلسة الافتتاحية لمهرجان الشباب العربي الأفريقي الثالث إلى مظاهرة حب ووفاء للسودان وإلى مظاهرة ترحيب وتهيئة للوفد الشبابي ولكل الشعب السوداني بمناسبة القرار الأمريكي القاضي بفك الحصار ورفع العقوبات عن السودان.
التلخيص الذي تلقيته من الأخ الأستاذ “عوض حسن إبراهيم” الأمين العام لمجلس الشباب العربي الأفريقي، كان يؤكد على الدوام أن العلاقة السودانية المصرية فوق المغامرات والطيش والجنون، العلاقة بين شعبي وادي النيل يجب أن تكون وأن تظل فوق صراعات الأنظمة وفوق أحلام التمدد على حساب الآخرين، ويجب ألا يرتفع فيها سلاح وأن يتم حل الخلافات بالحسنى وليس بارتفاع الأصوات ومحاولات كل طرف لتشويه صورة الطرف الآخر، إذ لا يعقل أن يشوّه الفرد صورة نصفه الآخر.. وبيديه!