رأي

بعد ومسافة

من يوميات فلان!
مصطفى أبوالعزائم
عندما تولى أستاذنا الكبير “حسن ساتي” – رحمه الله – رئاسة تحرير صحيفة الأيام التي كان نائباً لرئيسها الراحل أستاذنا “إبراهيم عبد القيوم” – رحمه الله – كان في بداية الثلاثينيات من عمره، ورأى أن يستفيد من شباب الصحفيين في الصحيفة في إجراء التغيير الكبير الذي ينشده، فاختارنا نحن مجموعة من شباب الصحفيين – آنذاك – وأسمانا العشرة الكرام، كان من بينهم الأساتذة “أحمد البلال الطيّب” و”نجيب نور الدين” و”هاشم كرار” و”مرتضى الغالي” وآخرون انضم إليهم لاحقاً الأساتذة “عابدين سمساعة” – رحمه الله – و”فتح الرحمن النحاس” و”محمد لطيف” و”عبد الرحمن الأمين” وغيرهم، وبدأ التغيير تدريجياً، حتى أنه عندما أوكلت إليّ مسؤولية قسم المنوعات بصفحاته المتخصصة، كتب مقالة بعنوان (التغيير كما العافية درجات) أشاد فيها بمن سبقني، وخططنا لاستكتاب عدد من الأسماء والأقلام في باب جديد أسميناه (من يوميات.. فلان) يكتب فيه ما يشاء حول أحداث خاصة وقضايا ذات صلة بالشأن العام، ونجحنا في استكتاب عدد ممن كانوا لا يجدون فرصة كافية للتعبير عن أنفسهم، فكتب الدكتور “زهير السراج” والدكتور “التيجاني عبد القادر” والأساتذة “التيجاني سعيد” و”حسين خوجلي” وقد كان الأمر مزلزلاً داخل الاتحاد الاشتراكي السوداني الذي كان يملك الصحافة ودورها.
كان أستاذنا “حسن ساتي” أحد عباقرة الصحافة السودانية، وكانت يوميات الأيام من أكثر المواد التي ينتظرها القراء، وقد كتب فيها الأساتذة “مصطفى سند” و”محيي الدين فارس” و”الطيّب محمد الطيّب” وغيرهم، وعندما كتبتُ أول يوميات لي وقتذاك شعرت بزهو عجيب كأنما ساويت الكبار أمثال “سند” و”فارس” و”التيجاني” و”الطيّب”، ثم أصبح الأمر عادياً بعد ذلك، وغابت اليوميات من الصحافة السودانية إلا قليلاً، لكنها تمثلت أمامي بالأمس، ورأيت أن أحول هذه المساحة المخصصة لمقال يومي إلى (يوميات)، تكتب هكذا بمثل هذه اللغة وتلك المداخل والتصورات، ورأيت أن أبدأ بسرد أحداث يوم حافل لم تكتمل أحداثه تماماً عندما بدأت كتابة هذه (اليوميات) لكنني سأكتبها على أية حال.
منذ مساء أمس الأول، اتصل عليّ الابن الأستاذ “أنس عثمان المسلمي” من قناة الشروق، وطلب إليّ أن أكون ضيفاً على برنامج (صباح الشروق) يوم أمس، ولم يقبل لي عذراً، وكنت هناك عند الموعد، ووجدت قبلي في مقاعد الانتظار للاستضافة الدكتور الشاب “محمد ابن عوف” اختصاصي الجراحة والذي حصل على درجة أخرى في تخصص دقيق، وإلى جانبه الأستاذ “النيّل الفاضل” الأمين السياسي لاتحاد الشباب، وقد تمت استضافتهما في فقرتين مختلفتين قدما فيها المفيد، وكنتُ ضيفاً في الفقرة الأخيرة لأكون معلقاً ومحللاً لبعض ما ورد في صحافة اليوم (الأمس)، وسعدت لمستوى مقدِّمي البرنامج الممتاز ووعيهما التام بالأحداث وحضورهما الذي لا يخفى على متابعي البرنامج.. لكن الأمر لم ينتهِ عند ذلك الحد، إذ كان عليّ أن أكون ضمن وفد يمثل جمعية الأخوة السودانية السعودية بمكتبها التنفيذي ومجلس أمنائها لمقابلة سعادة السيد “علي بن حسن جعفر” سفير خادم الحرمين الشريفين وعدد من أعضاء الطاقم الدبلوماسي بالسفارة، للتعريف بالجمعية في تكوينها الجديد ودعوة السيد السفير لزيارة مجلس الصداقة الشعبية العالمية الذي يمثله في ذلك اللقاء الدكتور “تاج الدين المهدي” أمين الدائرة العربية بالمجلس ونائبه الأستاذ “جمال الدين حمدان أحمد” إضافة إلى بقية الوفد المكون من عضو مجلس الأمناء اللواء “فيصل الناغي” (أبو تركي) ورئيس المكتب التنفيذي للجمعية الدكتور “ياسر الجميعابي”، وقد كان اللقاء حميماً يعبر عن متانة العلاقة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
الأمر لم ينتهِ هناك.. كان على صاحبكم اللحاق باجتماع لجنة الشكاوى وتسوية النزاعات التي يتشرف بعضويتها في المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، والذي استمر إلى ما قبل العصر بقليل، ثم كان على صاحبكم اللحاق باجتماع عمل خاص يرتبط بإحدى المؤسسات الإعلامية الجديدة، ثم التوجه بعد ذلك إلى مكتب صاحبكم لكتابة مقاله اليومي، وقد كان الأمر محيراً بحق، حيث قفز سؤال إلى ذهني وهو (ماذا تكتب؟).. رددت على نفسي بأنني سأكتب مجريات هذا اليوم، رغم أنه لم ينتهِ بعد، إذ من المفترض أن أشارك في احتفال سفارة مصر بذكرى انتصار حرب أكتوبر مساءً.
أوليس في كتابة اليوميات مخرج؟.. بالتأكيد.
(انتهى)

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية