مسامرات
مواعيد سودانيين
محمد إبراهيم
{ كثير من الأمم تمعن التحديق فيما (يؤخر) تقدمها.. وكثير منها تتلمس أماكن ضعفها حتى تضع ما هو كفيل بأن (يعالج) ثغرات تطورها حتى تسبق غيرها.. أو تلحق بهم إن كانت تتأخر عنهم.
كثير من أسباب (تأخرنا) عن الآخرين ظلت بمثابة (الوتد) الذي يلتصق بالأرض ويتشبث بها ويكره مفارقتها.. كثير من تلك الأسباب لا يزال يتمدد كما السرطان.. لعل أكثرها وضوحاً ما نقر به دائماً في (ونساتنا) أو في معاملاتنا وما نطلق عليه (مواعيد سودانيين).
راجت مقولة (مواعيد سودانيين) حتى باتت تحكم كثيراً من تعاملاتنا اليومية.. بمثلما تؤشر المقولة على إقرارنا بالضعف أمام عدم قدرتنا على التغيير نحو الأفضل، إلا أنها تحمل في ذات الوقت تقليلاً من شأننا وهو عرف أظنه يغيب عن معظم شعوب العالم.
إن كنت تنتظر أحدهم وأخبرك أنه وصلك فاعلم أن أمامه أكثر من ربع ساعة ليؤكد ما قال.. وإن استسمحك في أن يؤخر مواعيدك معه نصف ساعة أخرى فاعلم أن أمامه أكثر من ثلاث ساعات حتى (يصلك) بطلته البهية.. والأغرب من ذلك إذا عاتبته على تأخره يرمي أمامك بالكلمة الجاهزة (ياخي ما مواعيد سودانيين).
عدم احترام المواعيد لدينا يمثل معضلة مستعصية (تنخر) في ركائز تقدمنا اقتصادياً واجتماعياً.. وهي من مظاهر التخلف لدى البلدان النامية التي لا يحفل أغلبها بعامل الوقت.. يمثل عدم الالتزام بالمواعيد لدى عدد كبير من البلدان الأوروبية هدراً لقيمة مهمة لا يتسامحون فيها البتة.
لماذا لا نبدأ بأنفسنا أولاً، ونرفض التعامل مع من لا يحترمون مواعيد العمل أو حتى المواعيد الاجتماعية حتى نسوقهم نحن إلى احترام المواعيد بدلاً عن أن يجرونا هم إلى تبديد الزمن.
{ أحد أصدقائي من القلائل الذين يتعاملون مع الوقت بصرامة ولا يقبل أية مساومات حوله.. تواعد مع خطيبته لشراء شبكة زواجهما لكنها تأخرت عشر دقائق فقط.. ورغم أنه معروف بحدته وعدم مجاملته انتظرها حتى جاءت إليه مسرعة وما أن وقع بصره عليها حتى عاجلها بقوله: (اتأخرت عشر دقائق.. انتظرتك عشان أقول ليك أرجعي البيت وتعالي بكرة في نفس الموعد عشان نشتري الشبكة).
{ عزيزي القارئ (أرجو أن لا أكون قد أخذت من وقتك كثيراً).