نقابة المحامين واتحاد الصحفيين ومنظمات مجتمع مدني توقع ميثاقاً لدعم قرار جمع السلاح
عندما يعلو (صرير) الأقلام على صوت (البندقية)
نائب رئيس الجمهورية يكشف عن حظر استخدام السلاح بالمناسبات حسبو يفصل أسباب عدم اتجاه الدولة لتعويض مالكي السلاح
تقرير – مهند بكري
لا شيء شغل الساحة الوطنية بالبلاد خلال الثلاثة أعوام الماضية، أكثر من وثبة الحوار الوطني، والتي أفضت لتوافق جل ألوان الطيف السياسي ، حول حكومة قومية تعمل لتحقيق هدف الوفاق والإصلاح، إلا أن حكومة الوفاق الوطني لم تكن الحدث الأبرز وحد في هذا العام ، فبعد أحداث انشطار الحركة الشعبية وتحسُّن علاقات السودان مع المجتمع الدولي ومن بينه الولايات المتحدة الأمريكية، ما كان للحكومة الجديدة، إلا أن ترمي بثقلها بعد أيام قلائل من تشكيلها في عصف وطني جديد ،عقب تكليف رئيس الجمهورية المشير “البشير” لنائبه “حسبو محمد عبد الرحمن” بالبدء في عملية (جمع السلاح) من أيدي المواطنين، وملاحقة المتفلتين مع مصادرة الأسلحة بدون تعويض.
{منع استخدام السلاح.. حينما ينقلب الفرح إلى مأساة
وفي خضم هذه الأحداث جمعت قاعة الصداقة أمس (الخميس)، قيادات الصحافة والقانون والمجتمع المدني ممثلاً في منظماته ليوقعوا على ميثاق تأييداً لحملة جمع السلاح، إلا أن هذا الحدث لم يكن منفرداً بحيز الأحداث ، فقد سبقه إعلان قرار منع استخدام السلاح في المناسبات، من قبل نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن”، واحدث القرار صدًى واسعاً من الارتياح، الذي ارتسم على وجوه الحاضرين من اجل توقيع الميثاق، وقال “حسبو” إن استخدام السلاح في المناسبات قد منع بتاتاً من قبل السلطات، لمنع موت الأبرياء وانقلاب الأفراح إلى حزن وأسى، مؤكداً على محاكمة كل مخالفي القرار فورياً.
{مؤشرات إيجابية
وقال نائب رئيس الجمهورية “حسبو محمد عبد الرحمن” رئيس لجنة جمع السلاح، في كلمته عقب تسلُّمه للميثاق الموقع من قبل نقابة المحامين واتحاد الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني، إن هناك الكثير من المؤشرات الإيجابية، اظهرها رصد شهرين من انطلاق عملية جمع السلاح بولايات دارفور وكردفان كمرحلة أولى، للبرنامج، مشيراً إلى اختفاء جرائم ،وانخفاض في معدَّلات الجرائم العابرة للحدود ، عقب تأمين الحدود والمعابر المؤدية للبلاد، مؤكداً على مضي الدولة بقوة في عملية الجمع حتى تكون البلاد خالية من السلاح خلال العام القادم، وكشف “حسبو” عن إغلاق أكثر من (67) معبراً، قال إنها كانت تشكِّل خطراً على البلاد عن طريق التهريب وتسجيل مخالفات يجرِّمها القانون السوداني.
{الجمع بالمال
أوصد “حسبو” الباب أمام المنادين بجمع السلاح وتعويض المواطنين مادياً في قِطَع السلاح التي تُسلَّم للسلطات، قائلاً: “ما في طريقة نجمع السلاح بالقروش، هذا سيكلف تريليونات، وسنفتح بذلك باباً لتجارة جديدة”، مشيراً إلى أن ذلك دفع الدولة لجمع السلاح دون مقابل، قاطعاً بأن المرحلة الثانية للعملية ستبدأ في الخامس عشر من الشهر الجاري.
وأشار إلى أن السيارات ذات الدفع الرباعي ، يتم استغلالها بصورة غير شرعية ، من قبل بعض أصحاب المصالح بتسخيرها كآلة حربية في حمل السلاح والتهريب والاتجار بالبشر، وأن القرار شملها للحد من هذه الظواهر السالبة ، والتي تعرض المجتمع للخطر، بيد أنه أكد على تعويض الدولة مادياً لأصحاب سيارات الدفع الرباعي، المشمولة في قرار النزع، ومضى “حسبو” للقول إن السيارات غير المقننة دخلت البلاد بالآلاف عبر الحدود مع الدول غير المستقرة أمنياً ،وعبر دولتَيْ إفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وأن إغلاق المعابر وتأمينها ، قضى على الظاهرة كخطة أولى، وزاد بالقول: ” في سلاح بجينا من دولة جارة وأخرى بعيدة إلا أنها عبرت عبر هذه المنافذ وجزء منها اتجه لدول أخرى”، مشيراً إلى أن الخطة الثانية ، تقوم على النزع والتفتيش من قبل الجيش والشرطة والدعم السريع.
{احتفال بالدوشكا
وعدَّ “حسبو” انتشار السلاح بأنه أكبر خطر يواجه البلاد، وشدَّد على عدم سماح حكومته ببقاء السلاح في أيدي المواطنين، في وقتٍ استثنى فيه القوات النظامية ،باعتبارها الجهات المخوَّل لها حمل السلاح، وفق القانون لحماية المواطنين والبلاد وتأمين قوميتها، قاطعاً بتقديم من يُضبط بحوزته سلاح للمحاكمة في محاكم عاجلة في جميع ولايات السودان ،مختصة بجرائم (حمل السلاح غير المرخص وفقاً لقانون الأسلحة والذخائر، بجانب الإرهاب، وتجارة المخدِّرات)، واستغرب “حسبو” من تسلح القبائل، قائلاً:” بعض القبائل أصبحت تحتفل بالدوشكا رقم مائة ، والعربة رقم مائة”.
ودعا “حسبو” لإطفاء بؤر العنف التي قال إنها انتقلت لسوح الجامعات، مطالباً بأن يكون الحوار منهجاً مضاداً للعنف اللفظي والمعنوي.
{صرير الأقلام وصوت الرصاص
من جانبه قطع نقيب الصحفيين “الصادق الرزيقي” بأن صرير الأقلام أعلى من صوت الرصاص، مبيِّناً أن الميثاق الموقع أتى عن قناعة برفض أهل السودان لانتشار السلاح وتأييدهم لحملة الجمع ، التي ابتدرتها رئاسة الجمهورية، وقال “الرزيقي” إنهم لا يجتمعون بميثاقهم في مهرجان خطابي، ولكن يجتمعون لإيمانهم بالدور الوطني الذي يمكن أن يقدموه للمجتمع في التوعية بمخاطر السلاح، ومضى قائلاً: “إن نشر أخبار الموت والدمار والخراب ووقوف الصحافة على آثار الحرب بالقرى، قاد لتشكيل رفض عام للحرب ، ورأي تجاه بقاء السلاح بأياد أخرى غير القوات النظامية”، مشيراً إلى وقوفهم مع قرار جمع السلاح. ودعا “الرزيقي” جميع مكونات المجتمع المدني للانخراط في ميثاق منظمات المجتمع المدني، لدعم قرار جمع السلاح، والذي وصفه بأنه أكبر مشروع لتحقيق السلام والاستقرار، مؤكداً على تحركهم تجاه ولايات السودان قاطبة، للتوعية بمخاطر السلاح والحروب، مشيراً إلى أن برامجهم ستبدأ بندوة بمدينة نيالا، فكردفان ثم إلى مناطق شرق السودان.