القطر.. والطريق.. والمطرة
تجانى حاج موسى
الشاعر “محمد عوض الكريم القرشي” شاعر – له الرحمة والمغفرة- كان ينظم الشعر ويلحنه.. عاش بعروس الرمال، كان من رموزها .. ورث عن أهله حرفة تجارة المواشي.. مجلسه كان عامراً بالثقافة والطرب.. كان أجواداً كريماً يطعم الضيف ويكسو العريان ويعين المحتاج.. خلد مدينته الأبيض وتغنى لحديقتها ألبان جديد.. اليوم سعيد وكأنو عيد.. يلا يلا.. حدائق ألبان جديد.. وطبعاً القطار المر.. مر فيهو حبيبي.. ليه علىَّ ما مر.. وشفت محبوبي” يا حليل القطر أيام كان سيد الطريق وناقل الناس والدواب والبضائع..هل يا ترى سيستعيد عظمته ومكانته الاقتصادية.. الراحل “سيد خليفة”، أغنية ” القطر القطر .. نويت السفر.. هيجني حبيبي ودمعي انهمر”، وللراحل الفنان “زنقار” أيضاً أغنية تتحدث عن القطر “من بف نفسك يا القطار ورزيم صدرك قلبي طار.. يا الحبيب أنت شلتو جيبو يا القطار)، وناس عطبرة ناس الحديد والنار نظم أحد شعرائهم نسيت اسمو نظم ” قطار الشوق متين ترحل تودينا نشوف بلدا ًعزاز اهلا” والراحل أستاذنا ب. “عبد الله” نظم قصيدة بعنوان: “من نافذة القطار، وهنالك أغنية بنات عجيبة فيها كلمات بتقول: “القطر الشالك أنت.. يدشدش حتة حتة”..
وطالما جاء الكلام عن القطر لابد أن نتحدث عن الطرق وبالتحديد التي تربط مدن السودان ببعضها البعض.. سنحت لي الظروف في الشهرين الماضيين وسافرت براً لعدة مدن بوطننا الحبيب فالنعترف بأن العديد من الطرق شاخت ولم تطالها أيدي الإصلاح والتعمير ومعظمها ضيق الشئ الذي يجعل السير في تلك الطرق أمراً شاقاً لذا تحدث حوادث السير حتى أصبح تعداد ضحايا حوادث تلك أكثر من حوادث الحروب وطبعاً الطرق الماهلة والمصنوعة بمواصفات ممتازة تمكن مستخدميها من السير بأمان، وتسير انتقال البشر ومنتجاتهم بيسر ويترتب على ذلك تحسين أحوال قاطني تلك المدن والقرى البعيدة .. في ضواحي كردفان يسكب اللبن على الأرض بعدما يكتفي منه الإنسان والحيوان !! المواشي ترتفع قيمة شرائها بسبب مصاريف ترحيلها للأسواق أو تصديرها !! الله ييسر أمرنا لنعيد النظر في البنيات الأساسية لينهض الوطن من كبواته ويا ريت حينما تنقشع غيوم أزماتنا نعيد ونمد الطرق الصالحة . والسودان برغم اقتطاع جزء عزيز من مساحته لا زال شاسعاً وواسعاً وأراضيه بكر وخصبة وصالحة للعديد من زراعة المحاصيل التي تتلهف أسواق العالم لشرائها لا سيما المحاصيل النقدية مثل القطن والقمح والذرة، ومحاصيل الحبوب الزيتية والفاكهة والخضر واللحوم والأسماك يعني لما ينفك الحصار وتتوفر شوية قريشات أناشد ولاة أمورنا بالقعاد في الواطة ويبدو لينا بإعادة مشروع الجزيرة الكان ينتج القطن طويل التيلة ومحاصيل أخرى، والقطر والسكة حديد والآن القطارات هي سيدة الموقف في كل الدول المتقدمة وأنا شفت قطارات حديثة جداً تصنع في كوريا الجنوبية.. بعدين نحن مهملين الموية والنيل بروافده يتدفق بمائه العذب منذ ملايين السنين، لكننا لم نستفد منه إلا بقدر ضئيل من الفائدة، وبقينا زي ما قال شاعرنا بالبطانة “بقينا زي إبل الخلا شايلة السقا وعطشانة” وزي ما قال الشاعر العربي الجاهلي “كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول”.
والعوجة الكبيرة في هبة السماء المطرة !! قبل أيام سافرت الدويم أول وصية من حرمي ما تجي راجع بالليل وسوق براحة الطريق خطر .. الهم اتوكلت على الحي الذي لا يموت وسافرت ورجعت بالسلامة، لكن تحسرت على كمية مياه الأمطار طوال الطريق والمياه الغزيرة التي اهدتنا لها السماء والمساحة المزروعة محدودة للغاية والأراضي الصالحة البور مد البصر والحسنة الوحيدة أن الحيوان يرتع ويشبع من نبات الأرض الذي نبت بسقوط الأمطار.. هنا تذكرت الصديق الهمام مولانا “محمد هارون” حينما فكر في تخزين مياه الأمطار، ويقول ليهو لا تحزن فقد جاءت الأخبار بتهدم بعض ما مشكلة الاتهدم بتصلح ولو توفر المال ستشيد مخازن مياه منيعة وأول الغيث قطرة.
بعدين اسمح لي أيها المواطن القارئ الكريم أن اسأل أسئلة واترك الإجابة لك:
{ منذ رفع علم استقلالنا هل حافظنا على إرثنا من المستعمر البريطاني؟ علماً بأنه كان يأخذ قطننا إلى مصانعه ليصنع منها افخر الملابس القطنية؟
{ أكثر من ستين سنة ظللنا ننادي بالديمقراطية كنظام نحكم به السودان.. هل شهدنا نظاماً حاكماً ديمقراطياً؟
{ أحزابنا التقليدية ولن اسميها هل حدث تغيير في مناهج طرحها واتت ببرامج تنموية نهضت بالبلاد؟ وهل حدث تغيير في زعامتها؟ وهل مارست هي نفسها الديمقراطية في اختيار قادتها؟
{ معدلات هجرة الإنسان السوداني من ذوي التخصصات العلمية أو حتى المواطن العادي هل زادت أم نقصت أم تزداد كل عام؟
معدلات النمو الاقتصادي للإنسان وللوطن من خلال ميزانيات الدولة المالية هل نقص أم زاد؟
{ خدمات الدولة التي تقدمها للمواطن من تعليم ورعاية صحية ونظافة بيئة ونور ومياه هل توفرها الدولة للمواطن الذي يتحمل قدراً هائلاً الضرائب والرسوم؟
{ هل صناعتنا المحلية في ازدهار أم تراجع؟ وهل نفذت الدولة رأس المال الخاص ينشئ الصناعة المحلية وهل وفرت له الحماية من غزو الأسواق بالصناعات الآتية من دول الخارج؟.
في الختام القطر كان هو سبب هذا المقال.. فتداعت هذه الأفكار ..وسامحوني إذا خرمت.