رأي

الحاسة السادسة

نقد الخطاب السياسي!!
رشان أوشي
نجمة الأفلام الإباحية الأشهر في هوليوود، سئلت في مقابلة صحافية “لماذا لم تفكري في الانضمام لحزب سياسي؟”، فأجابت: “لا ارغب في تلويث سمعتي”، هكذا سادت الصورة الذهنية للسياسة لدى العامة، وعززها لهم السياسيون على مر التاريخ، واليوم في السودان وصل المسرح السياسي إلى أسوأ مراحل انحطاطه، فلم تعد هناك فسحة أمل للقيم التي تحكم البشر وتفرق بينهم وقطيع الماعز، وأصبح الخطاب السياسي على شاكلة “فرش الملاية، والصفقة والردحي”، وهذا الأمر لا يقتصر على حزب بعينه أو شخصية، بل أضحى على مستوى الدولة، حيث غاب عن أذهان ساستنا ورجال الدولة أن الخطاب السياسي هو الرسالة المعلنة للدولة أو تصريحاً شبه رسمي بما ترمي إليه القیادة، فهو بيان لاستراتیجیاتها وآلیات تطبیقها، وأداة الإفصاح عن غایات الدولة، وتمنحه العلنية سمة الإلزام لأن القادة یفقدون مصداقیتهم إذا خالفوا وعودهم الشفوية.
ويلعب الخطاب دوراً في صناعة الوعي وبناء المعنى في المجتمع، فمن تحليل نصوصه يمكن فهم سياسات النخبة وثقافة المجتمع، فمثلاً إذا عدنا إلى خطب الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما”، نرى أن قوة خطابه تجلت في تركيزه على الجانب الاجتماعي مثل قوله “حان الوقت لحل أزمات الإسكان ومكافحة البطالة بكل صورها”، والعمق الأخلاقي الذي ساعده على كسب ثقة الجمهور كما في إشارته إلى منافسه “جون ماكين” بأنه “خدم البلد ببسالة ولیس لي معه خلاف شخصي لكنني أختلف معه في السیاسة”، والإلهام والتحفيز كما في قوله “لقد آمنت بقوة الشعب لیقود حملة التغییر في البلد من أجل الأجیال القادمة ولتحقیق أحلامنا وآمالنا” ما دفع الناخبين إلى الإقبال على انتخابه.
وإن عقدنا مقارنة بالخطب الرسمية والمعارضة وغيرها لدينا، نجدها أقرب إلى أحاديث مجالس المدن، و(ونسات) الحواري، تدفع بالوعي بعيداً عن عقول الناس، وتدفعهم دفعاً إلى عصور الظلام والتخلف، فتجد الشخصنة ماثلة، والقبيلة حاضرة، والتمييز النوعي، وانتهاك حقوق الآخرين والتطفل على خصوصياتهم، والخلط بين العام والخاص، بلا أدنى وعي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية