المشهد السياسي
الغرق في شبر ماء مصيبة..!
موسى يعقوب
ولعل هذا ما يعبِّر عن بعض ملامح المرحلة ببعدها السياسي.. وللسياسة دوماً ما يقول بذلك.. فبلادنا (السودان) معنية في الفترة الأخيرة بقضايا نزع السلاح والسياسات المقننة والتسوُّق والسياحة في مناطق كانت غارقة في عدم الاستقرار.. وفي الارتقاء بالعلاقات مع دول الجوار ومنها الدولتان الأثيوبية والمصرية.. إذ مع الأولى كانت زيارة ناجحة لرئيس وزرائها السيد “ديسالين” ومع الثانية كانت زيارة السيد وزير الدفاع السوداني الفريق أول “عوض بن عوف” للاجتماع برفيقه المصري، ثم رئيس الجمهورية المصرية في الختام.. ولكلٍ من تلك الوقائع معناه ومزاياه.. ولكن السياسة في بلادنا وفي بلاد أخرى لها ما يرحل بها عن ذلك كله.
ما يرجع إليه هنا هو غرق السياسي والرمز الحزبي الشعبي والقانوني في (شبر ماء).. وهو يخرج على المألوف في مزاولته للعمل التشريعي والبرلماني الذي ولجه مؤخراً بعد إنزال توصيات الحوار الوطني المعروف.
“كمال عمر” خرج على لائحة العمل في المجلس الوطني عندما (تهجَّم) على السيد رئيس المجلس البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” ووصفه بغير القادر على إدارة جلسات المجلس لكبر سنه، والبروفيسور “إبراهيم” هو الذي له خبرته وتجاربه وعمله البرلماني الذي اضطلع به، وتمتعه بالنزاهة وخدمة الوطن ومصالحة في الإطار المحلي والإقليمي والعالمي.
إنها السياسة ومصالحها التي تغرق صاحبها في بعض الأحيان في (شبر ماء) إن أساء التقدير والتعبير وخرج على ما هو مألوف ومطلوب.. فالأستاذ “كمال عمر عبد السلام” يمثل كتلة حزب المؤتمر الشعبي في المجلس الوطني بتوليفته وتشكيلته الأخيرة.. أي بعد إعمال توصيات ومقررات مخرجات الحوار الوطني الذي شكَّل حزبه أحد أكبر الأعضاء فيه.. ولرموز الحزب وقامته منذ الشيخ الراحل “حسن الترابي”، رحمه الله، احترامهم وتقديرهم للبروفيسور “إبراهيم أحمد عمر”.
ومن ثم فقد كانت هناك إفادات من رمز حزبي كبير وربما غيره ممن رأوا في ما خرج به “كمال عمر” رأياً شخصياً ولا يعبِّر عن حزب المؤتمر الشعبي.. وذلك ما كان في محله تماماً وجعل السيد “كمال عمر” يتراجع عما وجه من انتقاص لشخص السيد رئيس المجلس الوطني ويعتذر جهاراً نهاراً في أجهزة الإعلام عما بدر منه.
“كمال عمر” برأينا ورأي الرأي العام عموماً غرق في (شبر ماء) وخسر أكثر مما يكسب فهو والحال هكذا من الذين – كما جاء في الذكر الحكيم.. (فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ) صدق الله العظيم.
إنه البحث عن الذات ومصالحها أكثر مما هو الدور المطلوب والمرغوب في المجلس الوطني الواسع والعريض الذي ضم عدداً كبيراً من رموز أحزاب الحوار الوطني في المجلس التشريعي وغيره من المواقع الدستورية من رئاسية وتنفيذية ومجالس تشريعية ولائية.
ونتصوَّر أن ذلك سينعكس سلباً (سياسياً ومجتمعياً وإعلامياً) على الأستاذ “كمال عمر عبد السلام” السياسي المعروف.. والمسافة بينه وبين الانتخابات العامة في العام 2020م، ليست بعيدة أن قُدِّر لنا البقاء ونسأله تعالى التوفيق.. فالغرق في شبر ماء مصيبة.