أخبار

الإقبال على الخرطوم

في الأسبوع الماضي زار السودان أحد أهم الرؤساء الأفارقة بالنسبة لنا، ألا وهو الرئيس الإثيوبي “هايلي ديسالين” وجرت مباحثات مهمة في الخرطوم، تناولت القضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك، كما تقول البيانات الرسمية التقليدية في مثل هذه الحالات، ولم تفصح الحكومتان الإثيوبية والسودانية عن ما جرى خلف الجدران الصماء الصامتة.. ولكن بعد انقضاء الزيارة مباشرة توجه وزير الدفاع الفريق أول “عوض ابن عوف” للقاهرة في زيارة كانت سرية ولكن أفصح عنها أمس بعد لقاء الفريق “عوض” بوزير الدفاع المصري الفريق “صديق صبحي”.. وفي ذات الوقت ينتظر أن يتوجه صباح غدٍ الأربعاء وفد من ولاية القضارف للقاء نظراء لهم من إقليم الأمهرا الإثيوبي لبحث المشتركات وقضايا الحدود، في ذات الوقت حل أمس بالخرطوم رئيس الوزراء التشادي “باهيمي باداكي” في زيارة تستغرق عدة أيام وتستعد الخرطوم يوم الجمعة القادم لاستقبال رئيس الوزراء الصيني “لي كي تشاتج” في زيارة لعدة أيام أيضاً ومن حيث الارتباطات بين تلك الزيارات تبدو لا رابط بينهما، في ظاهر الأمر ولا باطنه، ولكن دعنا نبدأ من ارتباط الملف الإثيوبي بالمصري من خلال مجرى نهر النيل الذي أحالته الصراعات حول المصالح المائية لعامل شقاق وتنافر بدلاً من أن يصبح النيل مصدر تلاقٍ وتعافٍ بين شعوب الإقليم الأكبر كثافة في القارة الأفريقية.. ومثل الخلاف بين القاهرة وأديس أبابا حول سد النهضة سبباً مباشراً في تدهور العلاقات السودانية المصرية، حيث (اعتادت) مصر على وقوف المفاوض السوداني مع مصالح مصر قبل مصالح السودان، ولكن المتغيرات في السودان جاءت بشباب في وزارة المياه والكهرباء وضعوا مصالح السودان أولاً ووجدت القاهرة نفسها مجردة من دعم الخرطوم لها.. وانسحب الخلاف حول سد النهضة وفوائده للسودان ومضاره على مصر لبقية الملفات في العلاقات المشتركة ولعبت مصر دوراً سالباً في الصراع بدارفور من خلال حليفها اللواء “خليفة حفتر”.. وتم احتلال حلايب المتنازع عليها.. الشيء الذي جعل ملف العلاقات بين القاهرة والخرطوم ينتقل من نعومة الدبلوماسية إلى خشونة العسكرية.. وأصبحت العلاقات بين الدولتين يقرر فيها جنرالات وزارتي الدفاع في البلدين لأن طبيعة الخلافات تجاوزت “غندور” و”سامح شكري”.
ومن هنا تتبدى أهمية زيارة الفريق “عوض ابن عوف” وزير الدفاع للقاهرة وهو يضع كل الملفات بين يدي الفريق “صبحي” وزير الدفاع.. ومعروف في كلا البلدين أي القاهرة والخرطوم أن الاعتبارات الأمنية والعسكرية تعلو على ما عداهما من اعتبارات، وما يقرره العسكريون ينساب بيسر على الصعيد المدني والدبلوماسي، لذلك تبدو زيارة وزير الدفاع إلى القاهرة مفتاحية لنزع الاحتقان الحالي وربما امتدت لتفاهمات بين الإثيوبيين والمصريين في ملف مياه النيل.
وبالنظر إلى المسؤول التشادي الرفيع الذي وصل أمس فإن تشاد نفسها تمثل منطقة جذب وتنافس بين الدول العربية وخاصة مصر التي زار رئيسها “السيسي” أنجمينا مؤخراً بحثاً عن أسواق للمنتجات المصرية التي لن تصل لغرب أفريقيا إلا عن طريق السودان نظراً لاضطراب الأوضاع في ليبيا في الوقت الذي أصبحت المنتجات السودانية وصادرات الشاحنات والسيارات من شركة جياد هي الأكثر رواجاً في السوق التشادي ورئيس الوزراء “باهيمي” من الجنوب التشادي الذي تغلب عليه النزعة الفرانكفورية.. والاتفاق معه ذو أهمية قصوى لا تقل عن أهمية عودة الصين مرة أخرى للسودان بعد حالة من الجمود التي اعترت العلاقات مع بكين، ليس بسبب إرهاصات التقارب السوداني الغربي، ولكن لأسباب تتصل بديون الصين على السودان التي أصبحت عقبة كؤود في طريق حسن العلاقات بين الدولتين فهل تفضي جملة الزيارات الأربع على متغيرات في الساحة قبل حلول أكتوبر القادم موعد رفع العقوبات الأمريكية المنتظر؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية