رأي

فوق رأي

النحو في منظومة الحُب (1_2)
هناء إبراهيم

اعتقد وبعض الاعتقاد (يخرب بيتو) أن أكثر فترة عُمرية يمارس فيها (البني آدم) تهوره، هي فترة المراهقة عندما يكون متجولاً في شوارع المرحلة الثانوية.
غالباً ما يعاني أساتذة المرحلة الثانوية من الضغط وهيجان المرارة والكثافة المرتفعة نتيجة التصرفات غير المتوقعة من الطلاب في هذه المرحلة، وقد يقنعوا من خيراً في الكلام معهم، ويطلبون منهم عقب أي تصرف أن (أمش جيب ولي أمرك).
ذات يوم (عامل كيف كيف) حيث توافقت أرقام اليوم والشهر والسنة فصار يوماً مميزاً، كنا قد قررنا في الفصل أن نقوم بعمل شيء مميز يتوافق مع تميز اليوم، ولم نكن نعرف ماهو هذا الشيء لكننا اتفقنا عليه، اتفقنا على شيء لا نعرفه.
شايف كيف؟!
كانت الحصة (دَبل كيمياء) عندما قاربت الساعة على الاقتران باليوم والشهر والسنة في التميز، قامت إحدى الطالبات المهذبات وقالت للأستاذ: يا أستاذ الليلة يوم كدا شهر كدا سنة كدا وبعد شوية حـ تكون الساعة كدا، ونحن قررنا نعمل حاجة مميزة… لم يقل لها مميزة إنتِ دي، بل قال لنا جميعاً : أحسن ليك (أنقرعن). لا ندري المعنى التفصيلي لـ(أنقرعن) ولكننا فهمنا دلالتها فـ منا من أنقرعت ومنا من أستأذنت وأعلنت تميزها في الحوش.
ثم انتقاماً لضياع الساعة المميزة، قامت فنانة الفصل التشكيلية برسم إطار لـ(بوستر) في شكل سحابة، وكل واحدة كتبت عليه حاجة (لدواعٍ في بالها) مع توقيع أنيق يدل على اشتراكها في هذه الجريمة.
مرت أسابيع ولم يكتشف أي أستاذ موقع البوستر، لأنه في أخر الفصل ويتحامى في (شباك) إلى أن قررت أستاذة اللغة العربية أن تختبرنا في الأدب، وأثناء المراقبة وعملية الذهاب والإياب التي تشكل جزءا أساسيا من حركة المراقبة المدرسية وجدت البوستر الذي يحوي كل ما يمكن أن يخطر على ما تبقى من قلب مراهقات وما تبقى من عقل مجنونات، قرأت ما كتب بالعربي وما كتب بالإنجليزي واستعصى عليها (الأرابيش) الإنجليزي المُعرب.
نحن لم نعد نركز في امتحان الأدب الماثل أمامنا، إنما في (الأدب الناقص) الماثل في جدران الفصل.
والذي أرعبنا أكثر، أنها لم تتناول معنا شاي الكلام في هذا الموضوع مما يعني أنها (راقدة ليها فوق راي) وسوف تتناوله بالسكر والهبهان مع المديرة وكافة الأساتذة الأجلاء.
بين درس ودرس وعلى التسلطني ذهبت إلى مكتبها بغرض استفسار (أريتني كان بلعتو في حشاي) فما إن رأتني حتى سألتني: كاتبة شنو إنت ياجنو؟
: في الاختبار يا أستاذة؟
: في البوستر
هنا أدارت وجهها إلى باقي الأساتذة لتخبرهم : تصوروا كاتبات (النحو في منظومة الحب) في بوستر في الفصل، لكن أنا بوريكن إذا كان النحو في منظومة الحُب أم في منظومة الغضب.
(ما بحب الحركة دي… بس الحكاية طويلة.. لذا نواصل بكرة إن شاء الله)
لدواعٍ في بالي..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية