أخبار

السير على الحافة

وضع “حسبو محمد عبد الرحمن” نائب رئيس الجمهورية سمعته الشخصية ومستقبله السياسي على المحك وهو يقبل على خطوة تنفيذ قرار الرئيس بجمع السلاح من أيادي المواطنين في ولايات دارفور وكردفان.. وللدكتور “غازي صلاح الدين” تعبيرات تنفذ إلى العقل وتستقر فيه، ومنها مقولته الشهيرة حينما أقبل مع وفده المفاوض على التوقيع على اتفاقية مشاكوس (نحن نسير على حافة الهاوية دون السقوط في قاعها.. والنائب “حسبو محمد عبد الرحمن” وضع تاريخه كشخصية متفقاً عليها في الأوساط الدارفورية ووضع مستقبله السياسي كشاب دفع به الرئيس لمساعدته في حكم بلدٍ أكثر تعقيداً مما يتخيَّل الكثيرون وبكسبه وبعطائه أصبح “حسبو” من رهانات الحزب على المستقبل القريب والبعيد.. ورغم ذلك (غامر) وأقبل على تنفيذ قرار الرئيس بجمع السلاح طوعاً ثم نزعاً عنوة كمرحلة ثانية من أيادي المواطنين بعد أن شهدت ولايات دارفور استقراراً أمنياً بفضل العمليات النشطة التي نفذتها القوات المسلحة وقوات الدعم السريع في العامين الماضيين.. وخلال الرحلة الأولى لنائب الرئيس في ولايات دارفور والتي خصصت فقط لإعلان القيادة السياسية عزمها على جمع السلاح من أيادي المواطنين.. كان الترقُّب والحذر والخوف قد سيطرا على مواطني دارفور، وبدأ “حسبو” كرجل دولة حازماً وفظاً خاصة مع أهله وعشيرته الرزيقات في شرق دارفور بعد اعتقال قوات الدعم السريع لأكبر عدد منهم وترحيلهم لبورتسودان.. وهي خطوة كشفت من جهة قدرة قوات الدعم السريع على تنفيذ قرارات الرئيس باعتبارها القوة التي قصمت ظهر التمرد و(حلقت رأسه) وهي متهمة عند البعض بموالاة الرزيقات، ولكن قوات الدعم السريع في حملة جمع السلاح أثبتت أنها قوات قومية في أدائها ومهنية في سلوكها، ولولاها لما أفلحت قوة في دارفور في اعتقال عُمد الرزيقات ووضعهم في المحابس.. ونجاح حملة نزع السلاح رهينة بإسناد الأمر لقوات الدعم السريع، لأنها تعرف مخابئ السلاح وقادة المليشيات ولها هيبة وسطوة وشوكة.
وفي ذات الوقت استخدم “حسبو محمد عبد الرحمن” لهجة حاسمة مع أهله قبل غيرهم.. ولذلك شعر الدارفوريون إن الأمر جد ولن تتراجع الحكومة هذه المرة عن قرار الرئيس، خاصة أن بعض جيوب النظام في الحزب الحاكم والأحزاب الحليفة أخذت تطرق أبواب السلطة بذرائع أن الاعتقالات التي طالت بعض المتفلتين من شأنها تصعيد الأوضاع وإحداث انفلاتات.. وإذا ما أذعنت الحكومة لهؤلاء أو تراجعت عن قرار رئيس الجمهورية فإنها من جهة تفقد مصداقيتها وتضعف هيبتها.. وفي ذات الوقت تهزم أحد قادتها ورموزها ونعني بذلك “حسبو محمد عبد الرحمن” الذي تصدى بشجاعة ومسؤولية لقضية كبيرة جداً ومعقَّدة.. وإذا نجحت الحكومة في جمع السلاح من المواطنين طوعاً أو بالقوة الجبرية فإنها على الأقل ستضمن تجفيف دماء الصراعات القبلية التي حصدت من الأرواح أضعاف ما قتله التمرد خلال السنوات الماضية.. والجمع الطوعي للسلاح في المرحلة الأولى قد لا يحقق النجاح المرجو، ولكن في المرحلة الثانية تتكشف قدرة الحكومة الحقيقية على تنفيذ القرار الصحيح، ولكن ثمة مسؤوليات تقع على عاتق القوى السياسية المعارضة والمتحالفة مع الحكومة في المساعدة في جمع السلاح.. ولا بد من حملة توعية إعلامية واسعة بآليات المجتمع وتحفيز الذي يسلم سلاحه طوعاً.. وأغلب السلاح الذي بأيادي المواطنين إما سلاح حكومي.. أو سلاح من الحركات المسلحة.. وبعض السلاح تملَّكه الأهالي بأموالهم خوفاً من التمرد فكيف يتم تسليمه مجاناً للحكومة؟
التي عليها أن تنفق على جمع ونزع السلاح مثلما أنفقت على الحرب والصراعات القبلية في السنوات الماضية. المهم إن الحكومة تسير الآن على حافة شديدة الخطورة ويضع “حسبو” نفسه في تحدٍ ذاتي لتنفيذ قرار الرئيس مهما دفع من ثمن شخصي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية