"جلال الدقير" و"الباقر أحمد عبد الله".. لغز تطابق الدم!!
ماذا جرى للدكتور “الباقر أحمد عبد الله” نائب الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي المسجل في هذا الظرف؟
ماذا في أعماقه؟ وبالقدر نفسه هل يحمل الرجل مفاجأة استثنائية وتصوراً مواكباً في سياق تحريك العقول والأفكار لقراءة المشهد الماثل في حزبه الجديد من زاوية الدراسة المتأنية؟!
للوهلة الأولى يتبادر للمرء عنصر الدهشة والإثارة الجاذبية وهو يطالع مقالات الدكتور “الباقر” التي وصلت إلى (12) حلقة على صفحات جريدة الخرطوم الغراء الأيام الفائتة بعنوان (الشريف زين العابدين في ذاكره السادسة).
فالشاهد، أن مقالات الباقر تتزاحم في ثناياها علامات الحسرة والعشم، فقد جاءت بقلم رجل خبير على حبل مشدود قبل فوات الأوان، تحمل ركائز التحديق في الأفق البعيد.
نجد دكتور “الباقر” لا يستخدم خطاباً مراوغاً ومبهماً في مقالاته، فهو يركز على الإصلاحات والتطوير الحزبي والدعوة الصريحة لمراجعة وترسيخ الشراكة مع المؤتمر الوطني من خلال التقييد بأطروحات الشريف زين العابدين، فـ”الباقر” يرى بأن ميراثه الخالد يمثل لوحة المستقبل والأوراق النافذة على طريق الشفافية والليبرالية.
في الصورة المقطعية، يحاول “الباقر” دون مزايدة الضرب على وتر البعد الجماهيري التعبوي للحزب وأبعاده على الشارع العام، ثم يتساءل عن فحوى المشاركة في قطار السلطة التي صارت محسوبة على حلقة ضيقة من قيادات لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة!
ويستطرد قائلاً: هل ساعدت شراكة الوطني والاتحادي المسجل في قيام مشروع نهضوي لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية وإحداث التغييرات المنشودة في المجتمع السوداني؟!
المحصلة، يعتقد دكتور “الباقر” بأن المسؤولية المباشرة في قيام مؤسسة ديمقراطية متكاملة في هياكل الحزب وخلق شراكة مسؤولية مع المؤتمر الوطني تقع على عاتق الدكتور “جلال الدقير” بحكم قيادته للتنظيم، انطلاقاً من الدستور وقرارات المؤتمر! فالعلاقة بين “جلال الدقير” و”الباقر” ليست عدائية على الإطلاق، غير أن هنالك شيئاً من الضبابية والعتاب والاحترام والنظرات القلقة والود القديم يتخلل مسارها، بل في مصادفة قدرية ينتمي الرجلان إلى قبيلة العبدلاب، ويربط بينهما حبل الوشائج المشتركة، لكن علاقة الدم الواحد في دفتر التاريخ دائماً يختلط فيها عنصر الحساسية والتجاذبات!
خرج الدكتور “الباقر” من حزب مولانا، حيث لم تعجبه كوة الهواء في الاتحادي الأصل باحثاً عن مساحات رحيبة في حزب “الدقير”، غير أنه ربما شعر بأن الحال من بعضه! فهو لا يشاور في أمور النشاط الحزبي وملفات الشراكة.
وفي زاوية أخرى، تم إبعاد “الباقر” من التشكيل الوزاري الذي جاء بعد انفصال الجنوب، حتى وصف الوزير “السماني الوسيلة” تلك الخطوة بالغموض وأسلوب المربعات السحرية، ثم يتكرر ذات السيناريو في شكل لوحة سينمائية تجلب الحيرة والذهول!
قلم “الباقر” في مقالاته لم يتناول مشكلته الشخصية التي طواها في ضلوعه، لكنه وظّف إحساسه بالظلم في قضية الحزب المركزية، فالإنسان الذي لا يدافع عن مظلمته وكرامته لا يمكن أن يدافع عن كرامة التنظيم واعوجاجه.
في أدبيات الاتحاديين تكون صلة القبيلة والمنطقة من عوامل التزكية والتقدير، والدليل على ذلك، فقد دخل القطب الاتحادي “إبراهيم أب قرجة” على الأستاذ “محمد الدقير” في مكتبه، حيث باغته الأخير بالسؤال عن حظوظ “الباقر” في الاستوزار خلال مرحلة المشاورات، فكانت إجابة “أب قرجة” له: (الباقر عبدلابي ابن عمكم نحن ما عارفين حاجة).
لا يفوت على أحد رفضنا القاطع توظيف القرابة وتطابق الدم والمنطقة الواحدة في مسائل التكاليف العامة، فالقوة المغنطيسية التي تشدّ تلك الحالات كانت غائبة بين “الدقير” و”الباقر” حتى صارت لغزاً يلفه الدخان الكثيف!
الفصل الأخير من مقالات دكتور “الباقر”، محاولة ضرورية لإضاءة المصابيح حول القصور والمثالب التي تتأطر على جسد الاتحادي الديمقراطي المسجل، لانتشاله من وهدته، حتى لا تنطبق عليه الحكمة الشائعة (قابيل يطوّر كل شيء إلا نفسه).