حوارات

رئيس التيار العام بحزب الأمة المهندس "آدم موسى مادبو" في حوار فوق العادة مع (المجهر)

حتى الآن لم يصلنا رد رسمي بقبول مطالبنا بالعودة إلى حزب الأمة
اشترطنا إعادة المفصولين من المكتب السياسي فوراً والمشاركة في المؤسسات السياسية والتنفيذية للحزب
اعتقال العُمَد دون جريمة غير مقبول ويجب إطلاقهم فوراً
ما حدث لطلاب دارفور بجامعة “بخت الرضا” تتحمله الإدارة
 
أطلق رئيس حزب الأمة القومي الإمام “الصادق المهدي” تصريحاً بأن قادة التيار العام عائدون إلى الحزب. وكان “المهدي” قد قال في زمان مضى إن حزب الأمة مبني بالأسمنت الذي لا يتشقق، لكن مع مر الأيام بدأت الانقسامات والخلافات تسري في جسد الحزب، كما النار في الهشيم. لكن قصة التيار العام الذي يتزعمه نائب الرئيس الحالي للحزب “محمد عبد الله الدومة” والمهندس “آدم موسى مادبو”، وأنصارهما، ظلت تثير الجدل داخل حزب الأمة، فقد خرجوا بشكل أو آخر على الحزب بحجة أن المؤسسات التي تم تكوينها غير شرعية، وظلوا متمسكين بذلك الموقف، دون أن يبتعدوا كثيراً عن الحزب، كما فعل آخرون، انشقوا واستقلوا بأحزاب تحمل اسم الأمة. وعقدت عدة اجتماعات بين التيار العام ونائب رئيس الحزب “فضل الله برمة ناصر” بغرض إعادتهم للحزب، وأخيراً ظهر وسيط بين التيار العام ورئيس الحزب، الذي بدأت بوادر نجاح وساطته تظهر في التصريحات الإيجابية المتبادلة بين الطرفين بعودة التيار العام إلى الحزب.
(المجهر) جلست إلى رئيس التيار العام المهندس “آدم موسى مادبو” وأجرت معه الحوار التالي حول مستجدات الوضع الداخلي في حزب الأمة، وقضايا أخرى..
حوار – وليد النور
{ أعلن الإمام “الصادق المهدي” عن عودة وشيكة لقيادات التيار العام لصفوف حزب الأمة القومي.. ما الجديد الذي وافقتم بمقتضاه على العودة بعد سنوات من القطيعة؟
_ أولاً، حتى اللحظة لا يوجد جديد بالمعنى الكامل في الموضوع، لكن هنالك مبادرة جاءت عبر وسيط طلب الاجتماع بأعضاء التيار العام، وعرض في الاجتماع على أعضاء التيار العام كتابة شروطهم ليقدمها للسيد رئيس حزب الأمة “الصادق المهدي”، وحال وافق عليها سيعود بالنتيجة. وعلمنا من الوسيط بعد أخذه مطالبنا مكتوبة وتسليمها للسيد “الصادق” أن الأخير عرضها على المكتب السياسي للحزب ووافق عليها.
{ ما هي المطالب التي قدمتموها في المذكرة التي سلمت للإمام؟
_ بها طلبان، الأول هنالك أعضاء من التيار العام كانوا في المكتب السياسي تم فصلهم وهؤلاء يجب أن يصدر قرار رسمي من رئيس الحزب بإعادتهم فوراً.. والثاني مشاركة أعضاء التيار العام في مؤسسات الحزب كافة (المكتب السياسي والأمانة العامة ومكتب التنسيق ولجان الضبط وأهمها اللجنة العليا للمؤتمر العام)، ومن ثم اللجان التي تترتب عليها مخرجات المؤتمر العام سواء تعديل الدستور أو اللوائح.
{ ألم يرجع إليكم الوسيط بنتيجة محددة؟
_ الوسيط أكد لنا موافقة المكتب السياسي على بعض المطالب وتحفظه على بعضها، لكن إلى الآن لم يصلنا رد رسمي  مكتوب من الحزب، بـ”أننا موافقون على طلباتكم”. ونحن ننتظر الرد.. إذا صح كلام الوسيط سنجلس معهم لمناقشة بقية التفاصيل.
{ هل حددتم نسباً للمشاركة في مؤسسات الحزب؟
_ أبداً لم نحدد نسباً ولكن يجب أن يكون لنا تمثيل في المؤسسات كافة، وبعد ذلك تحديد نسب المشاركة يمكن أن لا نختلف عليه كثيراً، لكن ضروري نشارك في المؤسسات واللجان المعتمدة.
{ هل تختزل مبررات قطيعة السنوات السابقة كلها في المشاركة في المكتب السياسي واللجان فقط؟
_ أبداً، عند انعقاد اللجنة المركزية كنت خارج البلاد في رحلة علاجية والموجودون عدّوها غير قانونية. وعند عودتي وبعد شرح الملابسات وافقت الصوت الذي يقول إنها غير شرعية، لذلك أعتقد أن كل مؤسساتها غير شرعية، ولكن للظروف الحالية تجاوزنا الأشياء التفصيلية الصغيرة.
{هل انتهت فكرة إنشاؤكم لحزب جديد؟
_ إذا تم الاتفاق فلن يعود هنالك داعٍ لتكوين حزب، وبالتالي ستسقط بقية الخيارات.
{ أليس في الاتفاق الذي تم عبر الوسيط بينكم ورئيس الحزب شيء من هشاشة وضعف وافتقار لضمانات التنفيذ؟
لم نصل حتى الآن إلى جوهر الاتفاق بشكل رسمي. ونتمنى  أن يتم ذلك وسنشارك في المؤتمر العام المزمع قيامه، الذي بدوره سيحسم كثيراً من النقاط محل الخلاف.
{ دائماً الصراع داخل حزب الأمة يدور على مستوى ما دون الرئيس.. لماذا؟
_ لأنه حزب ديمقراطي وكل مؤسساته ديمقراطية ومنتخبة من رئيسه والأمين العام، إلى كافة لجانه ومكاتبه، والرئيس يُنتخب من المؤتمر العام، لذلك لا توجد خلافات في منصبه.
{ لكن الخلاف الذي نشب بين التيار العام وحزب الأمة كان وسط عضوية اللجنة المركزية أهم هياكل الحزب القيادية.. إذن أين الديمقراطية؟
_ نعم.. صحيح الخلاف كان حول انتخاب اللجنة المركزية وسببه بسيط جداً، وهو أنه حدثت زيادة في عدد أعضاء اللجنة المركزية الذي ارتفع من (200) عضو إلى (600)، وهذا إن شاء الله لن يتكرر.
{ حزب الأمة يمتلك جماهير لكن بدون فعالية.. كيف تفسر هذا الوضع الغريب؟
_ حزب الأمة أكبر حزب في السودان، لكن بعد انقلاب الإنقاذ في العام 1889م حُلّت الأحزاب ولم تعد موجودة. والحزب الوحيد الموجود هو حزب المؤتمر الوطني الذي يملك كل شيء. لذلك حزب الأمة لا يستطيع حتى إقامة ندوة جماهيرية في ميدان عام، أو تسيير مسيرة سلمية. حتى زيارات رئيسه الحالية إلى الولايات مرات يُسمح له، ومرات تُرفض.
{ يُتهم حزب الأمة من قبل خصومه بأنه  “ماسك العصاية من النص” فهو لا يريد إسقاط النظام ولا يؤيد بقاءه.. ما ردكم؟
_ حزب الأمة حزب ديمقراطي والنظام القائم عسكري، لذلك لا يستطيع الحزب إسقاط النظام عبر الطرق الديمقراطية ولا يستطيع ممارسة الديمقراطية حتى.  
{ ما موقفكم من الدعوة لتكوين حزب صوفي؟
_ أولاً.. لا أؤيد قيام حزب بمسمى ديني أو جهوي.. والصوفية  لو عاوزين يكونوا حزب سياسي يسموه حزب باسم سياسي، زي حزب الأمة مثلاً. لكن اسماً صوفياً هذا غير مناسب لأن الصوفية جهات تجد الاحترام والتقدير من فئات المجتمع كافة، وبتكوينهم للحزب يكونون منافسين للسياسيين.
{ هل تنجح حملة جمع السلاح في دارفور.. وما هي الدلالات التي تنطوي عليها؟
_ أولاً إشكالات الحرب موجودة في النيل الأزرق وجنوب كردفان وولايات دارفور، وهي مشكلة كبيرة، فهناك عدة مجموعات سكانية في كل منطقة من تلك المناطق، أصبحت تحمل السلاح من أجل حماية نفسها أو ممتلكاتها، بجانب مجموعة أخرى قبيلية تحمل السلاح دفاعاً عن القبيلة، ومجموعات حكومية ومؤسسات دولة كلها حاملة للسلاح.. لذلك من الضروري أن يتم جمع السلاح من الكل، وقبل ذلك  إيجاد جهات تحفظ الأمن والسلام سواء من الدولة أو من الإدارة الأهلية التي يجب أن تخصص لها مهام وصلاحيات أمنية ومالية وإدارية وقضائية لمساعدة الحكومة في حفظ الأمن والاستقرار، لأن زعماء الإدارة الأهلية، يعرفون الأفراد والجماعات ويستطيعون السيطرة عليهم في أي وقت. 
{ ما المقصود بالصلاحيات القضائية؟
_ ليس المقصود مهام قضائية بمعنى القضاء المفهوم، لكن لفض النزاعات القبلية البسيطة مثل المشاجرة والاحتكاكات.. بدل الذهاب إلى القضاء يجب محاكمتها محلياً من قبل العُمد أو المشايخ، وهو نظام قديم للإدارة الأهلية.
{ هل تعتقد أن القبض على عدد من العُمد بولاية شرق دارفور سينجح في إيقاف الفتنة؟
_ أنا ما عندي تفاصيل.. لكن فكرة اعتقال العُمد مرفوضة من حيث المبدأ وغير مقبول إطلاقاً. يمكن اعتقال أي شخص حال ارتكابه جريمة، لكن اعتقال الناس دون ارتكاب جريمة غير مقبول، وفوق ذلك رجال الإدارة الأهلية لهم احترام وسط أهلهم، لذلك يجب إطلاق سراحهم فوراً. وإذا وجدت أخطاء ارتكبوها يجب معالجتها ومنحهم صلاحيات.
{ ما هي في تقديركم الحلول للمشاكل القبلية الحالية؟
_ المشاكل القبلية موجودة منذ القدم مثل السرقات وجرائم القتل في أطراف البلاد، وبين القبائل، لكن تطورت مؤخراً باستخدام السلاح الناري. والسلاح يستخدم أحياناً لحماية المال والعرض والأنفس، وبالتالي فإن الإدارة الأهلية يجب أن تكون قوية، وإذا الدولة وفرت الأمن فإن الإدارة الأهلية لا تحتاج لحماية. 
{ تركت استقالة طلاب ولايات دارفور من جامعة “بخت الرضا” علامات استفهام كثيرة لا سيما أنها تكاد أن تكون الأولى من نوعها في تاريخ الجامعات السودانية.. كيف تنظر للأمر؟
_ الفكرة أساسها سياسية، وبدأت شرارتها عند قيام انتخابات اتحاد طلاب الجامعة التي فاز بها طلاب الحزب الحاكم المؤتمر الوطني، وشكك طلاب دارفور في نتيجة الانتخابات،  واحتجوا، وأثناء الاحتجاج حدث القتل والضرب وحرق بعض مباني الجامعة، ولم يكن أبناء دارفور وحدهم في هذه الاحتجاجات، معهم بعض الطلاب من بقية أنحاء السودان،  وتطورت المشكلة بطريقة كبيرة وهي لم تحدث من قبل في الجامعات، لأننا في السابق كنا نحتج بطرق مختلفة. وما حدث تصرف غير سليم، أن يتحوّل الصراع السياسي والنقابي إلى صراع قبلي وجهوي أو عرقي. وهذه مسؤولية إدارة الجامعة التي ينبغي أن تتأكد من النتيجة: هل هي صحيحة أم شابتها شوائب، وهي تتحمل المسؤولية وعليها إيجاد طريقة لإعادة الطلاب إلى مقاعد الدراسة. 
{ هل توجد مبادرات من أبناء دارفور لإعادة الطلاب الذين وصلوا ولاياتهم؟ 
_ حقيقة.. هنالك مبادرات من جهات وأشخاص يجتهدون لإعادة الطلاب الذين وصلوا دارفور إلى مقاعد الدراسة. لكن العبء الأكبر يقع على إدارة الجامعة، في السماح بعودة الطلاب والجلوس إلى امتحانات البدائل، ووزارة التعليم العالي التي يجب أن تعمل مع إدارة الجامعة لحل المشكلة حتى لا تتكرر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية