رأي

مكابدة "مريم" و"صديق" في خلافة الإمام "الصادق"!

بقلم – عادل عبده
الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي يلوِّح بيديه مودعاً إكسير الحكم وميادين الرئاسة بناءً على قناعة راسخة ورؤية عميقة ارتكزت على تجارب عديدة ومحطات عديدة في التكاليف العامة، فقد جرَّب الرجل الكبير قيادة العمل التنفيذي الرسمي في عامَيْ 1966و 1986 عن طريق رغبة الجماهير وصار زعيماً منتخباً لحزبه التاريخي على مدى سنوات طويلة علاوة على ذلك فقد حارب الإمام أنظمة الحكم الشمولي التي مرت على البلاد وظل نصيراً إستراتيجياً للنهج الديمقراطي القائم على الشفافية والنزاهة ودفع فاتورة تلك المواقف الوطنية سجوناً وتشريداً.
الآن يستدير الإمام “الصادق” على لوازم الحكمة والأناة والثبات والمراجعة الذاتية وهو يعلن بالصوت العالي عن تركه للعمل التنظيمي في أروقة الحزب والاكتفاء بالعمل السياسي بوصفه رسالة مقدسة إلى جانب التفرغ للمواعين الفكرية والبحثية، فلا شك أن الإمام ضرب مثلاً رائعاً في الزهد عن المناصب وترجمة رسالة فتح الطريق للأجيال القادمة لتحمل مسؤولياتهم الوطنية، فالخبرة الطويلة والتجارب الثرة والعقلية الناضجة تحوَّل الزعماء السياسيين إلى فلاسفة كبار ينادون لتطبيق القيم السمحة والنبل ورغبات الشعوب.
لم يكتف الإمام “الصادق” بالتفرغ للعمل الإنساني والفكري، بل استخدم كاريزميته الطاغية في جعل الخلافة بحزب الأمة القومي مبنية على عدم التوريث والسيناريوهات المطبوخة، وذكر بالصوت العالي بأنه لن يدفع أحداً من ذريته للخلافة بدون استحقاقاتها، وزاد بقوله لأنني أتحمَّل هذه المسؤولية إذا لم أكن صادقاً مع نفسي سيما ونحن ننادي بقيام كوادر قوية ومؤهلة تحتكم للتنافس الشريف.. الشاهد أن الإمام يفكِّر في التأسيس الرابع لحزب الأمة القومي، فقد كان التأسيس الأول عام 1945 والثاني عام 1964 والثالث 1985، فالواضح أن في مؤتمر تأسيس الحزب الرابع المرتقب ستكون معركة الخلافة حامية الوطيس مبنية على أجندة إستراتيجية وقوية ومواكبة وعميقة في ظل ابتعاد الإمام “الصادق” عن منصبه في قيادة العمل التنظيمي من خلال خطوة غير مسبوقة تستدعي مشاهد نابضة من النواحي الوجدانية والعاطفية والنوازع البشرية والإنسانية وتصاريف الزمن، حيث يمكن أن يدخل قرار الإمام لترك الزعامة التنظيمية في امتحان عسير، وفي الصورة المقطعية ربما يكون التنافس في ذلك المؤتمر على كرسي الإمام قوياً إلى حد كبير، وسوف تكون اللوحة متشابكة والأعصاب مشدودة وبذات القدر سوف يكون النظر في مؤهلات المتنافسين على الرئاسة دقيقاً وعميقاً وحاسماً، سيما بعد عودة الرموز الكبيرة الغائبة خلال الفترة الماضية.. من يفتح الصندوق المغلق؟ وهل سيكون الخليفة الجديد مقلداً أم مجدداً؟ وهل ستكون القيادة من ذرية الإمام أم قيادات الحزب؟ يقول الكثيرون بأن المنافسة قد تنحصر في الدكتورة “مريم الصادق” والأمير “صديق الصادق” في رئاسة الحزب لاعتبارات تتعلق بالمذاق الرمزي والعاطفي والنفحة الاعتبارية دون إنكار العطاء والكفاءة التي توجد في كنانة الاثنين، لكن شروط الإمام القاسية والمتنوعة حول موجبات الزعامة في وضع ربما تخلق تنافساً واضحاً بين “مريم” و”صديق” والقيادات التاريخية العريقة الموجودة في باحة الحزب، وبالتالي لن يكون الطريق هيناً وليناً لهما في نيل القيادة، وهي خطوة تحسب للإمام الذي يتحدَّث عن خلافة حقيقية مبنية على الشفافية والصدق تضع “مريم” و”صديق” على طريق المكابدة لخلافة والدهما.
لا أحد يتصوَّر كيف ستكون ملامح حزب الأمة القومي بعد قيام مؤتمره التأسيسي الرابع من حيث التنظيم المواكب والتمثيل الجماهيري وانطلاقته في البعد التكتيكي لخطه السياسي التاريخي في ظل حضور الإمام “الصادق” الذي سيكون بعيداً عن منصة القرار التنظيمي الفاعل، فالصورة ستكون حافلة بالمعطيات الاستثنائية دون التكهن بشكل المذاق الجديد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية