بكل الوضوح
مديرو أعمال لـ(مطربين) بلا أعمال!!
عامر باشاب
{ قبل فترة طويلة ومع انتشار ظواهر ومحن هذا الزمان، ظهرت حمى الألقاب في الوسط الفني وجعلت الكثير من المطربين الشباب الذين ما زالوا في مرحلة الأساس الفني يتنافسون ويتسابقون في جنون، ليستحوذ كل منهم على أضخم وأفخم الألقاب، وظللنا في كل يوم وقبل أن نسمع هذا المطرب أو نعرف ما يتمتع به ذاك الفنان من قدرات إبداعية نتفاجأ باسمه من أول ظهور مقروناً بلقب على شاكلة (الإمبراطور)، (الأسطورة)، (العملاق) أو (الزعيم).
{ وليت الأمر وقف عند حد الألقاب.. فها هي حالة من العدوى الجديدة انتشرت في الآونة الأخيرة بين مطربي هذا الزمان، والواحد منهم قبل أن يثبت قدميه على خشبة مسرح الغناء وقبل أن يمتّن تجربته ويقويها يصير له مدير أعمال.
{ والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا: ما هو نوع وحجم هذه الأعمال التي جعلت هؤلاء يخصصون لها أشخاصاً ليديروها نيابة عنهم؟!
{ قد نقبل فكرة أن يكون لكل مطرب شخص أو موظف يعاونه في تنسيق ارتباطاته، وهذا إذا كانت ارتباطاته تصل الدرجة التي تجعله يحتاج لمن يعاونه، لا أن يكون (مدير الأعمال) نوعاً من الواجهة و(برستيج) يساعدهم على الشهرة التي يبحثون عنها.. لكن هل (البرستيج) سيجعل منهم مبدعين حقيقيين؟!
{ وإذا عدنا إلى الوراء، إلى زمان الفن الأصيل نجد كبار المطربين ورواد الفن وعمالقته أهل (الساس والراس) رغم كل ما وصلوا إليه من مكانة فنية ورغم ما حققوه من إنتاج إبداعي راقٍ، نجدهم قد نالوا ألقاباً متواضعة جداً لم تتعد لقب (الأستاذ)، وهذا لأنهم في الأساس كانوا يركزون على الارتفاع بأعمالهم وليس بأسمائهم، وبالتالي فما قدموه من فن صادق ارتفع إلى مكانة أسمى وأرفع وأعظم من جميع الألقاب.
{ مثلاً الفنان العظيم “عثمان حسين” (الكان يهز ويرز) في دربه الفني الأخضر منذ نبوغه وحتى رحيله عن دنيانا لم نسمع له عن لقب غير (الأستاذ عثمان حسين)، أما الأسطورة “محمد وردي” فطيلة تاريخه الحافل بالعطاء الإبداعي لم نسمع بأنه خصص لنفسه مدير أعمال أو حتى سكرتير، وكان يعتمد على ابن أخته منسقاً لارتباطاته الفنية.. وهكذا ببساطتهم وتواضعهم عاشوا كباراً ورحلوا كباراً.