مسألة مستعجلة
ليس مجرد احتجاب لنشرة!!
نجل الدين ادم
كثير من عامة الشعب السوداني يربط موعد خلوده للنوم بالنشرة الإخبارية الرئيسية في التلفزيون القومي التي تأتي في العاشرة من مساء كل يوم، لدرجة أن البعض قد يسرح عن الموعد المحدد لأي تأخير للنشرة لظروف طارئة، وقد لا يدري القائمون على أمر التلفزيون حجم الارتباط الوجداني لكل مواطن بهذا الجهاز بخاصة هذه النشرة رغم ظهور العديد من القنوات الفضائية، لذلك كان ملفتاً للغاية غياب هذه النشرة يوم (الخميس) الماضي، وتغيب هذه الوجبة التي ينتظرها الكثير من الناس عن الخارطة البرامجية لذلك اليوم، في أغرب حدث من نوعه داخل هذا الجهاز، وكان بمثابة سابقة غريبة من نوعها، لتترى الأسئلة عن سر هذا الاحتجاب، حيث لم يسبق وعلى مدى تاريخ التلفزيون الحديث هذا الغياب، حتى في الحالات الاستثنائية، وما زاد فضولنا لهذا الغياب أنه لم يسبق النشرة أي اعتذار عن عدم التقديم كما يحدث في مثل هذه الظروف.
قرأت فيما صاغه وزير الدولة الأستاذ “ياسر يوسف” من مبررات والحديث عن انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من مرة وتعطل جهاز المولد الذي يقوم بتشغيل المولدات وخروج أستديو الأخبار عن الخدمة، كذلك ما صاغه مدير إدارة الأخبار الأستاذ “وليد مصطفى” عن محاولة لتلافي الانقطاع والعطل ببث النشرة من أستديو آخر لتكون النتيجة في نهاية الأمر تعذر البث، ودون التشكيك في هذه المبررات تظل الإستفهامات موجودة في ظل وجود بدائل أخرى كالانتقال لأستديو قناة النيل الأزرق على سبيل المثال، أو أي أستديو آخر، وفي أسوأ الفروض تقديم اعتذار قبل النشرة وبعدها طالما أن بعض الأستديوهات البديلة كان يمكن أن تقوم بهذه المهمة الجزئية.
ما حدث ينبغي أن يقف عنده المسؤولون في وزارة الإعلام والتلفزيون القومي، لأنه ليس مجرد احتجاب لنشرة، فمع التسليم بالقضاء والقدر تبقى مسؤولية التقصير موجودة، ولكن من المسؤول هذا ما ينبغي لمدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون أن يقوم بتحديده من خلال تشكيل لجنة للتحقيق في الواقعة، وفي المقابل كان حرياً بوزارة الإعلام أن تشكل هي الأخرى لجنة للتحقيق من واقع مسؤوليتها.
ليس هناك من ضمانات بأن ما حدث في ليلة (الخميس) الماضي، لن يتكرر مرة أخرى وبذات السيناريوهات ما لم تتحقق الجهات المسؤولة من الأسباب الحقيقية.
طالعت قبل أيام قليلة مذكرة من بعض منسوبي التلفزيون القومي تطالب بإلغاء قرار الدمج مع الإذاعة السودانية، من واقع أن القرار خصم على التلفزيون، قد يكون ما أثير صحيحاً من واقع الميزات التفضيلية التي يشاركهم فيها زملاؤهم من الإذاعة، وقد يكون العكس من واقع أن الإذاعة ظلت مستقرة مالياً وليست لديها إشكالات في المرتبات، مع الأخذ في الاعتبار لكل هذه القرائن، تظل المسؤولية الأكبر على عاتق وزارة الإعلام ورئاسة الجمهورية التي تتبع لها الهيئة في معالجة مثل هذه الإشكالات، لأن واحدة من أسباب ظهور مثل هذه المعضلات هو ترحيل إشكالات التلفزيون القومي ووضعها في ثلاجة رغم حساسيته وأهميته كجهاز قومي ينبغي أن يجد العناية الفائقة لكي يقوم بمهامه.
أنا أعرف جيداً قدرات القائمين على أمر إدارة هذا الصرح بقيادة الأستاذ “الزبير عثمان أحمد” ومساعديه ومهنيتهم العالية، لكن تظل عُقدة الربط كما هي دون حل إن لم يضع المسؤولون أيديهم في موضع الحل السليم، والله المستعان.