إمام الأنصار "الصادق المهدي" لـ(المجهر السياسى)
نحن أمام رئيس متقلب وتيم الحكومة غير مؤهل للتفاوض مع واشنطن
كتاب “مبارك” (كله) أكاذيب يؤدي وظيفة دعم الشمولية وتلطيخ سمعتي
حوار – صديق دلاى
عن طريق مدير مكتبه المحترم “محمد زاكي الدين” جلست للمرة الثالثة مع “أبو رباح”.. وأفضل ما كنت أتمناه في لقائي بالسيد الإمام “الصادق المهدي” أن يكون غير مزدحم ورائقاً بعض الشيء.. عزمني أن يصب لي كوب شاي لبن، وكان عشمي في الاستماع له أكبر.. دخلنا في الغريق منذ الوهلة الأولى، فشرح كتاب “مبارك” ووصفه بـ(الزوبعنجي)، وشرح كل شيء بخبرته ومعلوماته بالأيام والأرقام والتواريخ، بل وصف الكتاب كله بالأكاذيب، ويؤدي وظيفة دعم الشمولية وتلطيخ سمعته شخصياً.
وتداعت الأمور، فعبرنا كل الحواجز من السيرة النبوية حتى معلومة تشبه العصافير كونه زار ذات يوم المرحومة “سارة” حينما كانت معلمة في مدرسة و”آمال عباس” واحدة من تلميذاتها، استضافوه بـ(موية ساخنة)، فأحضر ثلاجة تاني يوم كانت (حديث بنات المدرسة).
والإمام هو الإمام، أستاذ الشرح، صبر على أسئلة صعبة وأجاب بـ(يا ابني).. ساعة ونصف الساعة مرت بسرعة وحصدنا معلومات لها ما بعدها.
{ كيف تقرأ (ردة فعل) الحكومة بعد قرار واشنطن بتأجيل موعد رفع العقوبات علينا؟
_ واضح أنها طريقة انفعالية وليست إستراتيجية، يرفعون مستوى التوقعات في السماء، ومستعدون يضحوا بكل شيء في أقل نكسة.
{ طريقة انفعالية؟
_ (ومافي أي إستراتيجية) ودا أكبر عيب.
{ “ترمب” رئيس مختلف؟
_ صحيح، “ترمب” رئيس لا تعرف ماذا يريد، لكن (الجماعة دول عندهم مطابخ قرارات وعندهم رؤية محددة).
{ نوضح أكثر؟
_ لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس ترفض رفع العقوبات، بينما (أتلانتيك بلان) ترغب في رفعها مع زيادة مستوى الشروط، وهناك تناقض.
{ لكن أي حكومة تدخل مجال السياسة الدولية على الأقل تكون لديها (خطة عمل)؟
_ هم معتمدون على السعودية والإمارات، ودي طريقة قاصرة مفروض تكون عندهم إستراتيجية أبعد وأقوى، والأهم من دا كلو أن فترة رفع العقوبات من يناير وحتى يوليو في 2017 فترة تجميد العقوبات، ماذا فعل السودان للانتفاع من ذلك التجميد غير أن الدولار زاد (3) جنيهات بدل ينزل، وحجم الصادرات ظل ثابتاً وميزان المدفوعات والجنيه حافظ على عجزه.
{ ظل التضخم؟
_ بل زاد بـ(40%) وزاد معه (شقاء المواطن السوداني).
{ وتبقى من الخطة الخمسية عامان؟
_ وكان حصاد الثلاث سنوات فشلاً حقيقياً.
{ وفي هذا المناخ؟
_ العقوبات رُفعت أم لم تُرفع مؤشرات التدني موجودة، ونحن أمام ثلاث حقائق ناجزة، نحن أمام رئيس متقلب.
{ ماذا قلت؟
_ أقصد الرئيس “ترمب”، رئيس متقلب ويتلقى نصائح من دول عربية ليرفعها أو لا يرفعها.. وحقيقة أخرى نحن أمام خطة (أتلانتيك بلان) ولجنة الكونغرس، وحتى الآن لم يتم تعيين فريق الملف السوداني ولم يعلن عن اسم المبعوث الأمريكي.
{ وبعدين؟
_ نحن حقو ما نعطي أهمية كبيرة لرفع العقوبات، ونعطي أولوية لحل القضايا الاقتصادية المحلية والملحة ومثلها القضايا السياسية.. هم أضافوا ثلاثة شروط على الخمسة القديمة، والحكومة السودانية تؤجر العقوبات لتكون شماعة فشل سياسي معقد.
{ واشنطن تتحرك بدقة نحو أهدافها؟
_ طبعاً ولديهم فريق مؤهل جداً، وبالمقابل ليس لدى الحكومة قامات سياسية مماثلة، مجرد بيروقراطيين، ولو كان في تأهيل لما كانت ردة الفعل انفعالية بتلك الطريقة.. هم حالياً رجعوا منها بنصيحة سعودية.. والتأرجح دا دليل على عدم وجود سياسة مدروسة.
{ كانت خطوة غير صحيحة؟
_ للأسف الخطوة الانفعالية كانت مثل أشعة (أكس) وكشفت بدقة عدم وجود نظرة إستراتيجية.
{ بعد عودتكم من القاهرة ظل كل شيء هادئ ولم تنجزوا أي خطى سياسية فارقة؟
_ (يا ابني دا كلام ما صحيح) والجرائد عندها تعليمات بالتعتيم علينا، ونقدر نقول لدينا نشاط شعبي كبير ومهم حصل قريباً في ست ولايات، وطرح حزبنا إستراتيجية واقترح نهاية إيجابية لخارطة الطريق، وبالداخل أكملنا المكتب السياسي بعد تعطيله وحسمنا قضايا في الجهاز التنفيذي وحسمناها بصورة قاطعة.
{ قلت إن تعتيماً إعلامياً مضروب على الحزب؟
_ أقمنا خمس ورش سياسية شارك فيها متخصصون، وفعلاً يوجد توجيه بعدم ذكر أنشطة حزبنا، وحتى الآن بدأنا استقطاباً قومياً من خارج الأحزاب.
{ هل وصلتك نسخة من كتاب “مبارك الفاضل”؟
_ لا، ولكني وجدت تلخيصاً وافياً.
{ حدثنا عنه كما ينبغي؟
_ كله أكاذيب، يؤدي وظيفة دعم الشمولية الحالية ليؤكد لهم أن التجربة الديمقراطية فاشلة، وبالتالي يعزز موقفه الجديد معهم.
{ وظيفة الكتاب انتقاد التجربة الديمقراطية؟
_ نعم.. هذه وظيفة الكتاب وفكرته الأساسية.
{ طبعاً كلامه مرفوض (مش كدا)؟
_ أي ديمقراطي معتق وأصيل لا يفكر بتلك الطريقة، ويمكن أن يوضح حجم المشاكل التي تواجه الديمقراطية ولا ينسى أنها الأساس في الحكم، كما قلت أنا، إنها عائدة وراجحة ولا يوجد خيار غيرها.
{ حدثنا عن الكاتب؟
_ “مبارك” يؤدي وظيفته، بيعه للنظام (الكيد للنظام الديمقراطي)، وفي خلاصة الفكرة تعزيز العلاقة (علاقته) مع الوضع الحالي على حساب التجربة الديمقراطية.
{ لابد أن في الديمقراطية مشاكل حقيقية ولابد من ذكرها للتاريخ؟
_ ولكن أي إنسان سيما في المرحلة دي سيدرك أن المشاكل التي خلفتها الدكتاتوريات أسوأ من تلك المشاكل التي خلفتها الديمقراطية.
{ ملخص الكتب مؤسف؟
_ بكل أسف، الكتاب عبارة عن محاولة لتلطيخ سمعتي وأنا أمثل الشرعية الشعبية المواجهة للنظام.
{ أنت جزء من التاريخ ولابد من التعرض لك؟
_ أنا حكمت السودان أربع سنوات لم أتقاضَ أي مرتب.
{ يقال إن لديك حسابات في بنوك خارجية؟
_ أنا أصرف على الحزب فكيف أُتهم بفساد فيه، وحتى يومنا هذا لديّ دار في الموردة وفي ود نوباوي وفي مدني، ويمكنني استغلالها ويمكن أن تؤجر بـ(30) ألف دولار.
{ لو كنت بكل ذلك التفاني فأنت محصن ضد الفساد؟
_ (النظام محتار فيني) وهناك من اشتروه بالمال وآخرون بالوظيفة.
{ “مبارك” ليس غريباً عليك له ما لك في البيت المهدوي وكان ساعدك الأيمن؟
_ لكنه كان دائماً مصدراً للزوابع، وحصاد كل ذلك نتائج سالبة على مر التاريخ، وحصل بسببه أن واجهنا (13) تنظيماً في التجمع الديمقراطي، حينما صار أمينه العام قاطعوا اجتماعاته وقالوا لـ”عمر نور الدائم”: (يا فلان نحنا مستعدين نعيد ترتيب وضع التجمع لو أبعدت عنه مبارك).
{ ربما له وجهة نظر مختلفة عنهم؟
_ بل لأنه اتخذ مواقف غير وطنية كلفتنا الكثير (على مر التاريخ).
(مرة ناس “جون قرنق” رسموا حدود الجنوب تكون في خط عرض 13 وليس حدود 56 أي تقسيم السودان النص بالنص).. “مبارك” وافق وأنا رفضت، وقدم حجته بكسب “قرنق” على حساب الوطن وقدم استقالته ليهددنا.
{ سمعنا بمعلومات قدمها عن مصنع الشفاء؟
_ تطوع، وأعلن أنه هو من أعطى المعلومات لضرب تلك الأهداف.
{ طبعاً رفضت حجته؟
_ رفضت وعنفته جداً
{ أنت غضبان جداً يا سيد “صادق”؟
_ كلفني شططاً شديداً في كل القضايا الوطنية.
{ ربما الطموح السياسي يغفر له بعض الشيء؟
_ مشكلته النزعة الدكتاتورية، وكان مفوضاً من الحزب للتفاوض مع الحكومة وكان “مادبو” و”بكري عديل” يرفضان تفويضه لسلوكه السياسي المعروف، وطالبني “مبارك” بفصلهما وإلا سيقدم استقالته.
{ كان يدك اليمنى؟
_ وكلفني شططاً، وأخيراً الحزب ارتاح منه ومن زوابعه، ومتأكد سيُحدث زوابع في الحكومة الحالية.
{ حتى الآن الرجل طبيعي؟
_ بل فعل زوابع كثيرة، فعلها مع “الصادق الهادي” وهما (ترلات) المؤتمر الوطني، ثم أعلن أن عساكر الإنقاذ أفضل من إسلاميي الإنقاذ، وتلك فتنة وإعلان زوبعي له ما بعده، وأثار مشكلة مع وزير الاستثمار السابق.
{ معقول.. سيل من الأخطاء؟
_ أنا واثق من فهم الحكومة لتوظيفه (الكيد لنا)، خاصة الإساءة لي شخصياً، والكتاب مبرمج ليعزز موقفه معهم.
{ الكتاب الذي لم تصلك نسخة منه ولم تتفضل بقراءته واكتفيت بملخص؟
_ الرئيس “البشير” (روى لي راوية واضحة) أن “مبارك” أول ما اشترك في الحكومة، (ودي رواية الرئيس)، “مبارك” قال لي أنا معاي الشعب، وأنت معاك الجيش و”قرنق” معاه الجنوب، لو تخلصت من حلفائك “علي عثمان” والإسلاميين معه، فرد الرئيس (ودي روايته لي) وقال: يا “مبارك” أنا والذكرتهم ديل (هم) أنا ذاتي، بينما حلفائي أنت و”الدقير”.
{ كلام عجيب؟
_ وفعلاً الزوبعة دي انتهت بإبعادهم من الحكومة، وكانت تلك زوبعة الزوابع، فصار (زوبعنجي).
{ دا كلو من ملخص وليس مذاكرة للكتاب؟
_ إذا عُرف السبب بطل العجب، والكتاب مكتوب عشان يلطخ سمعتي وسمعة الديمقراطية.
{ أثناء الأخطاء كنت رئيس الحزب؟
_ شجبته وعنفته.
{ لكن الرجل يبدو مرتباً ورائقاً ويفهم ما يريده؟
_ بل حائر جداً، والدليل على الحيرة أنه انضم إليهم في 2002، ثم أبعدوه لتلك الأسباب ومشى انضم للجبهة الثورية، ووقّع (الفجر الجديد) وفيه إسقاط النظام بالقوة وحق تقرير المصير، ثم خرج وعاد معلناً لهم توبته في إطار وظيفة الإساءة للآخرين.
{ “مبارك” ينتمي لبيت “المهدي” من العمق؟
_ لا يشرفنا أبداً وهو يؤدي تلك الوظائف.
{ أنت من قدمه للسياسة؟
_ من أخطائي السياسية الكبرى أنني قدمته.
{ ما الدوافع؟
_ هناك توازنات داخل الأسرة المهدوية كتعويض لأبيه “عبد الله المهدي”، وكان “مبارك” كما بدا لي أكثر جدية من غيره، وكل الوظائف التي نالها في حياته السياسية نالها بالتعيين وليس بالانتخاب.
{ الرجل دخل البرلمان ذات يوم؟
_ أنا من قدمه وجاءني ناس تندلتي لأرشح لهم شخصاً مناسباً، أخبرت “نصر الدين” فقال لي اختارني ناس الجبلين، فجاء “مبارك” من تقديمي ولو طالبته بعدّ عشرة أشخاص من تندلتي ما استطاع أن يعدهم، ولم يتقلد يوماً أمين عام في الحزب ولم ينتخب لأي وظيفة كبيرة.
{ أفتكر بشهادة الجميع أن “مبارك” (عمل الفرق) في عمل الحزب أيام التجمع في الخارج؟
_ وما كان في حد ممكن يشتغل في الخارج إلا بتفويض مني.
{ قدرات “مبارك” المالية تحسب له كرجل من المستقبل فهم إشكاليات الوضع السياسي لزعيم قادم؟
_ حينما خرج بمعاونة عديله “غازي صلاح الدين” (هذا ما أعتقده) واشتغل من هناك وأثرى نفسه من العمل السياسي وله بيوت في لندن والقاهرة، ومؤكد أن ذلك الثراء لم يكن إلا عن طريق (تفويضي) القديم، وحتى اليوم لم نتحاسب.
{ ما حاسبك؟
_ لم يحاسبني حتى اليوم، ونظرياً كل تلك الأموال مصدرها عمله السياسي وأنا المسؤول عن محاسبته، وأخبرت المرحوم “عمر” وقال لي (مفروض تحاسبه).
{ آخر مطاف أبناء البيت الكبير؟
_ رعيته رعاية لا حد لها، وكان دائماً يطعنني من الخلف.
{ بكل أسف (مش كدا)؟
_ انطبق القول (اتق شر من أحسنت إليه)، وأنا أعطيت (عدداً محدوداً) أعطيتهم من خير ما أُعطيت ونلت منهم شراً.
{ ماذا تبقى للإنقاذ أن تعيشه من عمر بيننا؟
_ ما عادت هناك إنقاذ بل أجهزة أمنية تحكم، وما ضروري تكون متفقة مع الحكومة القائمة، وأهم الناس “صلاح قوش” هو من كشف الأوضاع من الدخل فأُبعد وسكت، وفعلاً كان ينوي التغيير، لأنه علم أن المشروع السياسي المعلن عنه قد فشل وأنتهى.
{ مسألة الفريق “طه” على الخط؟
_ “طه” ذكي وله عدة مواهب وكسب ثقة الرئيس المطلقة، وهو وراء حكاية اليمن (الدم مقابل الدعم)، وكسب علاقات واسعة مع السعودية والإمارات وصارت له قدرات تفوق وزنه، وإلا كيف ينوب عن الرئيس في قمة الرياض وهناك نائب أول ورئيس وزراء ومساعدون ووزير خارجية، فبأي مفهوم دستوري حصل ذلك التفويض.
{ الرجل “فريق”؟
_ كلمة “فريق” ما كلمة عادية، وينتظر أن تتبعه ثلاثة جيوش.
{ حتى العباءة التي ذكر أنك أهديتها له وهو بن الـ(18) سنة تعدّ معلومة كاذبة؟
_ أنا لا أتذكر، ربما حصل.