تقارير

سد النهضة … اقتراب الحلم الإثيوبي من محطته الأخيرة

“أديس أبابا” تؤكد الانتهاء من (60%) من المشروع
أديس أبابا ـــ محمد جمال قندول
اقترب الانتهاء من الحلم الإثيوبي الكبير وهنا أعني (سد النهضة) ذلك الحلم الكبير الذي يعيش الإثيوبيون على وقعه ليل نهار في بلاد أحفاد “النجاشي”، ومع ذلك   فثمة الكثير من الجدل أثير مؤخراً حول المشروع، في الوقت الذي تحدثت فيه تقارير إعلامية عن البدء في تشغيل الخزان، وحبس المياه في بحيرة السد وتعطيل عمل مكاتب الخبرة الدولية،  والكثير من الأقاويل التي جعلت رحلتنا لسد النهضة، خلال زيارتنا ضمن وفد إعلامي بدعوة من الخارجية الإثيوبية، من أهم أركان الزيارة.
على امتداد رحلتنا من العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا”، هذه الأيام كان لابد لنا  من أن نقف على حقيقة الأوضاع بسد النهضة على أرض الواقع، وقد تم  لنا ذلك بعد أن توجهنا ظهر (الأربعاء) الماضي، في رحلة طويلة إلى حيث  ينهض الحلم الإثيوبي . فتوجهنا بالطائرة لمدة ساعتين إلى “أصوصا”، ومنها لـمسيرة  4 ساعات براً حتى وصلنا السد مساءً، لنتجول صباح (الخميس) على كل مرافقه، ونقف على حقيقة كل ما يثار حول هذا المشروع، الذي يعد بمثابة مشروع القرن لـ(إثيوبيا)، والتي تأمل بأن تنهض عبره بدخل الفرد وسط آمال وتطلعات كبيرة، بدأت واضحة من خلال العمل الشاق، والمستمر كما شاهدناه بأعيننا.
(1)
مدير مشروع سد النهضة المهندس “سيمينغيو بيكلي”، الذي كان قد استقبلنا عشية وصولنا ويوحي مظهره بأنه في منتصف الأربعينيات، تحدث إلينا  وقال إن (60%) من أعمال بناء السد المختلفة قد اكتملت، حتى الآن، بما في ذلك أعمال الهيدروميكانيك والإلكتروميكانيك، وأن معظم أجزاء المشروع جاهزة للتركيب.
واستفاض المهندس الإثيوبي في شرح الجوانب الفنية، وقال إنها  تقوم  على  عمليات البناء على أسس علمية تعتمد الجودة والمسؤولية، وعلى المعايير الدولية المتفق عليها في بناء السدود.
وأكد “بيكلي” بأن بلاده تلتزم بمبادئ  تحول دون أن  يصل الأذى الآخرين،  وقال:  حرام على إثيوبيا أن تبني نهضتها على الإضرار بالآخرين. لهذا نقول إن هذا مشروع بناه الإثيوبيون لفائدتهم وفائدة الآخرين أيضاً.
ونفى في ذات الوقت ما أثير مؤخراً بعدد من الوسائط الإعلامية بمصر، عن بدء تخزين المياه في بحيرة السد. وأشار خلال حديثه للوفد الإعلامي، بأن عملية البناء شهدت تقدماً كبيراً، وأن النهر يشهد تدفقاً طبيعياً، مما يعكس أن عملية التخزين لم تبدأ بعد،  وأضاف بأن العمل يتواصل ليل نهار لإكمال المشروع. وزاد بالقول: كما تشاهدون أنتم الآن وحسب الأجزاء المكونة للمشروع، فنحن على وشك إكمال المشروع المقدر له أن يجعل من إثيوبيا دولة رائدة.
ويجزم “بيكلي” على أن مشروع السد سيأتي بالفائدة لدول المصب والمنبع معاً، وذلك من واقع أنه مشروع صديق للبيئة على حد  قوله، وأضاف: (قطعاً هو  مشروع سيستفيد منه الإثيوبيون والسودانيون والمصريون، وذلك من خلال تنظيم جريان المياه في النهر والتقليل من مخاطر الفيضان، وتقليل الفاقد من المياه عن طريق التبخر، وتقليل الإطماء، ورفع الكفاءة التشغيلية للسدود القائمة، وزيادة الرقعة السياحية، فضلاً عن تزويد البلدان بالطاقة الرخيصة)، وأضاف: (هذا مشروع بناه الإثيوبيون لفائدتهم وفائدة الآخرين.
(2)
في الوقت الذي نفى رئيس لجنة الخبراء الفنيين من الجانب الإثيوبي المهندس “غديون اسفاو”، أن تكون إثيوبيا قد تسببت في تأجيل عمل اللجان الفنية المشتركة، قال خلال لقائه  مع الوفد الإعلامي بأن اللجان الفنية عقدت أكثر من 14 اجتماعاً، عكفت من خلالها على مناقشة الدراسات الفنية، وعلى رأسها تقارير الشركة الفرنسية الاستشارية PRL . وأضاف أنه  سيتم التوصل لنتائج وتوصيات قريباً بهذا الشأن.
ونوه “اسفاو” إلى أن عملية إنشاء السد تتم عبر مراحل تستند على أسس علمية وفنية، وأضاف  أن هناك تنسيقاً بين المخططين والمنفذين. ولفت “اسفاو” إلى أن اللجنة الفنية المشتركة درست تجارب السدود في السودان ومصر للاستفادة منها في عمليات تشييد سد النهضة، مشدداً في الوقت ذاته على أن كل أعمال تشييد السد معلنة، وأشار “اسفاو” إلى أنه لم يتم تحديد موعد  لانعقاد اجتماعات اللجنة المشتركة القادمة في الخرطوم، التي ستناقش عدداً من القضايا من بينها الفترة الزمنية لتخزين المياه في البحيرة.
بينما قال وزير الاتصال الحكومي والإعلام الإثيوبي “نقري لينشو”، في تصريحات صحافية للوفد  بالعاصمة الإثيوبية،  بأن بلاده أنشأت السد لفائدة دول المنبع والمصب، وأن إثيوبيا والسودان ومصر، ملتزمة باتفاقية “إعلان المبادئ”، الموقعة في الخرطوم 15 مارس 2015، وأن حكومته من حيث المبدأ لا تتدخل في أعمال لجان الخبراء العاملة في السد، ولا تمارس عليها أي ضغوط لتأخير أو تقديم تقاريرها الفنية.
وأشار الوزير إلى أن  حكومته وضعت خططاً أولية لإكمال البناء خلال فترة تتراوح بين (5 – 6) سنوات، غير أنها  اكتشفت بأن العمل يحتاج وقتاً أطول،  ولكنه عاد وقال بأنهم تخطوا المراحل الصعبة في البناء، ويجري الآن العمل على إكمال ما تبقى في أقصر وقت.
الجدير بالذكر بأن المنطقة المقام عليها السد  تبعد بحوالي (20 -40) كيلومتراً من الحدود الإثيوبية – السودانية، بينما يبلغ طول جسم السد 1870 متراً، وارتفاعه 145 سم، وينتظر أن تقام عليه محطتا توليد كهرباء بقدرة مجتمعة تنتج 6450 ميغاوات، تستطيع بحيرة السد البالغة مساحتها 1874 كيلومتراً مربعاً خلف الخزان تخزين 74 بليون متر مكعب من المياه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية