رأي

بعد ومسافة

إلى أستاذي العزيز “موسى”.. مع حبّي
مصطفى أبو العزائم

لن تمر تصريحات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة حول (قناة الجزيرة القطرية) لن تمر وتمضي مثل (أي كلام) تستقبله الأذن اليمنى ليخرج باليسرى، وقد أشرنا إلى ذلك مراراً وتكراراً، كتابة في الصحف وحديثاً في اللقاءات التلفزيونية والإذاعية، وسوف تستمر ردود الأفعال إلى حين انعقاد المؤتمر العام للحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي قرر منذ الآن أن أهم أجندته ستكون محاسبة عضو الحزب “أحمد بلال عثمان” ثم (طرده) من الحزب كما جاء في بيان الحزب الممهور بتوقيع السيدة “إشراقة سيد محمود” التي نعلم ويعلم الجميع مدى ما وصل إليه الأمر بين مجموعتها وبين مجموعة “بلال”، وقد بدأت الخلافات ساخنة لتنتقل إلى مرحلة المشاكسات ثم الاتهامات فالاعتداءات، ولا نعرف إلى أين تقود، لكننا نعرف أن مجموعة السيدة “إشراقة” تخطط منذ فترة للإطاحة بالدكتور “بلال”، وهذا شأن داخلي يحكمه دستور الحزب ولوائحه التنظيمية، ويفصل فيه مسجل الأحزاب.
بالأمس كتب أستاذنا وأستاذ الأجيال الصحفي الخلوق “موسى يعقوب” مقالاً قيماً مثل كل مقالاته الموضوعية الموصوفة دائماً، بل المرتكزة على أعمدة الحكمة وقواعدها حول ذات الموضوع، وهي مادة تعبر عن وجهة نظره التي نحترمها كثيراً، خاصة عندما يُجمّل الأستاذ الكبير “موسى يعقوب” وجهة نظره أو رأيه حول القضايا الكبرى– وهي في المقدمة– ثم القضايا التي تكون أقرب للحديث حول الممنوع في السياسة وغيرها، أو حول القضايا المثيرة للجدل، من خلال بابه المقروء (المشهد السياسي) الذي أحرص والآلاف غيري على متابعته، حتى أنني استكتبته ذات يوم في صحيفة (آخر لحظة) التي كنت أحد مؤسسيها والشركاء فيها ورئيس تحريرها، لكن عصبة من الشركاء ما كانوا يريدون ذلك، وهذا أمر لم يحن بعد موعد الكتابة عنه وعن تفاصيل كثيرة خلال عضويتي لمجلس الإدارة ورئاستي للتحرير.
خلاصة ما كتبه صديقنا العزيز الأستاذ “موسى يعقوب” هو ضرورة استقالة الدكتور “أحمد بلال عثمان” من منصبه كوزير للإعلام وناطق رسمي باسم الحكومة، لأن ما جاء على لسانه من إفادات في القاهرة جاء محرجاً له ولحزبه ولموقف الحكومة التي ينتمي إلهيا، وقد لخص أستاذنا “موسى يعقوب” ذلك في ثلاثة تصريحات، الأول يتناقض مع موقف الدولة الرسمي في أمر اتهام مباشر لمصر بدعم جماعة “مناوي” المتمردة في دارفور من خلال شواهد عديدة ووصلت المعلومات حول ذلك الدعم بالكامل للسيد رئيس جمهورية مصر العربية المشير “عبد الفتاح السيسي” وشاهد السودانيون العربات والمعدات الحربية مصرية الصنع التي تم الاستيلاء عليها في آخر محاولات مجموعة “مناوي” للاعتداء على البلاد انطلاقاً من الأراضي الليبية.
أما التصريح الثاني الذي أخذه صديقنا الأستاذ “موسى يعقوب” على صديقنا المشترك الدكتور “أحمد بلال عثمان”، فهو ذلك التصريح الخاص باتهامه لقناة الجزيرة بأنها تعمل ضد الدولة المصرية، وهو ما يعد انحيازاً لأحد أطراف أزمة الخليج رغم أن موقف السودان الرسمي كان ولا زال هو الحياد التام والعمل على رأب الصدع.. ثم كان تصريحه القديم– أي الوزير– حول سد النهضة الإثيوبي المخالف أيضاً للموقف الرسمي للحكومة التي ينطق صديقنا الدكتور “بلال” باسمها.
نتيجة ما وصل إليه أستاذنا بذلك الترتيب المنطقي يقضي بأن يقدم الوزير استقالته رغم أنه قال: (لن أستقيل) بعد أن استدعته لجنة الإعلام في البرلمان وساءلته عن تلك التصريحات لأن ذلك وفق أستاذنا “موسى يعقوب” قد يقود إلى فتح الطريق أمام التفكك والتلفتات الرسمية، وهو ما لا يليق بحكومة الوفاق الوطني وأحزاب الحوار الوطني.
نقول للصديق العزيز الأستاذ “موسى يعقوب” إذا سرنا في الخط الذي رسمه في جانب ما تقود إليه تلك التفلتات، هل سنكون منصفين للدكتور “بلال” ولغيره من أصحاب المواقف الواضحة تجاه القضايا الكبيرة؟ لن نكون كذلك، فالحكومة الآن هي تجمع سياسي عريض، لكن لكل حزب مواقفه وآراءه التي ربما تناقض مواقف الآخرين، مثل موقف حزب المؤتمر الشعبي من أزمة الخليج وانحيازه المعلن والواضح لدولة قطر، ثم موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي بكل أجنحته الواضح والمعلن لمحور السعودية، الإمارات، البحرين ومصر، ولكل حزب من أحزاب الحكومة موقف محدد، فهل يعقل أن نصادر هذه الآراء المختلفة ونلزم الجميع بموقف واحد لم يتم التشاور حوله أو الاتفاق عليه؟ إن فعلنا ذلك فإننا نهدد بقاء الحكومة وتماسكها، فالأحزاب الشريكة كثيرة وعديدة، لكن مواقفها تجاه بعض القضايا ليست واحدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية