مسألة مستعجلة
عندما لا تجد المظالم سبيل الحل!!
نجل الدين ادم
الخبر اللافت في صحف الخرطوم، أمس، كان اقتحام شرطي جلسة افتتاح المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ومقاطعة خطاب رئيس الوزراء والتلويح بمظلمة وشكوى مباشرة ضد والي الخرطوم بشأن إزالة كشك يخصه بمنطقة حلة كوكو، ويبدو أن هذا الشرطي لما استنفد كل فرص الشكاوى والجهات المعنية ولم يعد أمامه إلا أن يفقد مصدر دخله هذا، ففكر ودبر بأن اقتحام هذه الجلسة يمكن أن يكون بمثابة طوق نجاة، وفي ذلك لم يحسب التبعات التي يمكن أن تفقده عمله كنظامي لما قام به من تجاوز كبير، ولكن ماذا يفعل هذا الرجل وقد أغلقت عليه كل أبواب رد المظالم.
أتمنى أن تكون إدارة الشرطة التي يتبع لها الرجل قد تعاملت مع الأمر باعتبار أن هناك مظلمة لم تجد السبيل لردها إلا عبر هذه البوابة رغم عدم مقبوليتها، وعلى الشرطة أن تتفاعل إيجاباً مع مظلمة الرجل وتعيد له ولو القليل من الأمل في رد حقه.. كذلك على ولاية الخرطوم أن لا تأخذها العزة وتركب رأسها وتجعل من هذا التجاوز سبباً قاطعاً لعدم رد الحقوق.
مثل شكوى هذا النظامي كثيرة، وأحياناً يموت أصحابها (مغصة)، حيث تكون كل أبواب رد المظالم مغلقة لا يستطيع الاقتراب والتصوير ليس لأنها منطقة عسكرية، بل لأن الحاشية لا تريد أن تزحم سعادة الوالي بأولى الأولويات!
ماذا يفعل الوالي إن لم يكن ينظر في مظالم هؤلاء بتروٍ ويوجه بالمعالجة؟ أنا متأكد أن الشرطي هذا قد ظلم الوالي بشكواه هذه من حيث يدري ولا يدري، ولكن من ظلم الوالي ووضعه في هذا الموضع هم من حوله.
أيضاً هذه المظلمة نبهتني لواحدة من أهم بوابات رد الحقوق من الحكومة نفسها، وذلك لما تتمتع به من سلطات واسعة وهي هيئة الحسبة والمظالم التي تتلقى شكاوى المواطنين ضد الدولة وتنظر فيها، وأهمية هذه الهيئة أنها ترفع مقترحات المعالجة في كثير من الأحيان إلى رئيس الجمهورية من واقع أنها تتبع له، ولكن يبدو أن هذه الهيئة لا حول ولا قوة لها كما كانت في السابق، والسبب بسيط هو أنها لم تمكّن من أداء دورها على الوجه الأكمل.
أتمنى أن نجعل من هذه الهيئة الموقرة التي تضم قضاة ورجال قانون ماهرين وجهة حقيقية لاسترداد الحقوق المنتهكة من أي جهة مهما علا شأنها، وأن نهيئ لها الظروف المادية حتى تكتسب ثقة المواطن، وقتها لن يجد مثل هذا الشرطي سبباً لكي يقتحم جلسة المجلس التشريعي أو غيره لتوصيل شكواه.. والله المستعان.