مسامرات
نظافة النفوس أولاً
محمد إبراهيم الحاج
{ طوال أمس وأمس الأول لم تخل مجموعة اجتماعية عبر مواقع التواصل الاجتماعي من صور يبدو أنه (نشط) في نشرها المكتب الإعلامي التابع لمعتمدية الخرطوم.
{ الصور تظهر فتيات مغربيات منهمكات في نظافة شارع الستين (أكبر شوارع الخرطوم) تابعات لشركة “زون” المغربية التي تعمل في مجال النظافة.
{ ورد في متن الخبر (دشنت محلية الخرطوم وشركة زون المغربية للنظافة نظام غسل الطرق بالمياه وأعمال الكنس الآلي وإزالة تراكمات الأتربة بالشوارع الرئيسة، ووقف معتمد المحلية الفريق ركن “أحمد علي عثمان أبو شنب” والمدير التنفيذي للمحلية “أحمد طه المليجي” على انطلاقة العمل بمدخل كوبري المنشية وشارع الستين كتجربة لبداية نظافة الشوارع وغسلها بعد انقطاع منذ ستينيات القرن الماضي، وأكد المعتمد بأن العمل يجيء لتحسين الأداء ومعالجة إشكالات النظافة وإزالة تراكمات الأتربة علي الطرق). انتهى.
{ ليس ثمة شك أن لا أحد يمكن أن يقف في وجه مجهودات لتجميل وجه العاصمة ونظافتها مما حاق بها من (مستنقعات آسنة متراكمة) وتجفيف (بؤر للبعوض والنمتي والناموس)، وإزالة ما علق بها من تشوهات قذرة أخفت كل معالم الحسن فيها (رغم قلتها) وهو دور ربما تأخر كثيراً.. وأن تأتي متأخراً خير كثيراً من أن لا تأتي.
{ ولكن هل المحلية بحاجة إلى كل هذا الزخم الإعلامي حتى تقوم بدورها في نظافة شوارع الخرطوم التي أنهكتها الأوساخ وهد (حيلها) تكالب الأمراض والإسهالات المائية والملاريا جراء البيئة المتردية لأغلب أحيائها؟!
{ هل مجرد صور تنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من شأنه أن يعيد لنا الطمأنينة بوجود جهود كبيرة في نظافة العاصمة ومعالمها وشوارعها وأحيائها السكنية؟
{ لا شك أن تلك أسئلة منطقية ينبغي على المحلية أن ترد عليها وهي تملأ الأجهزة (المحمولة) بصور الفتيات المغربيات ينهمكن في نظافة شارع الستين (أكبر الشوارع التي لا تحتاج إلى نظافة) مقارنة بشوارع وأحياء وتجمعات سكنية غيرها تعاني من (أرتال) الأوساخ (المكومة) في كل مكان.
{ جهد المحلية في النظافة المصحوب بكاميراتها ومحرري أخبارها نرجو أن لا يكون مجرد محاولة لإظهار وجه عملي للمحلية.. وما أن تبتعد الكاميرات والفلاشات حتى تعود المحلية إلى سباتها وإغماض أعينها عن المشاكل المتناسلة.
{ قبل أن تبدأ المحلية في نظافة الخرطوم بالمياه والصابون عليها أن تعي جيداً أن لا تكون تلك الحملات كسابقاتها التي كانت تشابه (ساقية جحا)، (من البحر للبحر)، فقد كانت سابقاً تقوم بنظافة رصيف الشوارع الكبرى من الأتربة والغبار وقبل عودة العمال إلى منازلهم تكون ذات الأوساخ والأتربة قد عادت مرة أخرى إلى مكانها سالمة.
{ وقبل أن تبدأ المحلية بالنظافة بالماء والصابون عليها أن تزيل (جبال) النفايات الممتدة في الشوارع الداخلية للأحياء.. وأن تعمل جهدها المبدئي في نظافة الأسواق وتشريع ضوابط صارمة لكل الجهات والدكاكين والأفراد، وتغريم كل من يعبث بسلامة ونظافة الناس والبيئة والشوارع.
{ لن نحمّل المحلية جهد نظافة الخرطوم وحدها.. فالناس شركاء بمقدار أكبر في تحقيق وجه حضاري ونظيف للخرطوم، لأن سلوك كثير من الناس صادم ومقزز.
{ سائق سيارة يرمي بقايا الأكل والمشروبات في الشوارع.
{ أماكن للتبول في وسط العاصمة يرتادها الناس بشكل دوري.. وفي الشوارع وعلى عينك يا (محلية).
{ رمي الأوساخ في الشارع سواء من قبل الأسر والمحال التجارية وغيرها.
{ الباعة السريحة الذين يكونون سبباً رئيساً أيضاً في تحميل وجه العاصمة قبحاً إضافياً.
{ ما سبق يمثل نماذج قليلة ساعدت على إهدائنا بيئة متردية أحالت وجه العاصمة إلى (كومة) من الأوساخ.
} مسامرة أخيرة
{ ما لم تضع حملة النظافة في أولوياتها محاولة جادة لتغيير سلوك عامة الناس من خلال التوعية بأهمية النظافة ووضع العقاب الناجع لهم فإن ذلك سيقلل كثيراً من فرص نجاح الحملة.
{ والله من وراء القصد..