الحاسة السادسة
ماذا قدمتم لشعبكم؟
رشان أوشي
قال رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت” في ذكرى انفصال بلاده السادسة قبل أيام، إن شعبه غير نادم على خيار الانفصال، بالطبع الشعوب لا تندم على خياراتها الديمقراطية المجلوبة بإرادة حرة بدون إملاءات أو ضغوط، ولكنها قد تندم أن اختارت أناس خطأ على رأس خياراتها، مثلاً عندما صوَّت ملايين المصريين لجماعة الإخوان المسلمين بعد ثورة يناير، ظناً منهم أن شعارات الدين والفضيلة قد تكون ملاذاً آمناً، بعد فساد “مبارك” ونظامه، إلا أنهم سرعان ما اكتشفوا الحقيقة المفجعة، عندما بدأ الإخوان بعد أشهر معدودات في تنفيذ سياسة التمكين، وحاولوا السيطرة على مؤسسات الدولة العميقة، خاصة القوات المسلحة، تخلص المصريون من خطأهم التاريخي، وفروا من الفخ بسرعة البرق.
اليوم.. أن كان أهلنا في جنوب السودان نادمين، فبالطبع ليسوا نادمين على خيار الانفصال، إنما على جعل الحكم في أيديكم، أيدي ثلة من العسكر نقلوا خلافات الغابة إلى الحكم، تدفعهم طموحاتهم الشخصية، وضغائن الماضي، حتى أفرغوا سمومهم على بعضهم البعض، ودفع الثمن شعب جنوب السودان الطامح للحرية والاستقرار.
نظام جوبا أوضح تماماً أن أخلاق قادته بعيدة كل البعد عن أخلاق الثوار، وأنهم حادوا عن وصايا المعلم الأكبر د. “جون قرنق دي مبيور” أيقونة الثورة في جنوب السودان، رائد مشروع السودان الجديد، الرجل الذي اكتشف مبكراً مطامع بعضاً من تلاميذه، وأخبرهم أن يبقوا في حدود 1956م، وأنه ومن معه سيكمل مشوار إنجاز المشروع إلى ما بعد الحدود، الرجل الذي كان يتحدث عن حقوق كل السودانيين ولم يلمِّح يوماً لانفصال، حتى أتت الثلة الحاكمة الآن وحرضت شعب الجنوب على الانفصال لتحكم، وأضاعت البلاد والعباد.