أخبار

درء الفتنة

نجحت الحكومة في درء فتنة قبلية كان يمكن أن تمزق النسيج الاجتماعي وتشعل صراعاً بين شمال دارفور وغرب كردفان على إثر الصراع حول الأرض على حدود محليتي غبيش واللعيت جار النبي.. وبين مكون اجتماعي متعايش هم الحمر والبرتي.. وقد نجحت إرادة الصلح والوئام الاجتماعي ممثلة في الأميرين “أبو القاسم الأمين بركة” الوالي والزعيم العشائري في ذات الوقت والأمير الآخر “عبد القادر منعم منصور” الذي اختاره الراحل “الزبير محمد صالح” ليكون أميراً لجموع قبائل السودان.. بعد مقتل المواطنين الثمانية انتقلت حكومة الفولة إلى مسرح الأحداث.. وجفف الوالي دموع الثكالى.. وجلس في تواضع على الأرض مع امرأة فقدت اثنين من فلذات كبدها.. وطارت وسائل التواصل الاجتماعي بالصورة تعبيراً عن الوجه الإنساني للسلطة.. والبعد الرحيم للحكومة.
وفي سنوات خلت كانت كل الشعارات تطالب بالولاة والوزراء المسؤولين المتصفين بالأمانة والقوة وهؤلاء لم يورثوا البلاد إلا قليل من النجاحات وكثيراً من الخيبات والعثرات، ولكن اليوم ارتفعت الشعارات بحثاً عن الوالي والوزير الرحيم الرءوف.. وقد كان الوالي “بركة” رءوفاً” بالأم التي فقدت أبناءها ورحيماً بمواطنيه وهو يسعى بينهم للتصالح والتسامي فوق الجراح وهم صيام وقيام.. ومن المفارقات أن المجموعتين اللتين نشب بينهما النزاع تفيض من جوانحها الإلفة والمحبة والتعايش ونعني مجموعة البرتي في شرق دارفور والحمر في كردفان، فالبرتي يقطنون المنطقة الواقعة في شرق دارفور ونظارتهم تسمى جغرافياً بنظارة شرق دارفور، وليست نظارة البرتي، ويقف على قيادتها الناظر “الصادق ضو البيت” والملك “ياسر أحمداي”.. والبرتي تكوين اجتماعي عريض يضم في حناياه مجموعات عديدة.. عربية وأفريقية وأكثر سكان دارفور تمازجاً مع بقية مكونات الإقليم، لذلك قاد البرتي إقليم دارفور في الظروف الصعبة والأيام العصيبة وخير مثال لذلك فترة “عثمان كبر” الزاهية في شمال دارفور وقبله الفريق “إبراهيم سليمان” الذي ظلم نفسه وظلمته حكومته.. ولن ينسى أهل دارفور سنوات الراحل د.”عبد النبي علي أحمد”.. لذلك البرتي أهل حكمة وصبر.. وهم أكثر مكونات دارفور نالت حظوظاً في التعليم والاستقرار.. ولم تدخل أرض البرتي في شرق دارفور حركات التمرد وتعيث فيها الفساد.. أما المجموعة الثانية ونعني نظارة حمر فهم تكوين ثقافي وتحالف اجتماعي عريض أكثر منه تكوين قبلي وعصبة صغيرة.. فالحمر اتسعت ثياب تعايشهم مع مجموعات سكانية مختلفة من كل السودان.. البرتي في دار حمر هم حمر.. وخزام في غبيش هم جزء هام من حمر وبني فضل وبني بدر هم من بطون حمر والشايقية في دار حمر مكون مهم من القبيلة.. ولهم شرتاي شايقي في منطقة أم بل ومحكمة، ومن هؤلاء آل الكرسني والبرياب في دار حمر هم من صلب القبيلة.. والجعليين في النهود من أفخاذ حمر وكل هذا الطيف جمعه الغريسية والغشيمات والدقاقيم والعساكر، في فضاء اجتماعي أسس لتعايش امتد لمئات السنين.. وحافظت أسرة “منعم منصور” على النسيج الاجتماعي العريض لتعمير الأرض وإحياء التراب بعد موته.. لذلك لم يجد “أبو القاسم بركة” صعوبات في وقف نزيف الدم بين البرتي والحمر، لأن لكل المجموعتين خصائصها المشتركة التى  تعصمهما من الولوغ في الدم والصراع حول المغانم الصغيرة وللبرتي قيادة سياسية وأهلية لها نظرة عميقة للتعايش، وقد جمعت شخصية “عبد القادر منعم منصور” ما بين رجل الإدارة الأهلية ورجل الدولة الذي يتصف بالحكمة والكرم والشهامة والإقدام على فعل ما يؤمن به، لذلك شكلت مبادرة وقف الصراع القبلي الذي نشب واحدة من الإشراقات المهمة للحكومة في شهر رمضان.
 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية