رأي

مسالة مستعجلة

 مبادرة جديرة بالتمعن
نجل الدين ادم
كتبت قبل أكثر من عام تحت عنوان (جائعون في بلد الزرع والضرع) بعد أن قرأت معلومات صادمة عن عدم تناول الآلاف من الطلاب بمدراس ولاية الخرطوم وليس والولايات الطرفية وجبة الإفطار، وفق دراسات ميدانية والسبب في ذلك حالة الفقر، وحزنت أن هناك وزارة معنية بأمر هؤلاء الفقراء لكنها تقف عاجزة وهم يواجهون مصير الجوع، فتصدت منظمة أطلقت على نفسها (بنك الطعام) والتقطت زمام المبادرة لإطعام هؤلاء الطلاب، بل وسّعت دائرتها لتوزيع الطعام للفقراء والمساكين.
 شدتني الفكرة التي انطلقت بتوسيع مظلة الجهات المساعدة من فنادق ومطاعم كبيرة وتبرعات الخيرين التي تعين في نجاح البرنامج، وذلك انسجاماً مع مقاصد الإسلام، وحث القرآن الناس على إطعام الجائع والفقير، قال تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا). ويبدو أن المقاصد الإنسانية وحدها ما ساقت هذه المنظمة لتحقيق نجاحات كبيرة وهي تبتكر نظاماً جديداً لضمان استمرار الخدمة وعدم الوقوف عند محطة انتظار تبرعات الخيرين وأصحاب الفنادق… الخ، باستحداث استثمار يذهب ريعه لتقديم الطعام للفقراء والمساكين، وهذه فكرة جيدة وجديدة من شأنها أن تعزز من موقف المنظمة لبلوغ أهدافها، والاعتماد على الذات، لذلك لم أتردد في قبول الدعوة التي وصلتني لحضور افتتاح واحد من هذه المشروعات الاستثمارية لهذه المنظمة، ولم يكن مصادفة أن المشروع الذي حضرت افتتاحه كان شركة مياه، لتكمل السُقيا أجر الإطعام.
المشروع قبل أن يكون استثماراً دنيوياً فهو استثمار لخير الآخرة وما أجمل أن يكون الاستثمار في ما يمثل شرياناً لحياة الإنسان.
كتبت مقالي الأول أن الاختراق الكبير الذي جاءت به هذه المنظمة وتساءلت في نفسي عن ملهم هذه الأفكار، التي تمضي إلى سبيل الخير للناس وخدمتهم، وللأمانة لم أكن وقتها أعلم أن النائب الأول السابق لرئيس الجمهورية الأستاذ “علي عثمان محمد طه” هو رئيس مجلس إدارة هذه المنظمة، حينها أدركت أنه سر النجاح، والرجل واحدة من محطات عمله التنفيذي هذه المهام العظام، سعدت بحضور افتتاح مصنع مياه “طل” بمنطقة سوبا جنوب الخرطوم، وكان طه مُشرفاً على هذا العمل الكبير وراعياً له. 
مؤكد أن ما تقوم بهذه المنظمة من جهد يوازي بل ويزيد عن الذي تقدمه الحكومة، لذلك حري بالجهات ذات الصلة أن تمد جسور التعاون والمنظمة تبادر وهي أعلم أنه ليس بالضرورة أن تقوم الحكومة بكل هذا العمل، وأوروبا تشهد الدور الكبير لمنظمات المجتمع المدني في تقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين، وتكون بمثابة ذراع مساعدة للحكومة.. جزيت منظمة “بنك الطعام” خيراً في إحياء هذا الدور الذي بدأنا نتحسسه في بلادنا خلال الآونة الأخيرة.
والتحية لمدير المنظمة وكل العاملين فيها على دورهم الكبير في هذه المشروع الكبير والتوفيق للشركة التي تسقي.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية