تقارير

ماذا يفعل "سلفاكير" بعد إقالة "مالونق".. جوبا على شفا الانهيار

صراع الجنرالات بدولة الجنوب  إلى أين؟
الخرطوم – وليد النور
في خطوة مفاجئة أصدر رئيس دولة الجنوب “سلفاكير ميارديت” قراراً أعفى بموجبه رئيس الأركان العامة للجيش الشعبي الجنرال “مالونق أوان” من منصبه، ولم يوضح القرار سبب الإقالة. وتم تعيين نائب رئيس الأركان العامة للشؤون الإدارية،”جميس اجونجو ماوت”، بديلاً له.
وبحسب خبراء في شؤون الجنوب، فإن “مالونق”، الذي تم تعيينه قبل ثلاث سنوات، يعد من أقوى قادة الجيش الشعبي. وإبان فترة توليه هذا الموقع، قطع بعدم تقدم المعارضة المسلحة نحو المدن، وأن “مشار” لن يصبح رئيساً. ولكنه رغم ذلك لم يكن على وفاق مع “سلفاكير”، في العديد من القضايا لاسيما المتعلقة بدعم الحركات المتمردة الدارفورية. وبحسب الخبراء فإن أي توتر في جوبا يعني المزيد من تدفقات اللاجئين من الجنوب إلى السودان.
وتعيش دولة جنوب السودان منذ إعلان استقلالها، حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني،  حيث ظلت المعارك تدور حتى قرب القصر الرئاسي وطرقات المدن الرئيسة، ما أودى بحياة الآلاف ودفع بالملايين للفرار لدول الجوار، وتفشى المجاعة التي باتت تهدد من  بقوا على قيد الحياة في أرض الجنوب. وسبق للمنظمات الحقوقية أن وجهت اتهامات متكررة للجيش الشعبي بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان، وعمليات اغتصاب وفظائع، وجرائم حرب ضد المدنيين في المناطق المتأثرة بالنزاع. وفي العام المنصرم، طلب “سلفاكير” من رئيس الأركان العامة الجنرال “بول مالونق”، ووزير الدفاع بتقديم تقرير عن حالات  الانتهاكات مثل الاغتصاب، وقال إذا ثبتت تلك الاتهامات فإننا سنطلق النار على الشخص الذي قام بذلك”.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة في دولة جنوب السودان، “أتينج ويك أتينج”، في تصريحات أمس (الأربعاء)، أن رئيس هيئة أركان الجيش الشعبي المقال الجنرال “بول مالونق أوان” خرج من مدينة جوبا، متوجهاً إلى مسقط رأسه بولاية شمال بحر الغزال. وكان “بول” قد تم تعيينه  رئيساً لأركان الجيش في أبريل من العام 2014م.
ويقول العميد معاش “صلاح الدين محمد أحمد كرار”، في حديثه لـ (المجهر)، إن إقالة قائد أركان الجيش الشعبي بدولة جنوب السودان جاءت نتيجة لخلافات صامتة قديمة متجددة، مع رئيس دولة جنوب السودان “سلفاكير ميارديت”، بسبب تقاطع الآراء حول دعم المعارضة السودانية من قبل دولة الجنوب.  ويضيف “كرار”، أن “بول” لا يريد صناعة عداوة مع الدولة الأم. ولم يستبعد “كرار” تجمع معلومات لدى رئيس دولة الجنوب عن انقلاب يخطط له قائد أركان الجيش، فتم اتخاذ القرار خوفاً من نجاح  الانقلاب والإطاحة بـ”سلفاكير” من الرئاسة. وقال: إن الخيار الوحيد لـ”مالونق” هو الالتحاق بأحد فصائل المعارضة المسلحة، وخروج أتباعه أن وجدوا داخل الجيش الشعبي. وفي ذات الأثناء استمرت المعارك العنيفة بين الحكومة والمعارضة .
وقال المتحدث العسكري باسم المعارضة المسلحة بقيادة “رياك مشار”، “وليم قادتجاس”، أمس الأول (الثلاثاء)، إن مواجهات مسلحة ضارية وقعت بين قواتهم وقوات الحكومة، بمنطقة كاكا التجارية وأتهم “وليم” القوات الحكومية بمهاجمة قواتهم المتمركزة في المدينة، إلا أن المتحدث باسم جيش دولة الجنوب، “سانتو دوميج”، نفى من جانبه، علمه بوقوع الاشتباكات.
ومن جانب آخر شهدت بعض مدن الجنوب تصاعداً وتنامياً في حركة المعارضة المدنية، فقد شهدت العاصمة جوبا، مظاهرات طلابية، يوم (الاثنين)، احتجاجاً على ارتفاع تكاليف المعيشة، وهتف المتظاهرون، الذين انضم إليهم سكان العاصمة، شعارات ضد الرئيس “سلفا كير ميارديت”، وحملوا لافتات تتهمه بانهيار البلاد. وقال المتظاهرون إن الحكومة تسئ إدارة الاقتصاد مع ارتفاع معدل التضخم، مطالبين بإعادة الدعم للسلع الغذائية الأساسية، لتخفيف الأثر السلبي للتضخم المتزايد على السكان.  وتقول إحدى اللافتات المرفوعة بخط اليد: “لقد انهارت الأمة تحت قيادتكم”، في إشارة مباشرة إلى الرئيس “سلفا كير”. وقال أحد المتظاهرين: “سنواصل التظاهرات إذا لم يتم إيلاء اهتمام فوري لمعاناة الناس.. إن المواطنين يعانون منذ عام 2013، إنهم يريدون السلام في المستقبل. وعلى الصعيد الدولي، أصدرت دول الترويكا “الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج” بياناً مشتركاً أعربت فيه عن خيبة أملها إزاء استمرار القتال في جنوب السودان، مطالبة الرئيس “سلفاكير ميارديت” بتنفيذ وقف إطلاق النار، الذي تعهد به من جانب واحد.
ولفت البيان الذي صدر (الاثنين) الماضي، إلى أن العمليات التي تجري حالياً تتعارض بشكل مباشر مع هدف الحكومة المعلن، وهو التوصل إلى حل سياسي للنزاع، وتقوِّض بشدة أي حوار وطني موثوق به. وتابع البيان “أن دول الترويكا والاتحاد الأوروبي طالبوا  الرئيس “سلفا كير” بتنفيذ التزامه بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وفقاً لما نقله إلى رؤساء دول الإيقاد، بتاريخ 25 مارس، فوراً”. وجدد البيان المخاوف التي أعرب عنها رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي، “موسى فكي محمد”، مؤخراً، ورئيس اللجنة المشتركة للرصد والتقييم، “فيستوس موغاي”، بشأن العنف المتزايد، مناشداً الأطراف المتحاربة إنهاء جميع العمليات العسكرية فوراً. وأشارت الترويكا،  إلى أن هجمات المعارضة على المدنيين تعطل المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، لافتة في الوقت ذاته،  إلى أن الهجمات التي شنتها القوات الحكومية، في مناطق يوايي ووات وتونجا وكودوك، أجبرت ما بين (50 و100) ألف شخص، على النزوح في الأسابيع الأخيرة. ومن جانبه، أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بشدة، الهجوم الذي وقع على بعثته لقوات حفظ السلام في جنوب السودان (يونيمس)، مطلع الشهر الجاري، داعياً الأطراف المتحاربة للتقيُّد فوراً بوقف إطلاق النار الدائم المنصوص عليه في اتفاق السلام الموقع أغسطس 2015م. وقال البيان الذي أصدره مجلس الأمن (السبت)، “إن أعضاء مجلس الأمن يذكرون الأشخاص الذين ينخرطون بصورة مباشرة، أو غير مباشرة، في الهجمات ضد بعثة الأمم المتحدة أو عمليات حفظ السلام الأخرى، أو عمال الإغاثة قد يتعرضون لعقوبات مستهدفة “. ومع ذلك أعرب أعضاء المجلس عن تقديرهم للإجراءات التي اتخذتها قوات حفظ السلام في صد الهجوم، معربين في الوقت ذاته، عن شجبهم للعنف المتواصل الذي ترتكبه الأطراف المختلفة. ودعا الأعضاء إلى إزالة العقبات التي تعترض تسليم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.
وقال أمين الشؤون السياسية والتعبئة بالحركة الشعبية، الحزب الحاكم في جنوب السودان “أنتي باسنوك”، خلال زيارته مؤخراً للخرطوم، إن قرار الرئيس “عمر البشير” وحكومة السودان، بفتح المسارات لإيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين،  وجدت الإشادة من الجنوبيين، منوِّهاً للدور الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني السوداني، في تعاونها لتجاوز الأزمة بجنوب السودان. وقال “باسنوك” إنه لا يوجد أي حواجز للقاء “البشير” و”سلفاكير”، لمناقشة القضايا العالقة بين البلدين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية