عابر سبيل
يا حبيبي.. أنا عطشان!
ابراهيم دقش
في فندق (بروتا) بمنطقة “بليليكا” بضاحية سانتون بجوهانسبرج (جنوب أفريقيا) أفزعتني الإعلانات الموضوعة في حجرتي، فعند باب الحمام ورقة معلقة مكتوب عليها ما يلي: (اقتصر استخدام (الدوش) على ثلاث دقائق لأن الماء بدأ يتعزز).. وعند الدرج الذي جلست عليه وجدت ورقة أخرى كما الإعلان بحروف بارزة: (أزمة المياه في العالم قادمة.. فوفر أي قطرة ماء تستطيع!) فقلت في نفسي إن الدنيا شتاء في جنوب أفريقيا، فكيف يكون الحال في الصيف؟ وصدقوني أن تلك الإعلانات أصابتني بهلع مائي، فما أن أدخل حجرتي حتى استوثق من وجود قارورتي ماء، ولاحظت أن نوبة عطش أصابتني إذ أصبحت أتناول الماء أكثر، أنا الذي ماكنت أصيب منه شيئاً إلا لماماً، ورغم نصائح الصينيين لي بأن أتعاطى الماء بدرجة حرارة الحجرة، فشلت في ذلك لأني أريده ماءً قراحاً وبارداً أو مثلجاً أو بلغة (الأمهرا) “كزكازة”.
فهل الرعب المنتشر في جنوب أفريقيا بشأن أزمة الماء في العالم حقيقية أم أنها محاولة للمحافظة على ما عندهم من ماء؟… وفي كل الحالات أيقنت أن الإسرائيليين نجحوا في حملتهم المخيفة بأن العالم مقبل على أزمة مياه حادة..
وفي كينيا – التي مررت بها وعليها – وجدت إعلاناً مختلفاً في الأسواق: هناك نقص في اللبن وشح في الزبدة بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد.. ولو قابلت مسئولاً هناك لنصحته باستخدام لغة أهل السودان: “اللبن أبو لي بي”.. ولم أشأ أن أقارن بين أزمة الماء وأزمة اللبن فلا وجه للمقارنة، ومع ذلك تصدح المغنية الجنوب أفريقية: يا حبيبي أنا عطشان!!!