رأي

فوق رأي

تعالوا بي أخوي وأخوك
هناء إبراهيم

بعض القصص والمواقف قد تضحكك في الوهلة الأولى لكن بعد العودة لمجلس التفكير قد تعود عليك حيثياتها بوابل من البكاء الداخلي العميق، قول لي كيف؟
باعتبارك قلت كيف.. سوف أخبرك..
ثمة شخص جارك في المسافة، جارك لـلحظات وذلك بحكم الطريق.. هذا وحسب الذوق ومبادئ (الإتكيت الإنساني) لازم تلتزم بآداب هذه الجيرة المؤقتة، أما حسب العرف السوداني العظيم فلازم يحكي ليك ولازم تسمعو ولازم يسألك في السياسة والرياضة والاقتصاد الوطني، هذا طبعاً إذا لم يكن معه واتساب وليدو، أما إذا كان (موتسباً) عليك فقط أن تنتبه لمحطة وصولك وحماية تليفونك وشنطتك وكان الله يحب المحسنين.
 ذات مشوار جلست بجواري سيدة خمسينية تحمل (كيس دواء) كانت تتناول الدواء صندوق بعد صندوق تقربه إلى فمها تماماً كمن يتناولون بخاخ الأزمة والحساسية ثم تعيده إلى الكيس (وأنا ما فاهمة أي حاجة) ثم يبدو أنها قرأت استفساراتي فشرحت لي الأمر قائلة: (بمسح ديباجة الأسعار، عشان أزيد السعر)، فأستعجبت أكثر وفتحت رأسي على السماء علّني أفهم شيئاً، لم أعد إلا بتساؤلات أعمق (هل هذه السيدة تغش؟! وكيف تبيع الدواء هكذا ولمن تبيعه ولماذا أخبرتني بذلك إن كانت تغش و… و… و؟!)..
عادت مجدداً توضح لي الأمر دون أن أسألها حيث قالت فيما معناه أشتريت هذا الدواء وأردتُ تغيير سعره وزيادته لخداع زوجي، فـ لديّ الكثير من الأشياء التي أحتاجها وهو  يعتبرها أمور فارغة)..
وأخذت تفهمني أن هؤلاء الرجال (ما بدوا القروش وما بجوا بي أخوي وأخوك) لذا فهي تتحايل.. تحايل عائلي.
كنت أسمعها بابتسامة فحكيها كان حلواً وحيلها أضحكتني جداً، لكن حين عدت أتأمل المشهد وأقرأه من  زوايا أخرى وأتناوله من مبدأ مبادئ الغش الذي يبدأ من هنا ليعم المجتمع كله والدولة والعالم، هنا بكت دواخلي..
وعموماً يا ناسيني كلياً: نسيانك مغشوش
ودايرة أقول ليك: قلبك كذاب
و………
أناني
والله جد..
لدواعٍ في بالي

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية