قطعة أثرية سودانية فريدة تعود من باريس إلى الخرطوم بعد (16) عاماً من الترميم والدراسة
السفير الفرنسي يعلن عن معرض استثنائي لمملكة “نبتة” في “اللوفر” عام 2020
الخرطوم- ميعاد مبارك
(أقوم الآن بصورة رسمية بتسليم هذا الميراث إلى مالكه السودان. إن ترميم هذه القطعة وتسليمها يعدّان شهادة جديدة على حيوية تعاوننا الاستثنائي في مجال الآثار).. هذا ما قاله السفير الفرنسي “برونو أوبير” بمناسبة تسليم قطعة القماش الأثرية التي تعدّ النموذج الوحيد لممارسة الطقوس الجنائزية التي يمتزج فيها التأثير المصري والمفاهيم الجنائزية الخاصة بالسودان، بعد ترميمها في فرنسا إلى متحف السودان القومي.
وأضاف “أوبير” قائلاً: (نجتمع اليوم بمناسبة عودة قطعة استثنائية إلى السودان تعود للقرن الأول قبل الميلاد وهي عبارة عن قماش منقوش تم لصقه على تابوت، والذي تم تسليمه لفرنسا في العام 2001 وإعادته للسودان الآن بعد ترميمه جزئياً من مئات القطع الصغيرة)، وزاد السفير الفرنسي: (اكتشفت هذه القطع الفريدة والتي يعود تاريخها إلى القرن الأول قبل الميلاد خلال عمليات التنقيب التي قام بها فريق فرنسي في موقع صادنقا في بلاد النوبة السودانية)، مؤكداً شغف فرنسا الدائم بالآثار السودانية.
وأعلن السفير الفرنسي عن معرض دولي استثنائي سيقام بمتحف اللوفر الفرنسي بباريس في سبتمبر 2020، مشيراً إلى أن هذه الفعالية مكرسة لمملكة “نبتة” وستجمع معظم المقتنيات السودانية الموزعة بين السودان والخارج في مكان واحد بقاعة “نابليون” بمتحف اللوفر في قلب باريس، وبعد ذلك سينتقل هذا المعرض الذي ينظمه متحف اللوفر بدعم من الهيئة القومية للآثار والمتاحف في السودان والسلطات السودانية إلى المتحف البريطاني في لندن، ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وسيكون هذا أكبر معرض عن التراث السوداني يقام في المتاحف المرموقة في العالم.
من جانبه تقدم وزير الدولة بالسياحة “عادل حامد دقلو” بالشكر لدولة فرنسا والبعثة الفرنسية العاملة في مجال الآثار، مؤكداً أن التعاون بين السودان وفرنسا في مجال الآثار يعزز كثيراً إعادة كتابة تاريخ البلاد، وسيستمر التعاون في هذا المجال تحقيقاً للمصلحة العلمية والقيمة الحضارية للآثار ودورها في السياحة. وعبر عن جزيل شكر الحكومة للعلماء السودانيين والفرنسيين الذين ساهموا في هذا الإنجاز.
وقال المدير السابق للقسم الفرنسي بهيئة الآثار السودانية ومدير موقع الحفريات الذي قاد عملية ترميم القطعة الأثرية الاستثنائية “كلود ريي” الذي حضر من باريس للخرطوم خصيصاً لحضور الفعالية، قال: (وأخيراً عقب سنوات من الإجراءات المعقدة والمكلفة عاد القماش الكفني الذي عثرنا عليه بموقع صادنقا إلى وطنه بعد أن غادره في العام 2001، لم يكن العمل بسيطاً ولم يلق النجاح إلا بفضل العديد من أوجه التعاون)، وأضاف: (القماش الذي كان في الأصل ملتصقاً بغطاء تابوت القبر الصغير رقم 163 غرب القطاع رقم 2، دودة الأرض لم تمسه رغم أنها تمكنت من التهام خشب التابوت)، مرجحاً أن الدودة لم تستسغ المادة المستخدمة في إلصاق القماش على التابوت. وعدّ العالم الفرنسي هذه القطعة من “صادنقا” النموذج الوحيد لممارسة الطقوس الجنائزية، حيث يمتزج التأثير المصري والمفاهيم الجنائزية الخاصة بالسودان، وتشكل القماش بزخارف صغيرة مستوحاة من كتاب الموتى، مشيراً إلى وجود بعض التشابه في هذا الطقس بين مصر والسودان، مع وجود بعض الاختلافات التي تميز كل واحد عن الآخر.
وحسب مدير المتحف القومي، فبعض التوابيت بمقبرة “صادنقا” تمت تغطيتها بقماش الكتان المنقوش ومن ثم إلصاقه على الخشب، وهذه الأقمشة المزخرفة بمثابة طلاء للتابوت، ويحتوي الجزء الأكبر على صورة المتوفى حيث يختفي الوجه.