بعد ومسافة
نائب الرئيس الجديد
مصطفى أبو العزائم
السياسة سياسة، وقد تكون صفقة ما، قد تمت ما بين المؤتمرين (الوطني الحاكم) و(الشعبي) على أيلولة منصب نائب رئيس الجمهورية للأخير، وبعض هذا الاحتمال، ذلك الاجتماع المغلق الذي تم بين السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس الوزراء الفريق “بكري حسن صالح” وبين الدكتور “علي الحاج” الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الجديد، في منزله استمر لثلاث ساعات، والذي لم يتم الإعلان عنه إلا في لقاء الدكتور “علي الحاج” بعدد من رؤساء التحرير والصحفيين بمنزله مساء (الأربعاء).
الذي يجعلنا نسير في اتجاه رياح هذا الاحتمال، هو أن اتفاقية الدوحة أقرت مبدأ اعتماد منصب نائب الرئيس لأبناء دارفور، والمعادلة السياسية الآن في ظل التوافق العام قد تذهب بنائب الرئيس الحالي الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” إلى موقع آخر داخل الحزب لإحياء وتنشيط وتفعيل حزب المؤتمر الوطني استعداداً للمرحلة الجديدة وإعادة لترتيب هياكل الحزب وتنشيط العضوية وتجهيزاً مبكراً لانتخابات 2020م، لتصبح طاقات وإمكانات ونشاط وقدرات الأستاذ “حسبو محمد عبد الرحمن” رصيداً إضافياً للقيادة حال تنشيط الحزب أو حال إعادة بنائه، وهذا هو الأرجح.
الدكتور “التيجاني السيسي” كان الأقرب لدى البعض ليصبح نائباً للرئيس، لكن دخول الشعبي، وثقله، والدفع بالدكتور “علي الحاج” إلى مقعد القيادة غيَّر كثيراً من التوازنات والاحتمالات بأن جعل منه نائباً للرئيس، رغم أن هناك من سيعترض على ذلك داخل حزب المؤتمر الوطني، لمواقف الدكتور “علي الحاج” السابقة من نظام الحكم، ولغيابه الطويل عن ساحات العمل السياسي العام بالداخل، مع حصوله على جنسية دولة أجنبية، هي ألمانيا، والتي يقول البعض إنها لا تقبل أن يحمل مواطنوها جنسية أخرى إلى جانب الجنسية الألمانية، وهو ما يجعل الخيار صعباً أمام الدكتور “علي الحاج” في أن يصبح نائباً للرئيس أم يحتفظ بجنسيته الألمانية، وهو أمر يبدو صعباً، إلا في حالة تعامل استثنائي خاص من قبل جمهورية ألمانيا الاتحادية مع الدكتور “علي الحاج” ومع قضية إقليم دارفور بصفة خاصة.
المراقبون للشأن السياسي السوداني عامة، وللشأن المرتبط بقضية دارفور وتداعياتها وتفاعلاتها تحديداً يرون أن اقتراب حزب المؤتمر الشعبي من موقع نائب الرئيس، ومن خلال شخصية مثل الدكتور “علي الحاج” سيقرِّب من الوصول إلى النقطة المنشودة والهدف المقصود بإحلال السلام والاتفاق مع حركتي العدل والمساواة والتحرير والعدالة، على اعتبار الصلات القديمة بين هذه الأطراف منذ أن كان الدكتور “علي الحاج” جزءًا من المنظومة الحاكمة قبيل المفاصلة التي أدت إلى شق صفوف الحركة الإسلامية السودانية وقسمتها إلى مؤتمرين (وطني) و(شعبي)، وأضعفت المفعول السياسي للحركة الإسلامية في الشأن العام، خاصة أمور التخطيط والحكم والإدارة.
عودة الدكتور “علي الحاج” إلى واجهات الفعل السياسي والتنفيذي وقراءتها مع أحداث أخرى متصلة بمشاركة أحزاب وشخصيات جديدة في الحكم، سيجعل ترجمة الأحداث أكثر صعوبة في مرونة التوقعات.. ويجعل الكثيرين يتساءلون.. هل سيكتفي شخص مثل الدكتور “غازي صلاح الدين” ومجموعته بعضوية البرلمان فقط ليشكلوا معارضة إسلامية في مواجهة حكم إسلامي، أم سيتطلع إلى مقعد رئاسة البرلمان ليصبح البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” الأوفر حظاً ليتولى الأمانة العامة للحركة الإسلامية؟.
على كلٍ، إن جاء الدكتور “علي الحاج” نائباً للرئيس، فإن هذا كان حلماً (منقوصاً) للراحل الشيخ الدكتور “حسن الترابي”، الذي كان يرى فيه نائباً أولاً للرئيس عقب استشهاد المشير “الزبير محمد صالح”.. والأيام القادمة ستكشف الكثير المثير.. الخطر.
.. و.. جمعة مباركة