مسالة مستعجلة
تدهور بيئي حتى الموت!!
نجل الدين ادم
لا أعرف كيف استقبلت حكومة ولاية الخرطوم ومجلسها التشريعي المعلومات الصادمة في التحقيق الجريء الذي أجرته الزميلة “آمال حسن” في عدد الصحيفة الصادر يوم أمس، عن تدهور بيئي حتى الموت بمنطقة ود دفيعة بشرق النيل!، تخيلوا أن أسماكاً تخرج من بحيرة الصرف الصحي التي تزكم الأنوف، وتجد طريقها إلى سوق المدينة ويأكلها الناس وهم لا يدرون، ولا حياة لمن تنادي، فهذا ما قال به بعض المواطنين وليس من بنات أفكار الصحفية التي أجرت التحقيق ووقفت ميدانياً على واقع الحال، مسلخ يخالف على عينك ويرمي بالمخلفات كيفما يشاء وأين ما يشاء!، زيوت تخرج من شحوم الحيوانات تجد طريقها للسوق دونما رقيب، نفايات تغطي مساحات واسعة وأبقار وماشية نافقة على قارعة الطريق بسبب التدهور البيئي، والأهالي يخشون أن تكون هذه اللحوم قد وجدت طريقها إلى بطونهم وهم لا يدرون.
أما الخطر الأكبر فتلك النفايات والأنقاض الصادرة من مصنع الشفاء للأدوية وتم الرمي بها، تحمل ما تحمل من مواد كيمائية ومخلفات صناعية قديمة منذ ضرب المصنع لا أحد يسأل عن نوعها، أمتار تفصل مظاهر الموت البطيء هذا عن سكن المواطنين بالحاج يوسف، والسلطات في نوم عميق!
إن كانت السلطات المحلية والولاية المختصة على علم بهذا التدهور البيئي القاتل دون أن تتحرك لمعالجته، فهذه مشكلة لا تغتفر، أما إذا كانت لا تعلم به فهو الفشل بعينه وتستوجب أن يغادر الخافق موقعه.
وزراء الصحة والمجلس الأعلى للبيئة، الزراعة، ومعتمد شرق النيل كلهم مسؤولون عن هذا التدهور وعن معالجته، ماذا تقول وزارة الصحة في اجتماعها وبياناتها وتقاريرها الدورية للمجلس التشريعي إن لم تضع يدها على هذا الانهيار الصحي؟، وماذا تفعل وزارة الزراعة واستزراع سمكي يتم في مياه الصرف؟، وما هي الخدمة التي تقدمها محلية شرق النيل للمواطن إن لم ترفع عنه هذا الأذى؟
ماذا تفعل لجان المجلس التشريعي المتخصصة بالخرطوم، إن لم يكن أول برامجها الزيارات الميدانية لمثل هذه المواقع.
تأسفت جداً أن لا يجد صراخ المواطنين وشكواهم سبيلاً لآذان المسؤولين الذين يجيدون صنع التقارير المعلبة التي لا تتحدث عن زيارة لمواقع كهذه لتعرضها على المجلس التشريعي، ومع ذلك يغلقون مكاتبهم.
ليس أقل من أن يُعبر مواطن المنطقة بطرح الثقة في نائبهم البرلماني بالمجلس التشريعي، وليس أقل من أن يشكل والي الخرطوم، لجنة للتقصي لمعرفة حجم الضرر وأوجه القصور وإيقاع العقوبة على المخفق دونما أي رحمة أو رأفة.
والي الخرطوم يحتاج أن يقف بنفسه على هذا التدهور القاتل، ليعرف بعدها ما إذا كان أي مسؤول قد قام بدوره على أكمل وجه، أم أنه أخفق فيقع عليه العقاب دونما أسف، والله المستعان.