رأي

عندنا مشكلة كبيرة!!

التجانى حاج موسى
الله يرحم صديقي الشاعر الروائي الإعلامي “سعد الدين إبراهيم”.. كثيراً ما يخطر ببالي وتأتي صورته ماثلة أمامي في يقظتي وأحلامي مصحوبة بذكرى لموقف أو حدث عشناه معاً، والراحل رفيق صبا وزميل دراسة.. تذكرت حادثة طريفة لنا في أمسية في نهاية سبعينيات القرن الماضي، جئنا مساءً لنستلم نصوصاً شعرية غنائية كنا قدمناها للجنة المختصة بالإجازة وكان يترأسها أستاذنا المرحوم الشاعر الكبير “إبراهيم العبادي” استلمت نصي المجاز (تباريح الهوى) ولم تجز اللجنة نص الراحل “سعد الدين” وأيضاً نص صديقي د.”مبارك بشير” وثار جدل حاد بين أعضاء اللجنة وتصدى عضو اللجنة صديقي الأستاذ “سبدرات” بالدفاع عن النصين غير المجازين وانبرى رئيس اللجنة أستاذنا الراحل “العبادي” بتقديم دفوعه التي كان معتقداً بموضوعيتها في رفضه للنصين قال (الحمامات الحزينة قامت أدتا برتكانة!! كيف يعني؟! وهل الحمامة ممكن تشيل ليها برتكانة بي منقارا وتدي حبيبة الشاعر برتكانة؟ّ والثاني – يقصد د.”مبارك” – بيقول لي حبيبتو، عويناتك تُرع لولي وبحار ياقوت!! في زول يصغِّر عيون حبيبتو ويقول ليها عويناتك؟! وين المحسنات البديعية في الشعر ده؟! وين الخيال؟! وين الوصف الجميل للعيون؟! وواصل – تُرع لولي وبحار ياقوت؟! والشاعر ده ما عارف إنو للولي والياقوت لونن أحمر قاني!! – انتهى كلام “العبادي” وصرنا أمام مشكلة تسجيل (عن حبيبي أنا بحكي ليكم) والتي ألف لها الصديق الفنان “أبو عركي البخيت” لحناً رائعاً و(عويناتك) التي ألف لها الفنان الموسيقار لحناً رائعاً؟! لكن لاحقاً فرضت الأغنيتان واقعاً بانتشارهما وفرضهما للجمهور فأذنت الإذاعة بتسجيلهما لمكتبة الإذاعة السودانية.. ذكرت هذه القصة لأنبه أخي الزبير مدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون وأسأله: لماذا توقفت تسجيلات الأغنيات الجديدة؟! إن كان لعدم توفر الميزانية أضم صوتي معه وأطالب وزير المالية الاتحادي بالتصديق بالميزانية التي تتيح للإذاعة القومية برفد مكتبتها بغناء معافى جميل يضيف لحديقة الغناء السوداني باقات جديدة.. وصلاً للغناء الجميل التي تزخر به مكتبة الإذاعة.. كذلك أسأله، لماذا توقف برنامج ما يطلبه المستمعون؟! فالبرنامج بجانب صيته وشعرته هو  مؤشر إيجابي عبره ندرك ذوق المستمع السوداني كما أنه يزكي الشعراء والملحنين والفنانين في ساحة التنافس لإنتاج الغناء الجميل.. والأمر يستلزم أيضاً توحيد لجنة إجازة الأشعار والأصوات والألحان على المستوى القومي على أن يصدر قرار بتعيين أعضاء تلك اللجنة القومية الموحدة من ذوي الاختصاص في مجال الشعر والألحان والأصوات حتى لا تتصدر الجهات المانحة للإجازة وأسأل أيضاً عن أوركسترا الإذاعة والتلفزيون: هل ما زالت تلك الأوركسترا القومية على قيد الحياة وتضم خيرة الموسيقيين الذين ينفذون الأعمال المجازة؟!
حديثي هذا يمكن أن يحرِّك السكون لنصلح حال الغناء فكثيراً ما أتعرض لسؤال متكرر من عامة المهتمين بالغناء – ونحن أهل السودان نحب الغناء.. والمهتمون يرصدون ما تبثه الإذاعات المرئية، والمسموعة وما يتغنى به المغنون في الحفلات التي يؤمها الجمهور.. وهنا يجب أن يفعّل قانون المصنفات الأدبية والغناء مصنف أدبي وتفعّل شرطة المصنفات الأدبية والفنية وإدارة الرقابة بالمجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية، مكتب حق المؤلف وأيضاً مكاتب المصنفات بالولايات، ويا جماعة الخير القانون المعدل في العام 2013م، للمصنفات وضع المنهج الذي ينبغي اتباعه ونحن نصنع غناء أمتنا والكيفية التي ينبغي أن ينتج فيها غناء الأمة ووضع الجزاءات التي تترتب لمخالفته ووضع كافة النقاط في الحروف.. فالذي يغني للجمهور لا بد له من الحصول على رخصة تمحنها له اللجنة المختصة والغناء الذي يقدم للجمهور أيضاً لا بد له من إجازة من قبل تلك اللجان، والقانون ذهب أبعد من ذلك فقد أبان الكيفية التي يحفظ الحقوق المادية والأدبية والأصلية منها والمجازة وبين أيضاً الجزاءات لمن يخالف نصوص القانون.. بالطبع هناك عقبات تتعلق بالرقابة حينما نذكر قراصنة المصنفات وغناء قاع المدينة الذي يمكن أن يتسرّب عبر وسائط الاتصال الحديثة وأقول أيضاً هناك قانون جرائم المعلوماتية التي تحملها تلك الوسائط التي يحكمها القانون ومما يسهل أمر الحد من انتشار الغث من الغناء هناك المحاكم المختصة والنيابات المتخصصة، إذن الصلة تكمن في تحريك البلاغات أمام المحاكم من المتضررين من إشاعة الغناء الغث والذي ينأى عن معايير الفنون الراقية، وبالطبع يأتي دور المجتمع في المكافحة لأنه المتلقي لما تنتجه مواعين الغناء.. فلا يعقل أن نأتي بمن لا يملك حق الغناء للجمهور ولا نتوقع من هذا المغني أن يأتينا بغناء يخاطب الوجدان المعافى، ثم نسأل أين الرقابة وأين الشرطة وأين المحاكم؟، فالقوانين سادتي سنها الإنسان والمحزن يا جماعة الخير أننا كل يوم وعلى مدار الساعة نسمع ونشاهد اختراقات لتلك القوانين وراقبوا الإذاعات المنتشرة عبر الفضاء السوداني مشاهدة أو مسموعة وراقبوا حفلات المناسبات العامة سيتأكد صدق قولي.. والذي أنادي به هو باختصار الرقابة ابتداءً من المواطن وانتهاءً بالمؤسسات الرسمية المنوط بها إنفاذ القانون وطبعاً لا بد من أن يترتب أصحاب الحقوق للمبدعين الذين تضيع حقوقهم علنا ومع سبق الإصرار والترصد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية