رأي

بعد.. ومسافة

“مكة” عيوني وعيونك!
مصطفى أبو العزائم
 
مستشفى مكة لطب العيون بكل فروعه في السودان، ما هو إلا واجهة حميدة لأهل الخير وفاعليه، وما هو إلا واجهة طيبة لمؤسسة البصر الخيرية التي قدمت لأهل السودان الكثير، دون منٍّ ولا أذى.
ما حدث مؤخراً من إصابة (34) مريضاً بحالات التهابية حادة في الشبكية والعيون، شكّل صدمة عنيفة لكل المرضى والمتعالجين والمترددين على هذا المستشفى الكبير العريق، خاصة وأن بعض المرضى أصيبوا بحالات من العمى، وهو ما استدعى تدخلات إسعافية سريعة وعاجلة من إدارة مستشفى مكة لكل المرضى الذين تم حقنهم بعقار (الأفاستين) داخل مستشفى مكة لطب العيون بأم درمان، في اليوم التاسع عشر من شهر فبراير الماضي وذلك لإجراء عمليات شبكية لأولئك المرضى الذين كان عددهم (44) مريضاً ومريضة، وفي اليوم التالي، أي العشرين من فبراير ظهرت أول حالة التهابية حادة لدى أحد المرضى الذين أجريت لهم عملية الشبكية، فسارعت إدارة المستشفى باستدعاء كل الذين أجريت لهم عملية شبكية في ذلك اليوم كجزء من المتابعة الدقيقة لمرحلة ما بعد إجراء العمليات وتم تحويل (34) مريضاً ومريضة من الذين أجريت لهم العمليات إلى مجمع مكة لطب العيون بالرياض، بعد أن اكتشف الأطباء أنهم تأثروا أو أصيبوا بتلك الالتهابات، وبدأت مرحلة العلاج التالية عن طريق حقن أولئك المتأثرين بالمضادات الحيوية للسيطرة على الحالات الالتهابية الحادة التي أدت إلى حدوث عمى مؤقت لدى البعض، وقد ظلوا تحت العناية المكثفة مع توفير الاحتياجات العلاجية والالتزامات المرتبطة بتوفير الأدوية والإعاشة، وتوفير فريق طبي من كبار اختصاصيي الشبكية في السودان.
هذه القضية تلامس وتراً إنسانياً حساساً، لأنها تتصل بالمرضى وتتصل بالنظر، كما أنها تطلق أو توقد شارة حمراء تجعل مرضى العيون يترددون ألف مرة قبل أن يقدموا على العلاج، لذلك اهتم بهم كل المجتمع لا المرضى وأهلهم فقط، ولأن مؤسسة البصر الخيرية لا تلعب بسمعتها فقد كوّنت لجنة خاصة داخل مستشفى مكة بأم درمان لمعرفة أسباب تلك الحالات الالتهابية، ثم اهتمت الإدارة الإقليمية لمؤسسة البصر الخيرية بالأمر من خلال مديرها الإقليمي “العاص أحمد كامل العاص” الذي شكل لجنة إقليمية للتحقيق والتقصي ووضع تدابير المعالجة.
الدولة اهتمت بدورها وتدخل الوزير النشط الطبيب والعالم البروفيسور “مأمون حميدة” بحكم مسؤولياته كوزير للصحة بولاية الخرطوم – مسرح الحدث – ووجه بتشكيل أربع لجان للتحقيق ومعرفة أسباب هذه الكارثة، وقد عملت هذه اللجان كل وفق اختصاصها، وخرجت جميعها تقريباً بأن السبب هو تلوث باكتيري ربما كان بسبب التعامل اليدوي في معالجة إعادة تعبئة العقار – الأفاستين – من عبوته إلى الحقن التي تم من خلالها حقن المرضى.
أكتب هذا المقال بعد أن جمعت معلومات كافية حول هذه الكارثة، لكن الحمد لله رب العالمين، فقد تمت معالجة كل الحالات تقريباً عدا حالة واحدة مازال صاحبها نزيلاً بالمستشفى وأرجو أن ندعو له جميعنا بالشفاء العاجل.
في بدايات حدوث هذه الكارثة أو المحنة – سارعت مؤسسة البصر الخيرية إلى نشر صفحات تبين جهدها وبذلها من أجل مرضى العيون مع توضيحات خاصة بالخطوات التي تم اتباعها لاحتواء النتائج السالبة لتلك الالتهابات، وقد أماطت اللثام عن الكثير مما خفي عن الذين هاجموا مؤسسة البصر ومستشفى مكة لطب العيون، انطلاقاً من المعلومات المستقاة من طرف واحد، وانطلاقاً من العاطفة الإنسانية الطبيعية بالميل إلى المريض وهو ،عادة، إنسان يحتاج إلى السند النفسي والمعنوي، قبل العلاج.
تفاصيل التفاصيل شاهدتها وسمعتها في الساعات الأولى من فجر أمس (الثلاثاء) من خلال إعادة لحلقة يوم (الإثنين) من برنامج (بيتنا) في التلفزيون القومي، ورغم تأخر وقت بث الحلقة المعادة إلا أنني تابعتها متابعة دقيقة، وقد استضيف فيها الدكتور “خالد محمد أحمد” من وزارة الصحة بالخرطوم والدكتور “أبو بكر عبد الله” اختصاصي الشبكية – إن لم تخني الذاكرة – وقد قدم الرجلان المفيد الذي يبرئ ساحة هذا الصرح العظيم. لهما التحية ولمقدمة الحلقة الذكية.. والشكر لمؤسسة البصر الخيرية ولمستشفى مكة لطب العيون.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية