فوق رأي
عن (هُس)
هناء إبراهيم
برعاية قديمة من المجتمع ظلت مناهج التربية المنزلية والمدرسية على مر العصور تنص غالباً على كلمة (أصمت) بالنسبة لأمهات اللغة العربية (أسكت) بلسان الأغلبية ثم (هس) للمستعجلات ممن لا يملكن الوقت الكافي للحصول على حروف أسكت وهناك (اتلهي) عند الحبوبات.
(اتلهي) حسب فهمي البسيط يعني اشغل نفسك بشيء آخر غير هذا الذي تتكلم فيه..
ورغم حرصهم العجيب على ضرورة قطع لسان الطفل قبل وبعد أن يكبر، إلا أنهم في أي موضوع يتكلمون حتى تحسبهم سيختمون اللغة العربية بعد كلمتين ونصف الكلمة..
خاصة في مثل هذه الأيام التي يستعد فيها أبناؤهم لمقابلة امتحانات الشهادة..
تظن الأم أنه إذا مرت دقيقة ولم تقل لابنها الممتحن (قوم ذاكر) تكون بذلك قد قصرت والعياذ بالله.
لقريبتنا ابن هو الآن في الصف السابع كانت كلما رأته وعينها لاقت عينه حتى لو كان وقتها يقرأ، ضروري تقول لي أمشي اقرأ، وكانت هذه الجملة تزعجه إزعاجاً فظيعاً إلى أن توصل ذات صباح لحل تمكن بموجبه من الحصول على حل يضمن سكوتها في هذا الموضوع حل مسح الدعوة إلى القراية من قاموس كلامها.. حيث قال لها بسؤال: أمي إنت دايراني أجي الأول ولاّ حاجة تانية؟
هي: دايراك تجي الأول..
هو: طيب عليك الله يا أمي خليني براي ولو ما جيت الأول بعد داك أعملي أي حاجة..
ومنذ ذلك الزمن وإلي يومنا هذا وهي ساكتة إذ إنه لم يغادر الأول شبراً..
قلت له ذات هزار: حاول هذه المرة تجي التاني، لأنو أمك دي لسانها ماكلها..
وهسه شربنا الشاي..
من جهة أخرى: (هُس) بتاعتنا تنطق بضمة قاسية على أولها تكسبها جدية وحزماً يحرم معها فتح الفم بينما (هَس) اللبنانية تنطق بفتح الهاء مما يعطيها دلعاً يجوز معه الكلام..
والله جد..
فللسيدة “نيلي مقدسي” أغنية عنوانها (بس ها هَس) تحتوي على سبعة وسبعين هس، ومع كل هس، تحس أنها تقول لمن تخاطبه احكي، قول واتكلم..
الغريب في أمر هذه الأغنية أنها تبنت واحدة من بنات الكلام عديم الوالي وهي (ها) التي تنطق دون علم اللسان سواء بفتح الفم أو والفم مقفول فتقول: (أنا مش لعبة عندك ها ها ها).
اتفرجتوا؟!
(ها) دخلت المدرسة..
وعليه أعتقد أن مستقبل بنات الكلام مجهول الأبوين، صار مستقبلاً مضموناً مع أغاني اليومين ديل..
لذلك ووفق بنود (اتلهي) علينا أن نسكت خالص أمام هذا التبني..
ودايرة أقول ليك كلمة واقفة لي هِنا: سكتنا ليك
و…….
قلنا بتفهم سكوتنا وما فهمت