تحقيقات

مواطن ينتقد قرار إدارة المرور بعدم ترخيص العربات المجمركة في ولايات غرب السودان!!

يخشى المواطنون من سوق مواسير جديد
“بوكو حرام”.. سيارات قادمة عبر الحدود!!
تحقيق- رشان أوشي
سيارات بدون لوحات، وأخرى تحمل لوحات ليبية، تجوب شوارع مدن ولايات دارفور الحدودية، بينما تعيش ولايتا شمال وجنوب دارفور انتعاشاً في سوق السيارات، حيث يأتي التجار من كل أنحاء السودان لشراء سيارات الـ”بوكو حرام”، كما يطلق عليها أهل المنطقة، وهي القادمة من ليبيا وأفريقيا الوسطى، وقننت حكومات الولايات الغربية مسألة جماركها، لتلافي انتشار الجريمة، بينما أعلنت الدولة قبل أعوام عدم جمركة السيارات المستوردة فيما عدا موديل العام الجديد.
“بوكو حرام”، أنعشت أسواق ولايات الإقليم المتأثر بالحرب، وبعثت فيه الروح بعد توقف طويل استمر لعقد ونيف من الزمان، حيث أصبحت تلك المدن قبلة لكل القادمين من أنحاء السودان المختلفة لشراء السيارات المستعملة التي سمحت الدولة بجمركتها، كما أنها تباع بأسعار مغرية مقارنة بأسعار السيارات في العاصمة الخرطوم والمدن الأوسطية، ولكن تعثر التجار بحائط صد، هو قضية الترخيص.
{ سوق مواسير
حسب عدد من مواطني ولاية شمال الذين اشتروا عربات “بوكو حرام” من مماطلة السلطات في ترخيصها، وقالوا إن حكومة الولاية شجعتهم على شرائها، ووعدتهم بترخيصها لكنها حتى الآن لم تف بالتزامها، ووصفوا ما حدث لهم بأنه سوق مواسير ثانٍ في الفاشر، كونهم دفعوا أموالاً ضخمة لشراء عربات الـ”بوكو” التي تم جلبها من ليبيا وأفريقيا الوسطى.
أبلغ المواطن “خالد الفاضل”، وهو من تجار السيارات في الخرطوم (المجهر السياسي) بأنه اشترى عدداً من السيارات من ولايتي شمال وجنوب دارفور، وأكمل إجراءات الجمارك المتعارف عليها، ومن ثم قام بترحيل السيارات إلى الخرطوم بمبالغ طائلة، لكنه عند وصوله الخرطوم واتجاهه لتكملة إجراءات السيارات المعنية عبر الترخيص، فوجئ برد إدارة المرور في الخرطوم، التي أبلغته أن عملية الترخيص لابد أن تتم في الولاية التي جمركت بها السيارات، وعند استفساره مندهشاً، بأن عملية الترخيص عملية قومية، وأنه يرغب في استخدام السيارات المعنية في الخرطوم وليس في ولايات دارفور، أخبروه أنه قرار صادر من جهات عليا، وقال “خالد” إن الإدارة العامة للمرور أصدرت قراراً بعدم ترخيص العربات المجمركة في ولايات غرب السودان إلا في نفس الولاية ومن ثم تحويلها إلى الخرطوم، وأوضح أن مثل هذه القرارات المخالفة للمنطق السليم وقانون الجمارك وحريات المواطن في التنقل داخل بلده السودان كيف يشاء، القصد الحقيقي منها الإضرار بالمواطن وفرض رسوم إضافية زيادة على الشعب، وهذه القرارات الإدارية الخاطئة تدل على ضعف كبير في فهم وأسلوب القائمين بأمر هذه البلد والتخبط في إصدار قرارات إدارية حتى وإن كانت تخالف الحريات التي كفلها الدستور والقانون، إذ إن الجمارك السودانية تصدر شهادة وارد للعربات لمن سدد رسومه الجمركية في أية نقطة جمركية، والمعروف هنا ميناء بورتسودان، ومن ثم ترخص العربة في أية ولاية فلماذا غرب السودان ما دام السودان دولة واحدة؟!
{ سيارات مسروقة
أثارت سيارات الـ”بوكو حرام” جدلاً كبيراً في الأوساط المجتمعية والرسمية، خاصة مع أسعارها الزهيدة مقارنة بأسعار السيارات في السوق المتعارف عليه، ولم تخل من اتهامات بأنها (مسروقة)، حيث كشف النائب البرلماني من ولاية جنوب دارفور “محمد طاهر عسيل” في تصريحات صحافية سابقة عن أن سيارات “بوكو حرام” مسروقة من دول الجوار، ومعظمها غير قانوني للمُواطنين وحتى أعضاء بالمجلس التشريعي يستقلونها، وتنتشر في كل المدن بما فيها نيالا حاضرة الولاية، وَنَبّه النائب المستقل إلى دخول آلاف من هذه السيارات المسروقة التي تُباع علناً في أسواق دارفور، وتابع “عسيل”: (حتى رئيس المجلس التشريعي بتلك الولاية يستخدم الآن هذا النوع من السيارات التي تسمى “بوكو حرام”).
بينما شددت وزارة الداخلية أواخر العام الماضي على
اتجاه الدولة لتطبيق حد السرقة بـ”قطع اليد” على كل من يقوم بسرقة السيارات وتهريبها إلى دارفور، وأقر وزير الداخلية الفريق “عصمت عبد الرحمن” خلال مخاطبته البرلمان في مايو (الماضي) بدخول آلاف السيارات المهربة إلى دارفور، لافتاً إلى تنامي أعدادها بشكل كبير جداً، ومع أن وزير الداخلية لم يفصح عن حجم وأعداد تلك السيارات، إلاّ أنّه نوّه لمحاولات تجريها وزارة الداخلية لإغلاق الباب أمام تدفقات السيارات المسروقة والمهربة حسب قرار رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” بإيجاد حلول لهذه القضية، على أن يتم بعدها تطبيق حد السرقة على كل متورط باعتباره (زول سارق عديل) وفقاً لتعبيره.
وأكد “عصمت”، أن اللجنة الموكل إليها حصر السيارات المسروقة سجلت آلاف العربات بدارفور، وما زالت الأعداد متنامية بشكل كبير، وشدد على أن وزارته لن تتهاون في إنزال أقصى العقوبات على المتورطين في السرقة عقب انتهاء عمليات الحصر، وأضاف: (بعد قفل باب تدفق السيارات المسروقة سيكون هنالك قطع يد.. ومحاسبة أي شخص متورط).
{ قرارات
أصدرت رئاسة الجمهورية، مؤخراً، قراراً بالرقم (255) وتم تكوين لجنة لتقنين وحصر السيارات غير المرخصة بدارفور، وتضم في عضويتها الوحدات الأمنية كافة، الشرطة والاستخبارات والأمن الاقتصادي ووزارة المالية والجمارك والمكافحة، وقد احتوى القرار على فقرة الاستعانة بمن تراه مناسباً، في حصر وتقنين العربات المخالفة للقانون بدارفور، وتم حصر (2000) سيارة غير مرخصة.
وأعلنت حكومات الولايات الغربية الإعلان للتسجيل أواسط العام الماضي، وشرعت في الحصر الفعلي.
{ حملات
بالطبع.. شكلت السيارات المهربة عبر الحدود من ليبيا وأفريقيا الوسطى لولايات دارفور هاجساً كبيراً للمسؤولين بها، وعدّوها نافذة جديدة لتهديد أمني في الإقليم الذي يتعافى من آثار ما بعد الحرب والفوضى، رغم حاجة المواطنين لانتعاش حركة التجارة في المنطقة لكي تعود الحياة إلى وضعها الطبيعي ما قبل الحرب، وعندما كثر عدد السيارات المهربة نفذت حكومات الولايات حملات أمنية مشتركة بين الأجهزة الأمنية وشرطة المرور أسفرت عن ضبط عشرات السيارات التي دخلت السودان من دول الجوار بطرق غير شرعية. وقال رئيس الغرفة المشتركة بشمال دارفور العقيد ركن “عمر عبد الرحمن باشري” في حديث سابق إن غرفة العمليات المشتركة بشمال دارفور التي تضم الأجهزة الأمنية والعسكرية والشرطية تمكنت من ضبط (32) سيارة مخالفة بينها سيارات دخلت الولاية بشكل غير قانوني من دول الجوار وسيارات أخرى بلا لوحات، إلى جانب (7) دراجات نارية مخالفة، وأضاف إنه تم توقيف (10) أشخاص بتهمة حيازة مخدرات، وذلك في إطار حملات في مدينة الفاشر، وأشار إلى أن الحملة تهدف فضلاً عن حسم ظاهرة تهريب السيارات إلى إزالة الظواهر السالبة.
{ أزمة
ما إن قننت حكومات الولايات الغربية مسألة الاتجار بسيارات الـ”بوكو حرام”، حتى أصبحت سوقاً رائجاً من قبل تجار السيارات في أنحاء البلاد، خاصة بعد قرار الجمارك الاستثنائي، لكنهم فوجئوا بالترخيص محل الشراء، وقال والي شمال دارفور المهندس “عبد الواحد يوسف”، في حديثه لـ(المجهر السياسي) إن هذه السيارات لا تطابق المواصفات التي وضعتها الدولة لاستيراد السيارات، وبالتالي لا تتم جمركتها، لكن بعد مناشدة من ولاة ولايات دارفور أصدر رئيس الجمهورية قراراً استثنائياً بتقنين وضع هذه السيارات، وشكلت لجنة على المستوى الاتحادي ولجان على مستوى الولايات الخمس، ومن ثم جاءت مسألة الترخيص في ولايات دارفور لأنها هي المناطق التي يتم فيها الحصر.. والمسألة ليست معممة على كل الولايات، فقط دارفور.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية