رأي

عز الكلام

فضائياتنا قصرت واتلومت
أم وضاح

لا يستطيع كائن من كان أن يشكك في أن زيارة السيد الرئيس هذه الأيام لدولة الإمارات العربية هي زيارة تاريخية بمعنى الكلمة، ولا يستطيع أحد أن يقلل من شأنها أو يصنفها في خانة العادية، لأن الزيارة جاءت بعد فتور أصاب علاقة البلدين لأسباب كثيرة ومتعددة من التي تتسبب فيها الرؤى السياسية والاختلافات الأيديولوجية، لكنها تظل خلافات سطحية وما بين الشعبين أعمق وأعظم من أن يتأثر أو يصيبه الدوار والاهتزاز، والشارع السوداني بمثقفيه والبسيطين من الغبش أدركوا أهمية وقيمة هذه الزيارة، لذلك ظلت محور أحاديثهم وونستهم ونقاشاتهم اليومية، إلا فضائياتنا التي تعج ببرامج من شاكلة الـ”تووك شو”، فلم يعط أحد الزيارة حقها من التحليل والتمحيص وإرسال الرسائل بمخرجاتها للحاقدين والراصدين والذين يقلقهم ويحرق فشفاشهم عودة الروح إلى جسد العلاقة السودانية الإماراتية.. تخيلوا معي لو أن هذه الزيارة الكبيرة العظيمة قام بها الرئيس المصري! تخيلوا لو أنه من قلد الوسام الرفيع! تخيلوا لو أنه من فتح له أبناء الشيخ “زايد” دارهم ليستقبلوه فيها وهي من المرات النادرة التي يفعلون فيها ذلك عند استقبالهم لضيف زائر، هذا إن لم تكن المرة الأولى لذلك، مش لأنه قد تعسر إيجاد فندق أو قصر ضيافة رسمي لذلك، وما أغنى الإمارات بالدور الفخيمة، لكن لأن الزيارة في منزل آل “زايد” الشخصي له دلالات وانعكاسات وإشارات لاحترامهم وتقديرهم وإعزازهم لشعب السودان ورئيسه!! تخيلوا لو أن كل ذلك حدث، ماذا كان سيفعل الإعلام المصري من (دق طار) وتحليل وتمحيص ولقاءات وإفادات حتى يسمعوا من بأذنه صمم ويرى من بعيونه (قذى) يحجب الرؤية؟ لكن رغم ذلك فضائياتنا تنام نوم العوافي، حتى الفضائية القومية اللسان الناطق بالبلد وأخباره وأحواله اكتفت بأن تكون الزيارة مجرد مقتطفات في نشرات الأخبار بشكل عابر وسطحي مما يؤكد سطحية العقليات التي تدير كثيراً من البرامج التي يفترض أن توجه وتسوّق لمثل هذا الحدث المهم، لتثبت لنا وبالدليل القاطع بعض المرات أو أكثرها أنها مجرد (فورة أندروس) سريعة الذوبان ليست ذات أثر أو تأثير، ولا تساهم في تشكيل التاريخ أو حتى كتابة تفاصيله المهمة.. هل تصدقون أنه عشية انتحار الشاب حرقاً بميدان “أبو جنزير” ظللت أترقب أن تكون الحادثة لغرابتها ومأساويتها فقرة مهمة في أحد البرامج يستنطق فيها الشهود والمستشفى الذي جاء منه وأهله إن أمكن، بل ويصور مكان الحادث نفسه، لكنني لم أجد شيئاً فاتصلت على مقدم برنامج معروف صادف برنامجه ذات اليوم وسألته كيف يعني تمر هذه الحادثة بلا متابعة أو رصد، فقال لي: والله (فاتت علينا).. وأنا بصراحة لا ألومه بقدر ما ألوم تيم إعداده الذي يفترض أن يمتلك الحس الصحفي والجرأة والاقتحام ومتابعة الأخبار الكبيرة حتى لو بدت عند العامة صغيرة، وغير مهمة!
الدايرة أقوله إن فضائياتنا للأسف (فطست) الزيارة التاريخية للسيد الرئيس للإمارات وجردتها من كل الألق والدهشة والتفاصيل الرائعة التي صاحبتها.. الغريبة أن محرري صفحات (فيسبوك) و(واتساب) من الفالحين في رصد ونبش الحكومة لم يمتلكوا أدنى درجات الأمانة ليكتبوا بمداد من نور عن هذه الزيارة وظلوا لابدين في انتظار شمار جديد يزيدوه موية عكرانة ويا ناس الفضائيات والله قصرتوا واتلومتوا.
{ كلمة عزيزة
تصيب الأوساط الإبداعية والثقافية والإعلامية حالة من الحراك والترقب كلما انتظم إيقاع جائزة الراحل “الطيب صالح”، وهي الجائزة التي ترسم تفاصيلها كل عام الشركة السودانية للهاتف السيار “زين” والتزمت و(اتلزمت) بهذا العمل الكبير الذي يفتح (مسارب الضوء) نحو إبداعات الأشقاء والأصدقاء في منافسة شريفة، الفيصل فيها جزالة الكلمة وقيمة المضمون، والجائزة ليست فخيمة فقط بفخامة المسمى عليه ولا بفخامة المشاركين فيها ولا بفخامة ضيوف البلاد الكبار الذين تدعوهم “زين” للمشاركة والتفاعل والتواصل، لكن فخامة الجائزة وفخامة المؤسسة “زين” لا تنفصل على الإطلاق عن فخامة قائدها الجنرال “الفاتح عروة”، هذا الرجل الذي كلما قابلته ازددت قناعة أن التواضع والأدب والسماحة هي الصفات الحقيقية للقائد الناجح، وليس الفلهمة وصرة الوش و(الطنقعة) التي يعدّها بعضهم لزوم المهنة زي البدلة الأنيقة أو النضارة (الباربكيو).
{ كلمة أعز
غداً أعود بالتعليق على مؤتمر إذاعة وتلفزيون الخرطوم بدون مجاملة ولا تجميل للأشياء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية