"البشير" في الإمارات .. الأفق البعيد !
{زيارة الرئيس “البشير” الحالية لدولة الإمارات العربية المتحدة تبدو مختلفة، فرغم ما قوبل به الرئيس من حفاوة وتقدير كبيرين خلال الزيارات الثلاث الماضية، إلا أنني لاحظت أن درجة حرارة الاستقبال تزيد في كل مرة. فبالأمس كان الاستقبال أكبر رغم أن الوفد الزائر أصغر إذ يضم (4) وزراء فقط، بالإضافة إلى وزير رئاسة الجمهورية الذي يرافق الرئيس وفق البروتوكول في كل رحلاته الداخلية والخارجية.
{كان في استقبال الرئيس رجل الدولة القوي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية نائب حاكم “أبو ظبي” الشيخ “محمد بن زايد”، والذين يعرفون الإمارات أو يقيمون فيها يعرفون أن هذه الدولة الناهضة بقوة والنامية بسرعة يديرها بتناغم تام حكام الإمارات (السبع) والسادة الوزراء، تحت إمرة رئيس الدولة الشيخ “خليفة بن زايد”، ولكن دور الشيخين “محمد بن راشد” حاكم “دبي” نائب رئيس الدولة، و”محمد بن زايد” نائب حاكم “أبو ظبي” يظل واضحاً للعيان وملموساً، في ريادة القفزات التنموية والخدمية الهائلة التي شهدتها إمارتا “أبو ظبي” و”دبي” حتى صارتا قبلة الملايين كل عام .. من كافة دول العالم للسياحة والتسوق والمؤتمرات الدولية والإقليمية.
{ومن هذا المنطلق، فإن الإمارات اليوم بالنسبة للسودان، ليست دولة بترولية وصناديق تمويل وحسب، بل هي مركز نهضوي كبير ونقطة تلاقح عالمية للخبرات المتراكمة في مجالات البنى التحتية والعمارة والسياحة والتجارة، كما أنها أكبر سوق للبترول .. والذهب والكثير من المنتجات والصناعات الأوربية والآسيوية، وتضم أضخم وأحدث مطارات الشرق الأوسط، وأهم منطقة حرة وأنشط بورصة في الإقليم .
{الإمارات هي كل هذه وتلك المساحات الممتدة والرحيبة من الاستثمارات المتنوعة والمتقدمة يوماً بعد آخر، ولهذا فإن علاقات السودان المتطورة بالإمارات لا ينبغي حبسها في دائرة (السياسة) الضيقة، ولا في إطار قوات التحالف العربي المحدودة، بل ينبغي أن تتجاوز هذه الأطر إلى آفاق الشراكة الإستراتيجية المنتجة والمثمرة، المستندة إلى قاعدة (المصالح الاقتصادية المشتركة) الصلبة، البعيدة عن حسابات السياسة المتحركة .
{ومثلما كان أوائل الإداريين الذين أسسوا لبنات التنمية في “أبو ظبي” و”دبي” سودانيين، فإننا نأمل أن يستفيد السودان في هذه المرحلة من استثمارات شركات إماراتية ذات قدرات وإمكانيات وخبرات متعددة الجنسيات، في مجال البنى التحتية، لتنهض “الخرطوم” و”بور تسودان” و”الفاشر” و”مدني” وكافة مدن السودان، وتزرع الإمارات ملايين الأفدنة في أراضينا الخصبة، وتؤسس شركاتها المصانع، وتبني محطات الكهرباء، وتستخرج الذهب، لينتفع الشعبان الشقيقان .
{فهل تتحقق الأحلام ؟؟