من "كركر" إلى "شروني".. تحديات ترتيب الموقف والعودة لمشاهد المعاناة
عقب توجيهات بنقل جزئي لبعض خطوط المواصلات
أصحاب المركبات يسخطون من “كركرتهم” للمرة الثانية وعدم تهيئة “شروني”
تقرير ـ هبة محمود
ما إن عم الصمت وتوقف الجدل عن نقل موقف “شروني” عقب تحويل الخطوط إليه رغم معاناة المواطنين والسائقين على حد سواء، حتى عاد إلى السطح مجدداً الحديث عن هذا الموقف بنقل مواقف مواصلات جديدة له.
تحديات تنتظر إعادة ترتيب الموقف تجنباً للعودة مره أخرى لمشاهد المعاناة عند تحويل الموقف في وقت سابق.. سخط وانتقاد من أصحاب المركبات والمواطنين يسبق تنفيذ قرار السلطات.. (المجهر) قامت بجولة ميدانية لموقفي “كركر” و”شروني” للوقوف الميداني على الترتيبات الجديدة.
{ “شروني”.. الموقف الآن
أجزاء واسعة وكبيرة داخل موقف “شروني” بدت خالية تماماً حتى من المارة، بينما تناثرت بعض الحافلات هنا وهناك في أجزاء منه، في الوقت الذي اصطفت فيه أخريات بانتظام وانتظار الركاب استعداداً للبدء في التوجه نحو مناطق (العيلفون، أم ضواً بان، العسيلات، ود راوة، ألتي وسوبا الحلة)، وهي الخطوط التي تشغل الموقف.
الخدمات حسب ما شاهدناه ووفقاً لمن استطلعناهم تكاد أن تكون معدومة، سيما عقب إجماع القائمين على أمر الموقف والسائقين، الذين طفقوا يسردون معاناتهم لـ(المجهر) متسائلاً عن الكيفية التي تستدعي سلطات الولاية إضافة خطوط جديدة في ظل فقر الإمكانات الذي يجابهونها، وقد أكد لنا السائق “فضل الله الإمام” حجم المعاناة التي يلاقونها يومياً في البحث عن ظل ومشرب ومأكل، لافتاً إلى أنهم يضطرون للخروج إلى الجهة المقابلة للموقف عند بائعات الشاي ينشدون ماء الوضوء بعد أن عهدت إحداهن إلى تقديم خدمة لهم ـ أي السائقين ـ وتوفير ماء وسجادة للصلاة تستظل بها يوم البعث العظيم، وقال: (نعاني في الحصول على الطعام والشراب خاصة أنه لا يوجد سوى مطعمين فقط أحدهما يغلق باكراً والآخر يقدم وجبات الطعام لوقت معين)، ويناصفه القول زميله “مضوي الصديق ود عياش” (سائق) قائلاً: (ما في خدمات بالموقف وقد تكون لسلطات المحلية وجهة نظر مختلفة بعد إضافة الخطوط الجديدة)، واستطرد: (ستات الشاي شالوهن مننا، كل يوم يطاردونهن بالكشات ويغرمونهن 100 جنيه ومافي مطاعم أو موية).. أما السائق “محمد بشري” فقد شكا من فقدان السوائل لعدم وجود أكشاك مشروبات بالموقف سيما أنهم يقضون جل وقتهم به قائلاً: (نحن فقدنا سوائل لعدم وجود محل نشتري منه عصير، زمان في الاستاد كان الأمر ساهل بالنسبة لنا).
ومستنكراً بدأ الكمسنجي “عثمان علم الدين” حديثه عن إضافة خطوط جديدة قائلاً: (يا أستاذة نحن موية شراب ما لاقينها في الموقف دا وكل مرة يقولوا جايبين خطوط جديدة ومافي حاجة بتجي، الموقف دا ما فيه خدمات).
{ مطالب بالعودة لموقف الاستاد
مطالب السائقين جاءت جميعها تحمل قاسماً مشتركاً وهماً واحداً حول ضعف الخدمات ومعاناتهم في الانتظار لساعات إلى حين شحن المركبات التي تستغرق ساعات في أوقات عديدة بجانب مخرج ومدخل الموقف الذي وصفوه بالمعضلة، إذ إنهم يقضون زمناً طويلاً في انتظار تحول الإشارة الحمراء إلى خضراء بالقرب من (استوب) الأسنان. “محمد أحمد الجيلي” أكد لـ(المجهر) عدم ارتياحه في العمل داخل “شروني” قائلاً: (الموقف مخرجه واحد ومعاناتنا تزداد بجانب استوب الأسنان مما يضطر الكثيرين منا للشحن خارج الموقف)، وزاد: (المواطنون أيضاً متضررون من قطع المسافات الطويلة، ونحن نطالب بإرجاعنا إلى الاستاد مرة أخرى والإتيان بمواصلات جنوب الخرطوم إلى هنا حتى تسهل عملية خروجهم من الموقف)، واستطرد: (نحن زمان كنا بندخل عبر طريق المريديان لكن تم منعنا، لذلك لو عايزين يخلونا هنا يخلوا مدخلنا عبر المريديان).
{ نفايات بـ(98) جنيهاً لكل عربة
“قمر الدين طالب” و”عبد اللطيف عبد العزيز” (سائقان) أبديا تذمرهما حيال الأوضاع التي يقاسونها، فقد أكد “قمر” أنه قضى ليلته أمس بالموقف نسبة لعدم وجود ركاب فضلوا الذهاب إلى مناطقهم عبر خطوط مختلفة بدلاً عن المجيء لهذا الموقف- على حد تعبيره- وقطع المسافات وإهدار المال وقال: (أيام الاستاد كان شغلي مية مية) واستطرد: (كمان جابوا لينا فاتورة نفايات بمبلغ (98) جنيهاً لكل مركبة ونحن، بعض مرات، اليوم كله ما بنقدر نوفر المبلغ دا)!!
وفي السياق، أبدى “محمد عبد الوهاب” القائم على أمر الموقف انزعاجه من إضافة هذه الخطوط، مطالباً بإرجاعها إلى الاستاد، قائلاً: (هذه الخطوط ستحدث دربكة شديدة خاصة أن الموقف يفتقر للخدمات، فالسائقون يأخذون عربة للذهاب للإفطار خارج الموقف، بينما ينتظر مساعديهم عودتهم حتى يذهبوا هم بدورهم لتناول إفطارهم كذلك).
ولفت “جمال عبد الرحمن” (مسجل منفستو) إلى زيارة المعتمد للموقف واعداً بإضافة خطوط كل من (الصحافة ـ السلمة ـ مايو ـ الجريف ـ المعمورة)، ونفى في الوقت ذاته حدوث ربكة شبيهة بتلك التي حدث عند افتتاح الموقف، مقراً بضعف كبير في الخدمات.
{ مواطنون يسخطون
الولي السابق “عبد الرحمن الخضر” أكد في تصريحات سابقة لدى افتتاحه موقف “شروني” أن قرار تحويل مواقف المواصلات إلى محطات ربط سريعة، جاء للتسهيل على المواطنين في الوصول إلى أماكن عملهم وسكنهم بعد أن أصبحت المواقف طاردة للحافلات بسبب التكدس وصعوبة الدخول والخروج منها.. وبالرغم من تصريحاته تلك إلا أن معاناة المواطنين ظلت قائمة ومستمرة إن لم تكن في ازدياد، حتى في عهد حكومة الولاية الجديدة التي لم تحرك ساكناً حيال مشهد المعاناة الذي جسدناه عبر جولة قصيرة ونحن نلحظ أقدام المواطنين تنوء عن حملهم في أعقاب قطع بعضهم مسافات طويلة راجلين من الاستاد، حسب إفادات بعضهم، بينما أفرغت تعرفة المواصلات الجديدة جيوب آخرين جراء ركوبهم عدداً من المواصلات للوصول إلى موقف “شروني”، ولسان حالهم يقول (المضطر يركب الصعب).
“شمس الدين محمد عبد الله” (أعمال حرة) شكا لـ(المجهر) معاناته التي يلاقيها في هذا الموقف، لافتاً إلى أن الوضع في الاستاد كان أفضل، قائلاً: (زمان المواصلات كانت متوفرة لكن الآن لابد من الركوب حتى تصل الموقف ولو عايز شربة موية ما بتلقاها).
“مريم عبد الله” (موظفة) من سكان منطقة العسيلات، لفتت في حديثها لـ(المجهر) إلى حجم ما تعانيه يومياً في رحلة الهجرة شرقاً إلى منطقتها، قائلة: (داخل هذا الموقف وجدنا معاناة لا توصف، فأنا آتي من شارع المستشفى راجلة، وفي أوقات كثيرة لا أجد مواصلات وأحياناً إن وجدت أقضي قرابة الساعتين حتى تمتلئ المركبة، بجانب أنني في ظل التعرفة الجديدة أصبحت أنفق يومياً حوالي 30 جنيهاً للمواصلات فقط بدلاً عن 10 جنيهات كنت أنفقها سابقاً)، وأضافت: (الناس بقت تركب أي حاجة للوصول إلى منازلها بدلاً عن الدخول إلى الموقف).
{ هل أكملت المحلية الترتيبات؟
يشار إلى أن تحويل خطوط المواصلات لموقف “شروني” في العام 2013 فاقم من أزمة المواطنين الذين تناثروا وسط الخرطوم حينها، وهم يستوقفون الناس ليدلوهم إلى وجهتهم بعد أن اختلطت عليهم الطرقات وهم تائهون في الدروب دون معلم واضح لهذا الموقف الجديد الذي عده الكثيرون غير موفق وغير مدروس، وما لبث أن عادت معظم الخطوط أدراجها إلى الاستاد مرة أخرى بعد أن بقي أصحاب الخطوط المذكورة سالفاً يعانون سوء الخدمات في ظل غياب تام لمحلية الخرطوم التي أعلنت أمس الأول انتقالاً جزئياً لخطوط المواصلات من موقف (كركر).. فهل أكملت المحلية ترتيباتها لتوفير الخدمات؟ أم يبقى الحال كما هو؟؟